كتاب سبر

خلافات الأخوة في الخليج بانتظار سمو أمير الحكمة

هل نحن على مفترق الطرق أم هي بداية النهاية لحلم جميل عشناه وغرقنا في تعقيداته رغم بطء مسيرته لمدة 30 عامًا، ولم تصل شعوبنا الطيبة لما تتمناه من هدم جدران المراكز الحدودية وتداول عملة واحدة وهوية واحدة. 
حلم عشناه كل هذه السنوات لم يتحقق منه إلا اليسير، والسبب عدم نكران الذات الفردية من أجل الجماعة، ورغم ذلك لا زلنا نحلم ونتمنى أن نصل لمبتغانا. 
لا يخلو بيت خليجي واحد من صلة قربى مع بيت خليجي آخر، فدمنا واحد ولهجتنا واحدة ولبسنا واحد ونسبنا واحد، إذن لماذا نختلف؟ 
هل ننتظر أن يتفركش الحلم أم يحل العداء بدل المحبة؟ والسبب العناد والاختلاف في المصالح الفردية لكل دولة على حده. 
نعلم أنها مصالح هنا وهناك ولن نقسوا على دولة قطر وحدها، بل كل دولنا مساهمة في هذه الاختلافات شئنا أم أبينا، فالمصارحة هي التي يجب أن تُوضع على أسطح الطاولات وليس العمل تحت الطربيزه وكل يغني على ليلاه. 
مصيرنا واحد.. فلا مفر من التعاون وإلا سنلتهم قطعة ورا قطعة، ولن يرحمنا شقيق ولا صديق، فالتاريخ شواهده كثيرة، وإن لم نتلاحق على انفسنا، فقريبًا جدًا ستذهب ريحنا. 
الصراع بين قطر الحبيبة والأخوة الغالين في المملكة والإمارات والبحرين لم يكن وليد اللحظات التي تم على إثرها سحب السفراء، ولكن كانت هناك بوادر لسخونة من تحت الرماد، أدّت للاشتعال في لحظات لم نتمناها أبدًا، وهناك ملفات ساخنة محددة في الملف المصري أولًا ثم الملف السوري، وهناك ملفات لا تقل أهمية وخطورة عنهما، وهي التقارب الإيراني الأمريكي، والتي من أهم أسبابه عدم توافقنا كمنظومة خليجيه واحدة. 
راهنت قطر على قوة إعلامها وتحركات عرّابها السابق الشيخ حمد بن جاسم ونجحت إلى حد بعيد في تونس وليبيا نجاح باهر، يحسب لها في إنقاذ هذه الشعوب الشقيقة من كابوس لم يحلم أشد المتفائلين من إزاحته. 
وعندما انتفض الشارع المصري والذي كان يطالب بالحد الأدنى من الحرية، والتي لم يتعامل معها نظام مبارك بالحكمة المطلوبة، ولهذا أسبابه التي لن نتطرق لها الآن.. انفجر الشارع ورفع سقف المطالب تدريجيًا وبعفوية بثورة ناعمه ونادرة وراقيه أيضًا أتت من رحم آلامه. 
هنا قفز تنظيم الاخوان ليسيطر على كل المشهد وليخطف الثورة من أهلها الأصليين، مما أدى إلى إلى لخبطة كل أوراق اللعبة، وتخبّط أيضًا كل القوى العظمى والقريبة والشقيقة، ونحن معكم أيضًا من سرعة الأحداث وتشابكها.
لم يحسن تنظيم الاخوان التعامل مع المشهد الذي كان مفاجئًا لهم عندما وجدوا أنفسهم فجأة يمسكون زمام القيادة.. فظنّوا أنهم سيطروا على زمام الأمور في مصر وبالتالي سينعكس على جميع الدول العربية التي كان بها تنظيمات إما تابعة للإخوان أو متفرعة منهم، وأمّا متعاطفة معهم، وهنا بدأت الأوراق تتساقط والنوايا ترعب الحكومات الخليجية بالذات، فمصر هي العمق الاستراتيجي والديني لدول الخليج. 
اندفعت دول الخليج بدون تنسيق وتعاون كلن يريد أن يسجّل له موقف من الثورة في مصر، والإخوان هناك لازالت نشوة النصر الغير متوقعة تصيبهم بالدوران. 
تحركت الأصابع الخفية في دول الخليج فهذا هو الوقت المناسب لهدم البيت الخليجي من الداخل، والمشغول في تكديس الأموال الضخمة في المشاريع المختلفة، والتي مع الأسف لم ولن يستفيد منها المواطن الخليجي سوى الفتات، بل زادت ثروات أصحاب السلطة والنفوذ إلى أرقام خيالية، أذهل كل المتابعين في أسواق المال.. حتى بتنا نسمع عن أشخاص تعدّت ثرواتهم المائة مليار وهو متكي في بيته لم يخترع قلم رصاص. 
بدأ الصراع بين قطر والسعودية والإماراة خفيًا في البداية، ثم ما لبث أن ظهر على السطح ابتداءً من دعم قطر لحكومة الاخوان والسعودية والإمارات للطرف الآخر الذي أزاح الإخوان. 
خوفًا من تمدد سلطة الأخوان لكل دول الخليج، وهذا حق مشروع بعد أن شاهدنا ما أقدم عليه الإخوان خلال سنة كاملة من السيطرة على مصر، وتركاتهم التي كانت تثير الريبة والشكوك. وليكن هذا الصراع امتدادًا لصراع لايقل أهمية وخطورة في بلاد الشام والحرب المستعرة هناك، والتي زادها اشتعالًا ولخبطة لكل أوراقها أيضًا تدخلنا السافر كدول خليجية في الصراع هناك، ومن غير أي خبرة في صراعات دموية داخلية.. ولكنها أتت في البداية من باب الفزعة والنخوة ولتكملة الدور الذي قمنا به في ليبيا وتونس لإنقاذ هذا الشعب الشقيق. 
لم تكن أجندة السعودية وقطر موحدة رغم وحدة الهدف بل أصبح صراع نفوذ على الأرض وزاد عليه إعلان الجهاد وزج الشباب الخليجي في أتون حرب أهلية ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل.. ولو تركوها لحقق الشعب السوري أهدافه بكلفة أقل. 
الشاهد إننا لم نحسن التحرّك ولم نثق ببعضنا ونعمل كوحدة خليجية واحدة وداعمة سياسيًا، بل تفرقنا وتركنا مرضى النفوس ممن يعيش بيننا يلعب على هواه، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه من تفرقة وخلاف نخشى أن يكون المسمار الخيّر في نعش خليجنا الواحد.. قلوبنا متعلقة في عودة أميرنا المفدي من رحلته العلاجيه بالسلامة ليكون كعادته دائماً كالبلسم الذي يشفي الجراح بين الأخوة المتخاصمين، وهو القادر علي ذلك بفضل حكمته ومكانته عند جميع الأطراف، فالمملكة والإمارات وقطر والبحرين في قلوبنا وأعيننا جميعًا ولا نرضى لهم إلا ما نرضاه على انفسنا. 
حفظ الله دولنا الخليجية من التفرقة والشتات.. آمين