أقلامهم

محمد المطر: حدس والشريعة والإئتلاف

حدس والشريعة والإئتلاف

محمد عبدالله المطر
الأسبوع الماضي تم طرح مشروع إئتلاف المعارضة بعد فترة ليست بقليلة من الأخذ والرد وتبادل وجهات النظر والنقاش المعلن له خاصة عندما تم تسربه الى الإعلام  في فترة من الفترات قبل التعديل عليه واخراجه بهذه الصوره ، لاشك ان هذا المشروع احدث مجموعة من الآراء والايجابيات لعلي اشرت اليها في المقال السابق ،ولكن اريد ان اتطرق الى احد جوانب المشروع والعجيب انها اخذت ردود فعل متناقضة لنفس الفعل مع اختلاف الفهم لهذا الأمر ، الحركة الدستورية الإسلامية وافقت على المشروع ولكنها تحفظت على عدم ادراج  تعديل مادة 79 وهي ان تصبح القوانين في اطار الشريعة الاسلامية ولعل هذا الموقف له ايجابيات متعددة واريد ان اشير الى عدة نقاط حول هذا الموضوع منها :
1- الإصرار من الحركة على طرح المادة المتعلقة بالشريعة الاسلامية لأنها مبدأ اصيل وثابت من الثوابت الإسلامية ،فحرصت الحركة على طرح المادة داخل إئتلاف المعارضة قبل إقراره وحتى بعد الاقرار وافقت على المشروع وتحفظت على عدم اقراره التعديل واثبتت ذلك اعلامياً وداخلياً.
2- الحركة الدستورية الاسلامية كانت تستطيع ان  لا تتبنى مشروع الإئتلاف عندما تم رفض اضافة التعديل على المادة 79 ، ولكن فكرت بكل تجرد أن هذا المشروع لا يتعارض مع اهداف الحركة وتوجهاتها فلماذا لا توافق عليه ولا يتضمن اي امر متناقض مع فكر الحركة وتوجهاتها، فإن هذا المشروع يحمل تعديلات من مصلحة البلد في العمل السياسي وهي ثرية وبذل فيها جهود كبيرة ومهمة .
3- مشروع الإئتلاف لم يوافق على تعديل مادة 79 وبقي المشروع منسجم مع توجهات الحركة وافكارها وليس العكس فالمشروع لم يتضمن تعديلات مخالفة للحركة وتم التحفظ عليها مع اقرار المشروع ،وهذا فرق كبير جداً في تناول الموضوع فالتحفظ لتعديل لم يتم ادراجه وليس لتعديل مخالف للحركة تم اقراره .
4- الحركة بينت انها متعاونة لمصلحة البلد وتطور العمل السياسي فيه وانتشاله من هذه الحفرة الكبيرة ، وطبقت قاعدة الإمام محمد رشيد رضا رحمه الله وهي (نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضاً بما اختلفنا عليه) فكانت هذه المنهجية الحسنة في العمل هي عدم تعطيل اي مشروع او مساهمة في تنمية البلد ، هنا نبين ان الاسلاميين لا يعطلون اي مشروع مهم وناجح اذا لم يكن متوافق معهم بكل شئ.
5- الحركة لن تتخلى عن الشريعة الإسلامية ولم تتنازل عنها ابداً فتحفظها على عدم طرح التعديل والإصرار على ذلك دليل على الأهمية لهذا الأمر ، ومع عدم وجود هذا التعديل فالحركة ترحب وربما تدعو قريباً أو لاحقاً مع اي مبادرة ومشروع لصالح التعديلات التي تحتوي على ترسيخ الشريعة الاسلامية ، فكل من يريد هذا الهدف فالحركة معه ولن تتخاذل او تتخلى عنه ابداً .
6- الحركة تشرفت بمشاركة العديد من النواب بالتيار الاسلامي لموقفها هذا ، وهؤلاء من الرموز الكبيرة والفعاليات النشيطة اسلامياً وهم الفضلاء د.فيصل المسلم ود.عادل الدمخي وعبدالله البرغش ومبارك الوعلان فلم تكن الحركة وحدها بهذا التوجه .
7- لقي هذا التوجه من الحركة إكبار وتحية الكثير من الناشطين بالساحة السياسية لهذا الموقف المتمسك بالمبدأ والتوافقي مع الآخر وهذا الأمر تفتخر به الحركة الدستورية الاسلامية بنضج قرار من اتخذه وبشكل خاص دور الفضلاء د.جمعان الحربش ومحمد الدلال وغيرهم في تقريب وجهات النظر والحرص على المشتركات مع تثبيت المبادئ وهذه هي قيمة السياسي الناجح.
8- من عارض تعديل مادة 79 من اعضاء إئتلاف المعارضة اغلبهم لا يرفضون تعديل هذه المادة ولكن اختلفوا مع الحركة هل مكان هذه المادة مناسب بالمشروع السياسي ام تطرح بمكان اخر ؟ لأن هذا المشروع سيطرح لجميع المكونات بالمجتمع (الحد الأدنى) وهو اصلاح بالآليات بحت وليس المشروع فكري ، وذكرت هذه الحقيقة ورأي الطرف الآخر حتى لا يتم اتهامهم انهم ضد الشريعة والحركة معها .
9- كشف موقف الحركة من المشروع بعض الآراء التي خالفت المشروع وسجلت تحفظها عليه لاسباب معدودة وربما غير جوهرية ، فهم لم يقوموا بالمشاركة بالمشروع مع التحفظ على ما لا يتوافق معهم فيكونوا مثل الحركة تحفظوا على الامور التي لا تناسبهم وبنفس الوقت لم يعطلوا عجلة الطريق ، ولكن وضعوا اسباباً للتحفظ بعضها بسيط وبعضها يستحق النقد ولا يستحق المفاصلة من اجله بل وصل البعض الى اتهام المشروع انه اسلامي وليس بمدني بسبب مقدمة فيها آيات واحاديث وشئ من التاريخ !! هل هذا يعقل! يستنكر على هذا !!
10- الحركة وصلت رسالة لبعض لكثير من الفعاليات ان الاختلاف ببعض الامور لا يقضي على الاشتراك بالامور التوافقية ، ومن هنا بينت الحركة بالفعل والقول انها تعمل بتوافق وليس عندها عناد او فوقية .
الخطوة التي يقوم بها ائتلاف المعارضة من وضع الآراء المخالفة والناقدة للمشروع في حسابه بالتويتر هو عين الحرية والتفهم وهو نموذج ممتاز وعملي يبين مدى سعة تداول الرأي عندهم وعدم تقديس المشروع وأنه الحق المبين.