كتاب سبر

في مقال بعنوان "سني شيئي كِله وتني..جيبه آش"
حمد السنان يتساءل: هل نعيش مرحلة صبغ المجتمع بصبغة ولاية الفقيه؟

هل نعيش مرحلة التطبيع فعلاً؟.. أو “مرحلة صبغ الكويتي بصبغة ولاية الفقيه؟”.. كما يقول الكاتب حمد السنان في مقاله “الساخن”. 

في هذا المقال يسترجع السنان ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية التي شهدت أحداثاً (لم تكن مألوفة) رافقت الاحتفال بذكرى استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنهما.

يقول السنان في مقاله: 
شهدنا من الصادرات في احتفالات عاشوراء مالم نشهد مثله من قبل، حيث احتفل برفع راية الحسين في أجواء عسكرية، وشحن طائفي بلغوا فيه الغاية (…) ثم التصعيد برفض إزالة التعديات، وشتم وزير البلدية ومطالبة معصومة “الليبرالية” رئيس الوزراء بالاعتذار على شاشة التلفزيون لأنه أساء إلى “الوطنية والشعب الكويتي”… 

هنا المقال.. والرأي لكم:

“سني شيئي كِله وتني..جيبه آش”

حمد السنان
لمّا كنا صغارًا نذهب إلى الخباز الإيراني الذي لم يكن حينها إلا إيرانيًا، لم نكن نعبأ بالعلبة الخضراء الموجودة قرب التنور أو على طاولة الخبز المكتوب عليها عبارة “حسين مظلوم”، فلم نكن نعلم من حسين مظلوم، ولِم هو مظلوم، ومن ظلمه، ولمّا كنّا على مقاعد الابتدائي والمتوسط، بل حتى الثانوي، لم نجد من يجادلنا في أبي بكر أو يطعن على عائشة أو يلعن عمر، ثم دخلنا الجامعة وخرجنا منها، لم نر من يتشح بالسواد ويجاهرنا بعبارات التحدي على سيارته وملابسه، أو على ملصقات كتبه، أما شعائر عاشر محرم فلم نكن نلحظ منها مايلفت نظرنا، لأنها كانت مقتصرة على ما يدور داخل الحسينية، مما نعلم بعضه ونجهل أكثره. ولم يكن ثمة أعلام أو رايات سوداء ترفع، فإن رفعت نادرًا فعلى أسطح الحسينية.. ولمّا دخل أحد الناخبين – كما أخبرني بذلك أحد أبناء الرميثية – المقر الانتخابي للمرحوم النائب الأسبق إسماعيل دشتي يسأله ماذا تقول في السنة والشيعة؟ أجابه وهو ينادي عامل المخيم: “سني شيئي كِله وتني..جيبه آش”.
بهذه العفوية يعيش شيعة الكويت وسنتها، حتى حطت طائرة “الإيرفرانس” بالخميني في طهران 1978 برعاية “الشيطان الأكبر” تحت سمع وبصر السافاك والحرس الشاهنشاهي والجيش الإمبراطوري دون أن تطلق رصاصة واحدة، ليتولى الثورة، ثم ليستولي لنفسه على المرجعية، ويجعلها فارسية في قم، بعد أن كانت عربية في النجف، بعد تخلصه من منافسه العربي الأخطر محمد باقر الصدر، حينما وشى به عند صدام حسين عبر رسالته له من خلال إذاعة طهران العربية الموجهة إلى العراق والتي يحثه فيها على الالتحاق به في طهران على وجه السرعة، ليحاكمه بعدها صدام حسين بتهمة الخيانة العظمى كما هو معلوم.
حتى إذا استقر به النوى و”دام ظله” بدأ بتصدير ثورته “المباركة” التي لايعلم حقيقة “بركتها” إلا سنة الداخل المحرومون من المساجد، وشيعة الأحواز العرب المهضومة حقوقهم، والمنهوبة خيرات أرضهم بجريرة أصلهم، ولقد وُجد لصادرات الثورة في الكويت كثير من المستهلكين، الذين تحمسوا بدورهم لنشرها في الكويت، بل ولإعادة تصنيعها.
ولقد شهدنا هذه السنة من الصادرات في احتفالات عاشوراء مالم نشهد مثله من قبل، حيث احتفل في منطقة الرميثية برفع راية الحسين عليه السلام، في أجواء عسكرية، وشحن طائفي تعبوي بلغوا فيه الغاية، كما رأينا الرايات السوداء ترفع على أعمدة النور في الشوارع ومحطات الوقود، ثم التصعيد برفض إزالة التعديات، وشتم وزير البلدية والدعاء عليه وتهديده بالاستجواب، بل ومطالبة معصومة “الليبرالية” رئيس الوزراء بالاعتذار على شاشة التلفزيون لأنه أساء إلى “الوطنية والشعب الكويتي”، ولم يقف التصعيد عند هذا الحد، بل تعداه إلى تهديد أمير البلاد بالتجمهر أمام دار سلوى، ثم آخراً وليس الآخر، تحريض عاشور الجمهور المتأجج بـ”أننا مظلومين في الكويت”!!
إننا اليوم نعيش مرحلة التطبيع، أعني صبغ المجتمع الكويتي بصبغة ولاية الفقيه. إن هؤلاء يدفعون السلطة إلى مرحلة الاستسلام للأمر الواقع، كي تأتي بعدها مرحلة الاستلام، أعني استلام مقاليد التمكين، وجعلنا نرضخ كما حدث في لبنان والبحرين.. فماذا كان جواب الحكومة.. “الخطاب بعدم التصعيد” !!.. هكذا كان الجواب، ماذا تعني حكومتنا “بعدم التصعيد”؟ هل تعني مراعاة المشاعر؟ لو روعيت المشاعر في تطبيق القوانين، لما نُفذ قانون، ولما انتظم عمل، لكننا لو سلمنا جدلاً بذلك فأي المشاعر تريد الحكومة  مراعاتها؟ فمشاعر الشيعة الحزن على مقتل الحسين وآل بيته عليهم السلام، في هذه المواكب الحسينية والرغبة في بقائها. ومشاعر السنة هي الغضب والرفض لهذه المواكب التي تستغل لسب الصحابة والطعن على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم باسم الحسين والرغبة في إزالتها.
فمن هو المعني بعدم التصعيد؟ المخالفون للقانون وتقاليد المجتمع الكويتي وأعرافه، الذين يريدون صبغه بصادرات الثورة؟ أم الأكثرية الكويتية من السنة وعقلاء الشيعة الرافضون لهذه الصادرات الإيرانية الصفوية؟ لكن الحكومة كعادتها حينما تريد تمثيل دور الشجاع سرعان ماتنكص على أعقابها، وتنصاع للأكثر صراخاً.. وكم يتقنه هؤلاء؟
لقد أصدر وزير البلدية أمراً “بالتحقيق فيما حدث”، عندما شتمه نواب الشيعة وهددوه بالاستجواب؟ فماذا يعني وزير البلدية”بالتحقيق فيما حدث”؟ هل تريد معالي الوزير محاسبة من قام بتنفيذ القانون خوفاً من الاستجواب؟ إذن جهّز نفسك لاستجواب سنطالب به نواب السنة بسبب محاسبتك لمن قام بتنفيذ القانون.. ماهكذا تورد الإبل يا”سالم”، ولا بهكذا إدارة تدار الدولة ياحكومة؟ إننا لن نرضى أن يكون خطاب عدم التصعيد بمراعاة مشاعر على حساب مشاعر.. إن المشاعر يجب أن تتوقف أمام القانون، لأن القانون عندما وضع روعي فيه مصلحة الجميع، وليس مشاعر الجميع.
إن خطاب عدم التصعيد لابد أن يكون موجهًا لمن كان سببًا لهذا التصعيد، والعمل على منعه، وذلك بأن تعود ممارسة الشعائر إلى ماكانت عليه داخل الحسينية دون استفزاز لمشاعر الآخرين، وحفاظًا على الوحدة الوطنية التي تطالب الأخت معصومة رئيس الوزراء باحترامها.. لكنني أعلم كما تعلمون أن هذا المنطق لن يقبل به المتكسبون بدم الحسين، والمستَغفَلون بدم الحسين، وبالأخص بوجود حكومة يعلمون أنها لا تصبر على تمثيل دور الشجاع، لذا فإنهم ماضون فيما هو مخطط له من صبغ المجتمع الكويتي بالصبغة الصفوية، لكنه لابد للحكومة أن تعلم أن سكوتنا لايعني أننا سنقبل بهذه الفتنة أو نرضى بها، وأننا لن نسمح بأن تكون الكويت الولاية “32” للجمهورية الإيرانية الإسلامية كما يتمناه “المواطن” الكويتي حسين مندني في تغريدته.