آراؤهم

نجمة داود تسطع في سماء الخليج

لا يكاد يمر يوم دون أن نقرأ خبر عن زيارة أو فعالية بين دولة خليجية و اسرائيل. ازدهرت أغلب هذه الفعاليات التطبيعية تحت غطاء المشاركات الرياضية، و ملاحة الطيران و تبادل الخبرات التقنية و (الأمنية).

هذه الأحداث في وتيرتها المتسارعة  و المتدرجة تجعل من السهولة التنبؤ بخطوات التطبيع القادمة التي ستكون في مستوى أعلى و أشمل، و أن الهدف من كثافة بث هذه الأخبار و عدم نفيها هو تهيئة الرأي العام و تهجينه على اعتياد الوضع، حتى لا تكون ردود الأفعال عنيفة عندما ترفرف نجمة داود في سماء الخليج.

هذه الأخبار تتدفق بقوة في القنوات الاخبارية و تراوحت بين مشاركات رياضية متبادلة في فرق الجمباز و الدراجات الهوائية وصولاً إلى استقبال وزيرة رياضة اسرائيل و التجول بها حول معالم أحد عواصم الخليج. في اكتوبر الماضي وفي وضح النهار زار نتنياهو أول عاصمة خليجية، وبتلك الزيارة انتهت مرحلة تهيأة الرأي العام للتطبيع و انتلقنا إلى مرحلة التطبيع الرسمي المعلن.

السؤال المنطقي هو كالتالي، و ما الضير في التطبيع مع اسرائيل؟ هل مقاطعتها ستحرر القدس؟ و الإجابة على هذا السؤال تكون من خلال معرفة المكاسب من التطبيع، هل التطبيع سيحرر القدس؟ و يعيد الحقوق لأصحابها؟ إذا التطبيع لا يعيد القدس ولا يعيد الحقوق إذاً ما الجدوى من ذلك! هل دول الخليج بحاجة اسرائيل اقتصادياً أم العكس؟ نفهم أن الاسرائيليين سيتفيدون من التطبيع بفتح الاسواق الخليجية لمنتجاتهم التقنية و (الأمنية) وسيجدون لهم عمق استراتيجي بديل عن البحر المتوسط و مكاسبهم في ذلك كثيرة لا تعد.

أما دول الخليج لمّا تطبع فلا هي التي حررت القدس و لاهي التي تمسكت بمبادئها و ثوابتها المتمثلة بمبادرة الملك عبدالله التي تنص على أن عودة الأرض هي المقابل للسلام و ما يليه من تطبيع.

سيكون تطبيع الخليج المجاني مع اسرائيل وصمة عار خالدة في جبين من بادر بها و شّجعها ورضي بها. و العذر الأقبح لذلك هو أن التحالف مع اسرائيل هو لمحاصرة ايران. علماً أن خلافنا مع ايران ينحصر بنظام الملالي الذي قد يسقط في أي وقت أما ايران البلد و الشعب فيجمعنا معهم الجوار الجغرافي و دين الاسلام. عكس اسرائيل التي يتجذر الصراع معها على أساس ديني و عرقي و أخلاقي لا يزول إلا بعودة القدس و باقي الحقوق.

لا أرغب في أن يسلك هذا المقال منحنى الخطب العصماء و العنتريات الجوفاء التي استغلت عاطفة الشعوب ولم تحرر شبراً إبان المد الناصري. و لا نمني الأنفس اليوم بتحرير الأقصى وإننا لنعلم ما لدينا من معطيات فلا صلاح الدين بيننا و لا المعتصم حي يرزق. إن غاية ما نرنوا إليه هو وقف الإنغماس في وحل التطبيع وإبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه حتى يقيّض الله لهذه الأمة من يعز شأنها و يسترد حقوقها و كرامتها.

ختاماً، أدعوا أبناء الخليج المناهضين لهذه الموجة التطبيعية أن يقوموا بدورهم المدافع عن الحقوق الاسلامية و العربية و الأخلاقية المسلوبة من الصهاينة. و أن يصدعوا برفضهم القاطع لهذه الهرولة المجانية المنافية لروح الاسلام و لكرامة العرب بكل ما يمكلون من أدوات عقلانية، ابتداءً من وسائل التواصل الإجتماعي و انتهاءً بدعم مقاومة اخواننا الصامدين في فلسطين، مروراً بنشر الوعي و إبقاءه حياً حتى لا يتهجن الرأي العام الذي يعتبر كما قال نتنياهو العائق الوحيد أمام حملات التطبيع المجاني.

خالد الصيفي