أقلامهم

ذعار الرشيدي: عددنا مليون ومشاكلنا تكفي نصف قارة أفريقيا.

العطش إلى الحقيقة 
بقلم: ذعار الرشيدي 
عالم السياسة كله منطقة رمادية، لا يوجد فيه لا منطقة بيضاء ولا منطقة سوداء، كلها أمور متشابهات، يقف الساسة من الحقيقة بقدر ما ينفعهم، ويبتعدون عنها بحسب حاجتهم أيضا، وعلى الشعب أن ينشغل بحل الكلمات المتقاطعة لتصريحاتهم بعد كل موقف، وهم لا يكتفون بالالتفاف على الحقيقة والدوران بعيدا عنها، بل يحملونك مسؤولية الفهم بدعوى «تصريحنا الغامض مسؤوليتنا.. وفهمك الخاطئ مسؤوليتك»، فهم يعلنون لك نصف الحقيقة ثم يطالبونك بكل وقاحة بأن تكمل النصف الثاني من الحقيقة وفق فهمك.
***
في اللقاءات والتصريحات الأخيرة لبعض الساسة وبدلا من أن يكشفوا، زادوا الغموض غموضا، بل وزادوا ليلنا ليلا، وأظلموها علينا وتركونا نتلمس طريقنا في دروب محاولات فهم ناقصة لمعلومات ناقصة ساقوها إلينا، وبدلا من أن يحصدوا لنا الأسئلة بمناجل الأجوبة زرعوا في طريقنا آلاف الأسئلة.
***
شعارهم «علينا التصريح وعليك التحليل»، أو بمعنى أدق «سنصرح وكل يفهم ما يريد»، تصريحاتهم أشبه بتعويذات كتبها ساحر متمرس، طلاسم تظهر أكثر مما تبطن، والدليل أن أيا منها لا يصلح لأن تبنى عليه قراءة سياسية منطقية واحدة، أو حتى تحليل حقيقي، لذا هي ليست بأكثر من استعراض إعلامي أكثر من كونها ممارسة سياسية حقيقية.
***
رغم العتب هنا، إلا أنه لا يجب علينا لومهم، فقد صرحوا بحدود المستطاع، ولكنهم في النهاية لم يقولوا ما يشبع عطشنا إلى الحقيقة.
***
عامة، نصف الحقيقة أفضل من عدمها كلية.
***
لا يذكرني الأسلوب الجديد للساسة في اللقاءات سوى بأحد رواد ديوانيتنا والذي ما أن يحضر حفل قلطة حتى يعود في اليوم التالي ليروي لنا ما حصل خلاله قائلا: «تصدقون أمس بدأ الحفل بطاروق شعري للشاعر فيصل الرياحي وقال ما أدري شنو وما أدري شنو بس بعصبية وبعدين رد عليه حبيب العازمي ببيت شعر وقال له ما أدري شنو وما أدري شنو بس بابتسامة، وبعدين عصب الرياحي ورد عليه بقوم وقال له كلام قوي وما أدري شنو»، وينتهي صاحبنا من روايته ونحن لا عرفنا ما قاله الشاعران من شعر ولا نحن فهمنا شيئا أصلا مما حصل في المحاورة.
***
توضيح الواضح: بعث أحد القراء برسالة تحوي صورا ووثائق لمبنى «مؤجر» لمصلحة وزارة الصحة كمستوصف مؤقت والوثائق فيما لو كانت دقيقة تدل على أنه تم تأجير شركة طباعة وتصوير في المبنى «المستوصف» دون سند قانوني، الأهم أن صاحب محل التصوير هو مسؤول في المستوصف، وإذا كان الأمر يهم وزارة الصحة لوجود شبهة منها فسأقوم بإرسال كل ما لدي للتأكد.
توضيح الأوضح: عددنا مليون ومشاكلنا تكفي نصف قارة أفريقيا.