كتاب سبر

المقدم من ائتلاف المعارضة الكويتية في أبريل 2014
فواز الجدعي يرد على بعض الملاحظات التي وجهت لمشروع الإصلاح السياسي الوطني

بعد تقديم مشروع ائتلاف المعارضة تقدم البعض بملاحظاتهم وانتقاداتهم القيمة والتي تعني للمشروع الشيء الكثير وحسب المسح لأكثر الملاحظات فقد كانت تندرج حول بعض الركائز على النحو التالي: 
1- خلو مقدمة المشروع من ذكر (مدنية الدولة)والصبغة الدينية لديباجة المشروع
2- أن عدد المواد المعدلة ةهي 36 يعتبر كبير نوعاً ما.
3- تبني المشروع لفكرة الاستفتاء في المادة 174
4- ما هي آليات تطبيق المشروع
قبل الرد على الملاحظات السابقة، أعتقد أن الملاحظات جميعها لم تتطرق لقلب المشروع وهي : 1- الرؤية، 2- الأهداف، 3- التعديلات الدستورية، 4- الاصلاحات التشريعية، وهذا يعني أن قلب المشروع قد حاز على قبول وتأييد من قدم الملاحظات (وهذا أمر يسعى إليه المشروع ويتمناه)، وإن كنت أتمنى أن يتم التعليق على الاصلاحات الدستورية بالدرجة الأولى وفكرة وجود حكومة ذات طابع برلماني وقيام الأحزاب، بالاضافة لإلغاء فكرة الحل واستبدالها بفكرة الدعوة المبكرة للانتخابات،وإلغاء عدم التعاون ومعاملة رئيسالوزراء معملة الوزير بما يتعلق بطرح الثقة وفك الارتباط بين طلب طرح الثقة وضرورة تقديم الاستجوابات، وإلزام الحكومة بتقديم برامج العمل، وخلق مجلس للدولة أسوةً بفرنسا، وتنظيم المجلس الدستوري الذي يراقب دستورية القوانين بشكل دقيق، وفرض رقابة الرأي العام على عمل المؤسسات.
وبناء عليه نرد على النقاط السابقة على بالترتيب:
1- ملاحظة خلو المقدمة من ذكر مدنية الدولة:
أولا: أن المشروع المقدم هو عبارة عن تعديلات دستورية (وليس دستوراً جديد)، بذلك يكون البناء الدستوري السابق موجود بتفصيلاته ونحن نتمسك بقوة بالمواد التي تؤكد على قيام مبدأ سيادة الأمد ( المادة 6)، وأن الحرية والعدالة والمساواة دعامات المجتمع (مادة 7)، وكفالة الدولة لتكافؤ الفرص (مادة 8)، ورعاية الدولة الفنون والعلوم والأداب وتشجيع البحث العلمي (مادة 14)، ومبادئ العدالة الاجتماعية (المواد 20،22) ، وكذلك نتمسك بالباب الثالث بأكمله وهو باب الحقوق والحريات خصوصا المواد التي تتعلق بأن الناس سواسية ولا يجوز التمييز بينهم (مادة 29)، وأن الحرية الشخصية مكفولة (مادة30) والحقوق المتفرعة عن الحق في الأمان في المواد (31،32،33،34)، والمتعلقة بحرية الاعتقاد (مادة 35)، وحرية الرأي (مادة 36)، والصحافة (37) وسرية الرسائل والمراسلات (39).
لذلك المشروع فقط مكمل ومعدل على القيم الدستورية السابقة بل ونطالب بحماية هذه النصوص والتي تم اقتباس أغلب نصوصها من الإعلان العالمي لحقوق الانسان.
ثانيا: مفهوم الدولة المدنية مفهوم (يقع في العالم العربي الاسلامي) فقط فلن تجد هذه العبارة في جميع أقاليم العالم، فنحن نعرف (المجتمع المدني) وهو يقصد فيه قيام مؤسسات المجتمع المدني ولا أظن أن الأخوة يقصدون ذلك عندما يقولون مدنية. لذلك يتبقى بعض المفاهيم التي قد تحيط بعبارة الدولة المدنية وهي :
1- أما أنها ضد الدولة العسكرية وهذا المفهوم  السائد في مصر على سبيل امثال.
2- أو انها تعني دولة المؤسسات وكذلك لا أظن أن هذا الأمر هو المعني عند من قدم ملاحظاته لأن قيام دولة المؤسسات ليس لها إرتباط بذكر (مدنية الدولة) وانما يكون بقيام بعض الأركان مثل شكل الدولة، النص على الحقوق والحريات، الفصل بين السلطات، سيادة القانون والدستور، والمفهوم الثالث المحيط بعبارة الدولة المدنية
3- أن تكون مرادف (مقبول) للعلمانية فإن كان هذا المفهوم هو المقصود اي بفصل الدين عن الدولة، فالدستور الكويتي الحالي لا يقبل هذا الأمر لعدة اسباب 1- نصت المادة الثانية أن دين الدولة الاسلام والشريعة مصدر للتشريع، ذكر كلمة بيعة في طريقة اختيار الحاكم الواردة في المادة (4)، وذكرت في المادة (9) الأسرة أساس المجتمع قوامها (الدين والأخلاق..)، مادة (12) (تصون الدولة التراث الاسلامي)، مادة 18 (الميراث حق تحكمه الشريعة الاسلامية)، كما بدأت المذكرة التفسيرية بعبارة “امتثالا لقوله تعالى- وشاورهم في الامر-، واستشرافا لمكانة من كرمهم في كتابه العزيز بقوله – وأمرهم شورى بينهم -، وتأسيا بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في المشورة والعدل، ومتابعة لركب تراثنا الاسلامي في بناء المجتمع وارساء قواعد الحكم”
وكذلك تفسير المادة الثانية من الدستور “لم تقف هذه المادة عند حد النص على ان – دين الدولة الاسلام – بل نصت كذلك على ان الشريعة الاسلامية – بمعنى الفقه الاسلامي – مصدر رئيسي للتشريع، وفي وضع النص بهذه الصيغة توجيه للمشرع وجهة اسلامية اساسية دون منعه من استحداث احكام من مصادر اخرى ….كمـا يلاحظ بهـذا الخصـوص ان النص الوارد بالدستور – وقد قرر ان -الشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع – – انما يحمل المشرع امانة الاخذ باحكام الشريعة الاسلامية ما وسعه ذلك ، ويدعوه الى هذا النهج دعوة صريحة واضحة ، ومن ثم لا يمنع النص المذكور من الاخذ، عاجلا او آجلا، بالاحكام الشرعية كاملة وفي كل الامور، اذا رأى المشرع ذلك.”
بالتالي الشريعة الاسلامية جزء لا يتجزأ من الدستور الحالي ومن قيم المجتمع الكويتي.
ولو ذهبت لجميع الدول ومفاهيم علم النظم السياسية لن تجد اصطلاح (دولة مدنية) بمعنى (Civil State)
وجميع المقالات الاجنبية التي تشرح مفهوم الدولة المدنية تقرر أنها وجدت فقط في العالم العربي على وجه الخصوص وكأنها تقية لعدم استخدام مصطلح (الدولة العلمانية)Secularism، والدليل أنك لو ذهبت إلى موقع Wikipedia  وبحثت عن الدولة المدنية باللغة العربية لن تجد لها ترجمة لأي لغة أخرى بالعالم وذلك لوجود هذا المفهوم فقط في عالمنا العربي وعلى سبيل الحصر.
وقد ذكر الدستور التونسي الحديث أ، تونس دولة مدنية بسبب هذه التقية ورفض مصطلح العلمانية التي عانت منه تونس في الفترة السابقة عندما تبنى النظام السابق العلمانية المتشددة.
وإذا كان البعض يفسر الدولة المدنية أنها الدولة التي تحترم فيها المواطنة بغض النظر عن جنسياتهم وأعراقهم، فهذا الأمر لا يحتاج لذكر كلمة مدنية حيث لا يعتبر ذلك الاستخدام الصحيح للوصول لهذه الغاية وانما هذا الهدف منوط (بالدولة الحديثة) وضمان هذه المسألة تتعلق بوجود دولة الدستور والقانون والتي تحمي حقوق الافراد وفق قيمها وما الزمت به نفسها من مواثيق عالمية ومثال على ذلك نص المادة 29 التي تنص “أن الناس سواسية في الكرامة الانسانية… ولا التمييز بينهم بسبب الجنس او الأصل او اللغة او الدين” وتوقيع العديد من الاتفاقيات والمتعلقة بحقوق الانسان.
2- الملاحظ الثانية: أن عدد المواد كبير نسبيا:
إن الائتلاف قد جلس ساعات طويلة وشكل أكثر من لجنة لصياغة المشروع وكانت التعديلات واردة في الاساس على 14 مادة ولكن تم اضافة تعديلات لاحقة لنزع التعارض في المستبقل وليكون الدستور متماسكا من حيث البنية والاصطلاح والأهداف تحقيقا للوصول للنظام البرلماني فكانت هناك تعديلات أساسية وتعديلات تابعة لها.
 كما ان ارتفاع عدد التعديلات قد تفرضها الحاجة لاصلاح النظام السياسي في الدولة مثال في يوليو 2008 قامت فرنسا بتعديل 25 مادة دستورية وهذا عدد يعتبر كبير نسبيا.
وفي تعديلات مشروع الاصلاح السياسي الوطني كانت التعديلات بسبب الحاجة لتكامل النصوص للوصول لأهداف المشروع.
3- نظام الاستفتاء في المادة 174:
إن اغلب الانظمة الديمقراطية تتبنى الاستفتاء لمواجهة بعض الحالات والمعني الأول بتقرير مصير الدستور هو الشعب ولا بد من مشاركته في تقرير مصير التعديلات بقبولها أو رفضها، كما أن الاستفتاء لو تم يكون بعد رفع عدد النواب إلى 100 عضو، لذلك حسب مشروع الاصلاح لكي يتم الاستفتاء لابد من:
1- اقتراح مقدم من الأمير او ثلث الأعضاء(في حالتنا 34 عضو)
2- الموافقة من حيث المبدأ في مجلس الأمة (51 عضو)
3- موافقة ثلثي الاعضاء (68 عضو)
ولا شك أنها أرقام كبيرة فإن مر مقترح التنقيح بالموافقة في المجلس كان الاستفتاء بمشاركة 50% من الناخبين ثم موافقة 60% منهم، بالتالي الاجراءات معقدة ولن يتم الاستفتاء مقدما قبل حصوله على هذا النصاب الصعب في مجلس الأمة خصوصا اذا كنا نتحدث عن أحزاب متنازعة يصعب توافقها على شيء مالم تكن المصلحة العامة فيه واضحة.
4- ماهي آليات تطبيق المشروع:

الحديث عن آليات المشروع اعتقد انه سابق لأوانه لأننا في فترة طرح المشروع  التناقش حولة والترويج له نخبويا وشعبياً ونتنمى أن تطرح في المستقبل آليات جيدة لتطبيقه من قبل الجميع ولا شك أن الئتلاف لديه بعض الآليات التي ستطرح في الوقت المناسب إن شاءالله.