آراؤهم

البدو (( والهكرة ))

في إحدى المقابلات التي أجرتها قناة الوطن مع الباحث الكويتي خالد الرشيد حول بعض المسلسلات الكويتية القديمة، كان يتكلم بغضب ونقد جارح وبكل قسوة على الممثلين والمخرجين للأعمال الدرامية القديمة واتهامهم بتشويه صورة الآباء والأجداد وتشويه صورة المجتمع الكويتي السابق وضرب مبادئ القيم الاجتماعية التي جبل عليها أبناء ذلك الجيل، وذلك من خلال مشاهدته لبعض العادات التي تم إدخالها في مشاهد الأفلام وبعض المفردات التي لم يكن يتحدث بها الأجداد. انتهى اللقاء.
أعجبني كلام الأخ الكريم خالد الرشيد “الحضري” وأعجبتني غيرته الشديدة واللا محدودة تجاه تراث آبائه وأجداده، حتى وان نظر إليها البعض على أنها أخطاء صغيرة، حيث اعتبرها تشويها لما كان عليه الأولين من قيم وعادات من بعض الممثلين في تلك المسلسلات حتى وان كانت بدون قصد منهم وبشكل عفوي.
ولكن أصابني بعدها حزن شديد بقدر ما أعجبني كلامه، وشعرت بمدى الضعف والجبن الذي نعيشه في مجتمعنا القبلي والبدوي وعيشة اللا إحساس منذ عشرات السنين “وكل ساقط ولاقط”.. “وكل إمعة وكاولي” ادعى التمثيل والكتابة، وهم يكتبون ويمثلون ويخرجون التشويه المتعمّد بكل المعايير، حقيقة مجتمعاتنا القبلية وما جبلت عليه من تربية وقيم وأخلاق نجدهم من الشمال “كواولة” العراق و”نور” سورية مرورا بالوسط “فلسطينيي الأردن” وفي الجنوب القصبي وشلة القصبي قد قاموا بنسف كل تلك القيم والمكارم، وقاموا بالتركيز على تصوير آبائنا وأجدادنا على أنهم مجموعة من “المرتزقة والإمعات” أو قطيع من السافلات والساقطات التي ليس لها هم سوى البحث عن الحب والعشق و”التعاليل” مع الفرسان إذا ما نام بقية أفراد القبيلة؟ 
كل تلك السنوات وهذا التشويه والطعن ولم نجد فينا أي “خالد الرشيد” أو من يحرّك ساكنًا لا من قريب ولا من بعيد ولو بحرف واحد لتوضيح الصورة الحقيقية للمجتمع “البدوي” وما يملكه من عادات وقيم لا تقل عن بقية المجتمعات، كل تلك السنوات من الضرب تحت الحزام لم نجد غيورًا واحدًا يطالب بشطب أو استنكار لما يتم عرضه، بل العكس كنّا دائما نصفّق ونطبّل خلفهم بالضحك لما يسردونه لنا، وكأننا نقر ونعترف بما يقولونه ويصورونه للخارج عن قبائلنا، وكأننا نقول نعم ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا تكون من مجموعة من المرتزقة والإمّعات التي لم يكن لها في الحياة هدف سوى العيش كالأنعام التي نربيها، حيث نطعمها لتتكاثر ونأكل ونشرب معها والبحث عن الفسق والفجور فيما بيننا؟
هذا ما تصوره لنا المسلسلات البدوية في اسمها والكاولية والنورية في أبطالها ومخرجيها.. فهل ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا هكذا بالفعل؟