كتاب سبر

السقوط إلى أعلى

حواضر الحكم الإسلامي،دمشق الأموية،وبغداد العباسية،ثم بورصة العثمانية،صاحبة أكبر فتح بعد فتح مكة،أعني فتح القسطنطينية دار الخلافة لأربعة قرون..ثم مثابة هذه كلها،قاهرة قطز وبيبرس،قاهرة المغول.
وقد التصق بالتحام هذه الحواظر كل فتح..تعلم بهذه المسلّمة أوربا الصليبية،منذ قرون ولازالت.وبقدر كون ذلك مسلّمةً بالنسبة لها، فإن ذلك لايعني شيئاًبالنسبة لغالب شعوبنا العربية.!!
وبناءً على هذه المسلمة،فلابد من تفتيت هذه الحواظر،وبذلك يتفتت الإسلام.
وقد كان، إذ أسقطت الخلافة الإسلامية،واستبدلت بالجمهورية التركية الحديثة،لتصبح اسلامبول العثمانية،إستنبول العلمانية،ودمشق محمية فرنسية،والقاهرة وبغداد محميات بريطانية،ثم كان أن فُتتت إلى ملكيات وجمهوريات”مستقلة”.. ولقد أجاد القوم بالحفاظ على استقلالات سايكس وبيكو،رغماً عن الشعوب الرافضة لها.
وجاء من أقصى”المحمودية”حسنٌ يسعى،يَتّبِعه أربعة من”بادييّ الرأي”سواق وترزي،وحلاق،ونجار.،ثم مالبث أن أصبح الأربعة، ثلاثمائة ألف أو يزيدون،خلال عقدين فقط،ثم لم يلبث هذا العدد أن تمدد ليتعدى عدده،ويتخطى حدوده المصرية،إلى العربية والإسلامية،ثم ليتخطاهما إلى العالمية،لينشئ إمبراطورية في الظل،دخلت كل بيت ومكتب،ومتجر ومصنع،وجامعة وجامع..إمبراطورية لاتحدها حدود،بإمبراطور غير متوج..!!
وكان أول ظهور مَخُوف لهذه الإمبراطورية،يوم ظهرت كتائب حسن البنا الجهادية تلحق الهزيمة بكتائب جيش الدفاع الإسرائيلي الذي كانت تفر من أمامه جيوش الحكومات العربية في حرب 1948ليكون ذلك أول جرس يقرع،لتأمر بريطانيا نقراشيَ مصر
-كما هو الحال اليوم باختلاف الآمر- بإغلاق مكاتب الإخوان واعتبارها منظمة إرهابية.
لكن منظمة الإخوان”الإرهابية”العالمية اليوم،هي غير منظمة الأمس الإقليمية،فقد امتد لجذورها جذور،والتف حول غصونها غصون،فلم يعد يجدي بعض الكانتونات العربية،وحكوماتها الكرتونية،تصنيفها منظمة إرهابية،وتشويهها بالناعق والناقق..لكن ماحيلة المفلس؟!
يقول سيد قطب بالأمس:”حينما سلط الطغاة الحديد والنار على الإخوان،كان الوقت قد مر،والبناء الذي أسسه حسن البنا قد استطال على الهدم،فذهب الطغيان وبقي الإخوان”.إهـ… وأقول:فكيف “بمباني”اليوم؟!
لقد جمع مسرح رابعة طيلة شهور،جميع أطياف مجتمع مصر،ثم كانت مأساة رابعة التي أبكت”المشاهدين”لتجمع إلى”بناء البنا”،بناءً ليس من بناء الإخوان،لو أنفق الإخوان ملأ خزائنهم،وسنين من دعوتهم،ماانجمعوا لهم.!! ولكم تهافتت قناة العربية الباردة ومن لف لفها،على محاولة اختزال الثورة المصرية في الإخوان،لكن الشارع المصري بصق عليها هراءها،يشهد لذلك،”قفشات”الشباب،وسخريتهم في إعلامهم الممنوع،ومابقي من إعلام الجزيرة الذي ينقل على مدار الساعة مسيرات أطياف 
الشارع المصري والإضرابات الرافضة للانقلاب.
فمرعبٌ لأرباب العربية،وأرباب أرباب العربية أن يكون في الشارع المصري إخوانٌ ليسوا من الإخوان وأن يكون في الشارع التركي القريب مثل ذلك،وأشد من ذلك رعباً،الشارع الملياراتي الخليجي.
ومرعبٌ هذاالنجاح الأسطوري لحزب العدالة والتنمية التركي الإسلامي،وإنه لمن الخطورة بمكان أن يكون له نسخة مصرية.و”أردوغان مصرياً”،إن معنى ذلك إيذان بالتحام القاهرة باستنبول،الذي يعني القوة والإسلام الفاتح حسب المسلّمة السياسية الصليبية التي ذكرت.
ومرعب وقد أصبح لإمبراطورية الظل”أردوغانٌ” متوجاً،ودولةٌ،طالما عمل أصحاب القرار،ألا توجد،إلا أنها وجدت، إذن فلابد ألا توجد..فصدر الأمر، من أصحاب القرار والأمر، بتقويضها،فتحركت العرائس،بل حُركت العرائس لإسقاطهابانقلاب 30 يونيو الغادر،غيرَ عابئة حكوماتُها بعقيدة مطلقية الطاعة الواجبة لولي الأمر،التي طالما اقتات عليها العروش،وأصّل لها وروّج بها خَدَمةُ أصحاب العروش من دعاة السوء،وعَلَامات الباطل لاأقول علّامات،فأسقطت،لكنه..سقوط إلى الأعلى.!!
لقد أفلس مسرح العرائس فلم يبق “مايعرضه” اليوم إلا حملة الإفلاس!!
فكم هي مفلسة هذه الحملة!!
المرشد ونوابه والصفوف الأولى من التنظيم في السجن
ينتظرون توقيع المفتي بتصديق الإعدام.
ورئيس الجمهورية المعزول في السجن.
ورئيس وزرائه، ووزراؤه في السجن.
وكل متعاطف مع هؤلاء،كما ورد في المرسوم الملكي مهدد بالسجن!!
كل ذلك!! ولايزال الشارع يلتحم بالإخوان!!ومازلتم تنفقون ولاتَغلِبون !!
فإلى متى؟! وإلى أين؟!
إنكم إن نلتم من الجسد فلن تنالوا من الشعور،وإن ملكتم الرصاصة فلن تقتلواالفكرة!!
 يقول مصطفى صادق الرافعي:
قضت الحياة،أن يكون النصر لمن يحتمل الضربات،لا لمن يضربها.