آراؤهم

لِنهاجر..!

إن الوطن هو أعز ما يملكه الإنسان، هو المكان الذي من المفترض أن يشعر فيه المواطن بكرامته وحريته، والمكان الذي يضمن له الأمن الإقتصادي، و السياسي، و الإجتماعي والشعور بالأمن من أية أخطار داخلية او خارجية.

ولكن كما هو مُلاحظ تزايدت مسألة الهجرة مِن الوطن العربي إلى الدول الأجنبية في الآونه الأخيرة للأسف، فخرج الملايين من أوطانهم إلى دول اخرى بقصد المكوث فيها بشكل دائم، وذلك لأسباب سياسية، اقتصادية، إجتماعية وأمنية، حتى دول الخليج التي ينعم افرادها بوفرة مالية لم تسلم من هذه المسألة ايضا.

في حديقة الهايدبارك في لندن وتحديداً يوم الأحد نهاراً، تصبح هناك نقاشات ذات سقف عالي بين مختلف الأراء السياسية والدينية. فهذا يدعوا للإسلام وذاك للمسيحية، وآخر يتحدث عن قضية فلسطين ومن حوله صهاينة، وهناك نقاش حاد بين ملحدٍ ومؤمن، وكل طرف من هؤلاء يناقشه مجموعة من الناس المختصين وغيرالمختصين.. وبعد ذلك بدقائق او ساعات الكل يذهب حيثُ يشاء من غير أي إزعاج او قبض او تحقيق او سجن او تعذيب!!

اما عندنا في الوطن العربي فالكُتب تُمنع، والسياسي يُلاحَق، والمسرح يُراقب، والمغرد يُسجن فقط لأنه عبّر عن رأيه من غير أن يعتدي على أحد! فلا نواجه الحجة بالحجة، ولكننا نواجهها بالمنع والقمع.. إذاً ليس هناك حرية رأي، وليس هناك حيادية في الأمر، فإما أن اكتب ما تعتقد به وأقول ما تريد سماعه وإلا فأنا غير حر، هذا مفهوم الحرية لدينا!!

وندعي بأن الحرية تؤدي إلى الفوضى بينما العكس هو الصحيح، فلنقارن اذاً بين بعض الدول الأوروبية حيث الحرية وبين بعض الدول الدول العربية حيث القمع، ولنرى من منا الذي يعيش في فوضى؟

لنرجع إلى موضوعنا الأساسي.. كثرة الهجرات من الوطن العربي لماذا يا تُرى؟

هل الدول الأجنبية أصبحت قادرة على حماية أبنائنا وبناتنا أكثر منا؟

الا يتطلب ذلك أن نراجع أنفسنا و قوانيننا؟

الا يتطلب ذلك أن نراجع حتى بعض عاداتنا وتقاليدنا؟

الا يوجد هناك من يَقتل إمرأة مشتبه بها بالزنا؟ حيث يعطي لنفسه حق القاضي و رئيس السلطة التنفيذية فيحاكمها ويحكم عليها وينفذ الحكم! ويحدث ذلك كثيراً في كل الدول العربية!

الا يوجد من تُعنَف من أسرتها أو زوجها ولكن بسبب عادات المجتمع يجب لا تفصح عن ذلك؟ وقد هاجر الكثير جراء ذلك.

الا يوجد من يحصل على شهادات عُليا ولكن لا يوجد في وطنه المختبرات والفرص الكافية ليبدع ويكمل مسيرته؟ فيضطر أن يعيش ويُدرِس في الخارج وبذلك يستفيد منه الغير!

ألم يهاجر الملايين من بلادهم بسبب الحروب الطائفية والحركات الإرهابية والفكر المتطرف؟

الا يوجد من يُسجن ويُعذب ويُحارب فقط لأنه عبر عن رأي سياسي مخالف لرأي السلطة أو رأي ديني مخالف للرأي السائد؟ مما جعلهم يطلبون اللجوء لدى دول اخرى!

أن يفقد الإنسان وطنه ويعيش خارج أسواره أمر محزن جداً، فعلينا جميعاً أن نهاجر من الوضع الحالي إلى وضع افضل منه وهذا ما قصدته من عنوان المقال، أن نهاجر من الطائفية الى التسامح، من العنف ضد المرأة إلى احترامها، من الإضطهاد الديني والسياسي إلى حرية الرأي والمعتقد التي تكفله اغلب الدساتير العربية من غير العمل بها وترجمة هذه النصوص على ارض الواقع، نهاجر من الفقر بالنسبة للدول الفقيرة الى إدارة جيدة للدولة تكفل للناس فُرص العمل والمال، اذا هاجرنا بذلك فلن يهاجر أحد من بلده، ولكن إلى أن يأتي هذا اليوم ونقوم بذلك سوف يهاجر الكثير حينها والأيام ستشهد!

11 تعليقات

أضغط هنا لإضافة تعليق