محليات

اعتبرت ان البلاد تعيش أخطر أزماتها منذ الغزو
برنامج الكويت في لندن: الأسرة الحاكمة تكافح رياحا عاتية

* 100 ألف شهدوا مسيرة 21 اكتوبر وأسرة الصباح تواجه إصرارا شعبيا

 

قالت الباحثة كريستين كوتس أورليتش المديرة المساعدة لبرنامج الكويت للأبحاث بجامعة لندن، وهو برنامج تموله مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (KFAS) بالكويت والتي يرأس مجلس إدارتها سمو أمير البلاد-حفظه الله ورعاه ,أن الكويت تعيش أزمة سياسية كبيرة مما يشكل أكبر خطر على البلاد منذ تحريرها بعد حرب الخليج عام 1991.

وأضافت كاتبة التقرير الذي بثته البي بي سي  تعاني الكويت من حالة جمود ناتجة عن استقالة تسع حكومات منذ عام 2006، حيث إن الخلاف الأساسي يدور حول صراع على السلطة بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء المعين من قبل الأمير.

وتابعت : بينما الصعوبات في الكويت تختلف عن الاضطرابات الإقليمية واسعة النطاق، ويستحث الربيع العربي المعارضة الشعبية والسياسية التي عبرت حتى الآن محرمات الخطوط الحمراء المسموح بها للمعارضة ، والنتيجة هي مواجهة بين عائلة الصباح الحاكمة وفئات أكبر وأكثر إصرار من الشعب الكويتي.

بدأ الجمود الحالي في صيف عام 2011 عندما بدأت مجموعات الشباب التي تدعو إلى استقالة رئيس الوزراء آنذاك الشيخ ناصر محمد الصباح، وهو ابن شقيق الأمير، وتصاعدت مظاهراتهم الأسبوعية في سبتمبر أيلول عندما تسربت أخبار حول فضيحة فساد سياسي هائل تنطوي على تحويلات مالية ل 16 من 50 نائبا من نواب الكويت وذلك مقابل دعم سياسات الحكومة.

وأضافت البي بي سي في تقريرها: بلغ التوتر ذروته في نوفمبر بعد حظر المحكمة الدستورية محاولة برلمانية لاستجواب رئيس الوزراء بسبب الفضيحة، فاقتحم نحو 100 متظاهر، بما في ذلك أعضاء البرلمان لفترة وجيزة مبنى مجلس الأمة. وعلى الرغم من أن الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح قد تعهد علنا على عدم الرضوخ لضغوط الشارع، إلا أن عشرات الآلاف من الكويتيين أقنعت الأمير بإقالة الحكومة.

انقلاب على الدستور: وتم استبدال رئيس الوزراء من قبل نائبه الشيخ جابر المبارك الصباح، وهو عضو آخر بارز في الأسرة الحاكمة، وكان حل البرلمان في انتظار إجراء انتخابات جديدة في فبراير 2012. أسفرت هذه عن فوز أغلبية ساحقة معارضة غالبيتهم أعضاء قبليين وإسلاميين وظفروا بـ 34 مقعداً. واستمر برلمان 2012 لمدة أربعة أشهر مضطربة حتى أبطل وبشكل مفاجئ في 20 يونيو. شهدت الأربعة أشهر خلافات متكررة لنواب ووزراء في الحكومة واستقال وزير المالية واستقال أيضاً وزير الشؤون الاجتماعية والعمل.

وتصاعدت التوترات السياسية بعد تعليق أمير البلاد مجلس الأمة لمدة شهر في 18 يونيو، وبعد يومين فقط صدر حكم من المحكمة الدستورية التي أبطلت انتخابات فبراير وإعادة البرلمان الذي تم حله في ديسمبر 2011.

وأضاف الباحثة بتقرير البي بي سي: وقد أدت هذه القرارات المذهلة بالكويت إلى صيف من عدم اليقين وتبادل الاتهامات واتهمت المعارضة المحكمة بالاستجابة لضغوط الحكومة والقيام ‘بانقلاب ضد الدستور.’

وخلال شهري يوليو وأغسطس حاول البرلمان العائد بالقانون (2009) العودة للانعقاد مرتين، ولكن في كل مرة فشل في تحقيق النصاب القانوني لأن الأغلبية من النواب قاطعوا الجلسات.

وبعد إعلان إعادة برلمان (2009) ‘الميت سريرياً’ في منتصف أغسطس، استفزت الحكومة المعارضة مجددا من خلال التوجه للمحكمة الدستورية للبت في دستورية قانون الانتخابات. يذكر أن الدوائر خمس تختار كل منها عشرة نواب والذي استبدل بمطالبات شبابية عام 2006 نظام 25 دائرة أقرته الحكومة عام 1981 وهو ما اعتبر في حينه محاولة من الحكومة للتأثير على نتائج الانتخابات لصالحها. وقد أخطأت الحكومة بحساباتها بتعديل قانون الانتخابات الذي فرضت تعديله عام 2006 مطالبات شبابية مرتبطة بشبكة المعلومات كمؤشر على جيل سبق تحركات شباب الربيع العربي.

ووسط أجواء من التوتر وبحضور مكثف لشرطة مكافحة الشغب المحيطة بالمبنى، رفضت المحكمة الدستورية في 25 سبتمبر محاولة الحكومة لإعادة رسم الخارطة الانتخابية. فحل الأمير البرلمان مرة أخرى ب7 أكتوبر، ولكن تأخر الإعلان عن موعد الانتخابات القادمة حتى 20 أكتوبر تشرين الأول.

وقد أثارت المعارضة الشكوك حول محاولة تغيير قانون الانتخابات بمرسوم – وهو ما فعله الأمير في 19 أكتوبر تشرين الأول حيث جاء التعديل بتخفيض عدد الأصوات التي يدلي بها كل كويتي من أربعة لصوت واحد. ‘هاوية الاستفراد بالسلطة’

وجاء رد الفعل السياسي سريعان فتعهدت أكثر فئات المعارضة والنواب من مختلف الأطياف بمقاطعة الانتخابات المقبلة، لتعود الأحداث بالكويت إلى الشارع السياسي المضطرب.

وقد حضر الآلاف مظاهرة أمام مجلس الأمة يوم 15 أكتوبر، ووجه المعارض البارز مسلم البراك خطاباً للأمير غير مسبوق. فالبراك، الذي حصل على أعلى عدد من الأصوات في تاريخ الكويت السياسي في فبراير الماضي، قال بخطابه : ‘لن نسمح لكم، صاحب السمو، على الأخذ بالكويت نحو هاوية الاستفراد … لم نعد نخشى سجونكم والعصي الخاصة بكم ، ‘بينما هتف الحشد بتحدٍ ‘ لن نسمح لك، لن نسمح لك. ‘

أرسلت تصريحات البراك الحارقة موجات من الصدمة في البلد بانتقاده العلني للأمير وهو أمر من المحرمات. فانتقلت بعد الخطاب شرطة مكافحة الشغب لتفريق التجمع واعتقلت عددا من المتظاهرين، من بينهم الابن البكر لزعيم المعارضة المخضرم ورئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون.

ووجهت النيابة العامة أيضا اتهامات ضد البراك واعتقلت ثلاثة من السياسيين المعارضين الآخرين الذين شاركوا في تظاهرة في وقت سابق في 10 اكتوبر . وهكذا، كانت التوترات السياسية بالفعل عند نقطة الغليان قبل إعلان الأمير قراره بتعديل قانون الانتخابات.

وكان آخر تجمع حاشد في 21 أكتوبر واحدا من أكبر التجمعات في تاريخ الكويت، حيث وصل عدد المتظاهرين إلى 100،000 شخص، اصطدموا مع شرطة مكافحة الشغب وهم يرددون مرة أخرى ‘لن نسمح لك. ‘ وقد اعتبر هذا التصعيد الشامل تحد للأسرة الحاكمة، التي اتخذت خطوة غير مسبوقة بإصدار بيان يدعو إلى طاعة الأمير.

وأضاف التقرير : ولقد عاشت الكويت أحداثا شبيهة في عام 1986، حين علق أمير البلاد حينها الشيخ جابر الأحمد الصباح البرلمان وتقلصت الحريات المدنية وحرية تشكيل التجمعات.

وبعد ثلاث سنوات، بدأت حملة نشطة لاستعادة الديمقراطية وممارسة ضغوط حقيقية على الأسرة الحاكمة. تولد عنها مجلس وطني صوري في محاولة لامتصاص الاحتجاجات.

وقد رفض معظم الكويتيين هذه الخطوة على أنها غير دستورية ورفضوا المشاركة في الانتخابات التي تلت ذلك، وتوقفوا فقط بسبب أزمة كبيرة واجهتهم بالغزو الصدامي يوم 2 أغسطس.

وقد تشابكت التعقيدات بسبب فشل المعارضة الإسلامية إلى حد كبير فشل في تقديم رؤية بديلة ذات مصداقية، وقد شابت هذه الأمور هيمنة المناكفات السياسية وتقديم المشاريع الشعبوية، مثل اقتراح تشريع عقوبة الإعدام على المسيء للدين.

مرحلة حرجة:

أسابيع متوترة تنتظرها الكويت مع اقتراب التصويت في 1 ديسمبر. فلقد كانت البلاد في طليعة الديمقراطية في منطقة الخليج، فالكويتيون حساسون بشكل كبير تجاه حقوقهم الدستورية والسياسية، وسيعارضون أي محاولة جديدة للحد منها أو تهميشها.

ومع تمسك الأسرة الحاكمة والمعارضة بموقفهما، لا يلوح في الأفق بادرة أمل لحل الأزمة، بل تشنجت المواقف وازدادت موجة التصعيد، حيث تطالب المعارضة بحكومة منتخبة ووضع نهاية لتغيير قواعد اللعبة لهيمنة عائلة الصباح على السلطة التنفيذية.

وكان رد الأمير على الفور باستدعاء أمراء القبائل لإعلانهم الولاء والطاعة. وهي علامة على إن الأسرة الحاكمة تكافح للتعامل مع رياح التغيير العاتية في المنطقة برمته.