كتاب سبر

الفيل كبر يا حضر

من المسرحيات الجميلة مسرحية “طماشة” التي قدمها الفنان الراحل محمد السريع مع نخبة من فناني الكويت والخليج العربي في بداية الثمانينيات، ومن أجمل مقاطع تلك المسرحية الشهيرة مقطع غنائي يغني فيه الفنان محمد جابر: (الفيل كبر يا ناس وقام يكسر بـ بيتي). تاريخ فني نفتخر به وعمل إبداعي يمثلنا جميعاً ولا شك حتى وإن “لوثّه” استخدام (نائب الصدفة) محمد الجويهل له في قناته المقبورة “السور” في إشارة إلى أن الفيل هم أبناء القبائل وأن المقصود بالبيت هي الكويت.
الفيل كبر بالفعل، ولكن الفيل لم يكن إلا محمد الجويهل ذات نفسه وطرحه العنصري المتسلق، والبيت الذي قام هذا الفيل بتكسيره وعاث فيه فساداً حتى قلب عاليه واطيه لم يكن الكويت بل دائرة الفكر، الدائرة الانتخابية الثالثة، وأول ضحاياه هو الرصيد الانتخابي لكتلة العمل الوطني في الدائرة، حيث كبر الفيل وتمرد وبعثر محتويات الدائرة حتى دخلت كل “الفيلة” الهائجة مجلس الأمة على حساب مرشحي التيار الليبرالي والعمل الوطني.
الفيل كبر بالفعل، بعد أن ظن ليبراليو الدائرة الثالثة أنهم غير معنيين فيه ولا خطر يصيبهم جراء تمدده، فما دام الفيل يهاجم القبائل ونواب المعارضة، فلا بأس لديهم من مجاملته ومهادنته، وربما دعمه في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى بـ “الدفاع عنه”. وما دام يحارب المزدوجين فلا ضرر ولا خطر ولا حاجة إلى الاستنكار ولا إلى محاربه طرحه وفكره في المهد، فشّره برا وبعيد كما يقولون.
لم يعي صالح الملا ومرزوق الغانم وأسيل العوضي وعبدالله الرومي وعادل الصرعاوي أنهم كانوا يحقنون “الفيل” بالإبر المنشطة والهرمونات التي تساعد على نموه سريعاً حينما اشترطوا في استجواب الوحدة الوطنية الذي قدمه النائب علي الدقباسي ضد وزير الإعلام السابق الشيخ أحمد العبدالله سحب أي محور يتطرق لـ “الفيل” أو قناته الموبوءة. 
ولم يدر في خلد هؤلاء أن رفض ثلاثة منهم لطرح الثقة في الوزير الذي تقاعس عن تطبيق القانون على قناتي سكوب والسور ليس إلا ضوءاً  أخضر لهذه القنوات باستهداف قواعدهم وتحويلها إلى غيرهم ليدفعوا هم ثمنها لاحقاً ما بين منسحب وخاسر في سباق الانتخابات!
مؤسف بالفعل أن يحصد “الفيل” وزميله مقاعد التيار الليبرالي في الدائرة الثالثة، ولكن ما هو أكثر مدعاة للأسف من ذلك ألا يعترف “مجاملو الأمس” بأنهم هم السبب في حصده لكراسيهم من خلال تساهلهم مع انتشار فكره وطرحه السيئ في دوائرهم من دون أدنى مقاومة من قبلهم، بل وفي تبنيهم لطرح قريب جداً من طرحه في الحملة الانتخابية الأخيرة ظناً منهم أنهم بذلك سيسحبون منه القواعد التي “سرقها” منهم خلال العامين الماضيين.
الفيل بالتأكيد كبر، وتمدد، وعاث فساداً، وكسّر بيت التحالف والمنبر وبقية نواب الحضر والشيعة في الدائرة الثالثة، لذلك أقطعوا دابر هذا الفكر العنصري المنتشر في دوائركم وحاربوه ولا تجاملوه قبل أن تفكروا في استعادة مقاعدكم مرة أخرى في مجلس الأمة.
سعود عبدالعزيز العصفور
salasfoor@sabr.cc
@saudalasfoor