آراؤهم

“لنبدأ بأنفسنا أولاً..”

قبل فترة وَجيزة  لفت انتباهي خبر نُشر في الصُّحف الرسمية ، حيث تناول الخبر استقالة وزير في (بلد أوربي) بسبب تعدّيه على المال العام عندما قام و واستقلّ سيارة أجرة على حساب الوزارة ! ولم يكتفي بذلك ، فقد ذُكر أنه قبل ركوبه السيارة اشترى علبة سجائر كانت أيضاً على حساب الوزارة ! و عندما وصل هذا الخبر إلى الصحافة لم تتستّر عليه كشقيقتها الصحافة العربية فهناك لا تخشى الصحف من أي تعسّف قانوني الشّكل تصاحبه “جَرْجَرَه” شبه يومية إلى المحاكم ! ، بعدها وعندما وصل الخبر إلى الشعب لم يسكت و يستهين بالأمر و يكتفي “بالتحلطم” في وسائل التواصل الإجتماعي و الدواوين كشقيقه العربي ، بل ذهب لينظّم مظاهرة تعبر عن الرأي العام الذي يطالب الوزير باسترجاع المال المسروق و بتقديم استقالته فوراً حين ثبتت عدم أمانته على أموال الدولة وهذا ما تم حيث انتهى إليه الخبر. 
ومن النظام الغربي إلى واقعنا الكويتي حيث النقيض تماماً .. فنحن بطبيعتنا كشعب اعتاد على السرقات لم تعد هذه الأمور تلفت انتباهنا وإن فعلت ( كقضية الإيداعات المليونية) فسرعان ما تعود المياه لمجاريها و تهدأ الساحة وكأن شيئاً لم يكن وكأنك “يا بو زيد ما غزيت” ، فهذه مشكلتنا الحقيقة نحن شعب “محدود” الذاكرة ننسى بسرعة و نتهاون أمام التعدي على حرمة المال العام وهذا ما جعل السلطة تتمادى في هذا الموضوع وصولاً إلى حالة من “الإستخفاف” بالشعب وتغييبه عن حقائق مهمة كقضية “الشريط” التي يتداول عنها في هذه الفترة ، فلماذا لا يتم اطلاع الشعب على الموضوع ؟ ألسنا مصدر السلطات جميعاً بحسب نص المادة السادسة من الدستور ؟ ألا يحق لنا أن نتعرف على مثل هذه الحقائق التي تهدد أمن البلد بالدرجة الأولى ؟ أليس من حقنا التعاطي بالشأن العام حتى نكوّن رأياً عاماً ؟ أم أن ترك الموضوع على هذه الصورة وعلى هذا الشكل من الخلافات و الصراعات بين أبناء الأسرة هو المطلوب ؟ 
في نهاية الأمر .. إن عملية مكافحة الفساد والإصلاح بشكل عام تعدُّ عملية مجتمعية بالدرجة الأولى “كما فصّلت ذلك في مقال سابق” ، و حالنا اليوم  في البلد يحتاج من التجديد للحياة السياسية و تصحيح لمسارها و ذلك برأيي لن يتم إلا ب مشروع إصلاحي سياسي توافقي شامل يرسّخ الحكم الصالح ، لافتاً إلى مبادرة جيّدة قام بها ائتلاف المعارضة الكويتية تمثلت بطرح رؤية إصلاحية تعيد بناء قواعد اللعبة السياسية من جديد و ذلك من خلال مشروع يستحق التّمعن به .. ليبقى التساؤل ، هل تكون هذه هي بداية الإصلاح لمسيرتنا الديمقراطية ؟
Twitter:@97ls4