كتاب سبر

القاضي الذي نريد

الهجوم الشرس على المستشار د. نايف خالد العرو كرد فعل على الحكم الصادر تجاه  قضية سحب جنسية النائب  السابق عبدالله البرغش ( عدم الإختصاص ) ، تعبير صارخ عن ثقافة ” التخلف ” تلك التي كادت أن تطيح بمؤسسات الدولة لولا تدخل سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في الوقت المناسب ، ولازلنا نتذكر عبارته الشهيرة “راحت إلا شوي”.
تلك  الثقافة لاتستطيع التفريق بين حكم المؤسسة ( النص ) وحكم الشخص ، وهي  بالتبعية تكره المؤسسة بشكل عام إذ تعودت مثل تلك الثقافة على كره التقييد والإنطلاق كبديل في الفضاء الرحب في إطار من ” الفزعة ” القبلية ، وتلك أي  ( الفزعة ) بعيدة عن كل البعد عن فهم أن للدولة حقوق شبيهه بحقوق الأفراد لابد من إستيفاءها.
المفردات المستخدمة كرد فعل على الحكم ( شتائم ، تطاول ، تجاوز ، سخرية ) أتت من عمق ثقافة ” متوحشة ” كانت إلى وقت قريب تصفي حساباتها بالعنف ، ولولا  ثقافة المدينة التي هذبتها قليلا وحولتها من عنف إلى شتيمة في إطار التطور الإجتماعي لكانت العواقب وخيمة ، لكن مايعزينا أنها في طريقها إلى الإنحسار بشكل كامل من خلال إجراءات الحكومة المتوقعة خلال الفترة المقبلة.
المستشار العرو لم يحكم إلا بما يمليه عليه النص القانوني وضميره وهذا نهج القاضي الذي نريد ، وقد أرسى ذلك الحكم قاعدة مهمة أكد بها وأستشهد في ذلك لحكم المواطن سليمان بوغيث الناطق بإسم تنظيم القاعدة ، وحكم إعادة الجنسية المسحوبة لأحد أفراد الأسرة الحاكمة ، وهما حكمان صدرا من دائرتي إستئناف مختلفتين ، ويؤشران إلى أن المحكمة تختص بسحب وإسقاط جنسية من ولد لأب كويتي يحمل والده الجنسية الكويتية ، وهذا التطرق من المحكمة كان بغرض إزالة اللغط واللبس لدى عموم الناس فيما أعتقدوا أنه تمييز لأبناء الأسرة وغيرهم من بقية الشرائح الإجتماعية.
هناك فرق مابين إستحقاق الأب للجنسية وعدم حصوله عليها لأي سبب وبين حملها والحصول عليها ، وهناك خلط في أذهان الناس بين إستحقاق الجنسية وإختصاص المحكمة ، وعدم الإختصاص بالمناسبة لايعني صحة قرار السحب أو عدم إستحقاق شخص ما للجنسية ، هناك فرق كبير بين  كل تلك المصطلحات وفهمهما يتطلب أن يكون المتلقى على درجة عالية من الوعي. 
أمر محزن أن يدفع البعض بخروجه عن الأطر الدستورية الصحيحة الدولة إلى الخروج هي الأخرى عن تلك الأطر ، وقد حذرنا في  أكثر من مناسبة سابقة أن الخروج عن الساحة الدستورية في معارضة الحكومة يعني ” شرعنة ” خروجها ( الحكومة )  عن الساحة الدستورية أيضا ، وضحايا عدم الفهم ذاك هم من تسبب في الحالة المأساوية التي تعيشها أسرة النائب السابق عبدالله البرغش التي في كل الأحوال لن تتمكن من العودة إلى وضعها السابق بسببهم.