كتاب سبر

إلى الــوراء .. دررر !

كانت الفاتنة ” مارية ” في رواية ( المجرم ) يوسف زيدان ( النبطي ) كثيراً ما تسأل والدتها ” غزالة ” المغلوبة على أمرها عن تاريخ مصر وعن فقر المصريين المدقع وعن ديانتهم وعن كل شيء يتحرك من حولها وأي شيء تشعر به ، فتجيب والدتها بإيمان وتقوى عفويين ( منذ ألوف السنين يا مارية ونحن فقراء ، ومنذ ألوف السنين ونحن مصريين ، ومنذ ألوف السنين ونحن بخير .. إلخ ) .

ومن منّا لا يتذكر ضليع اللغة ، ومسدل بلاغتها عبر المحطات الفضائية ، والتصريحات الفنتازية ، وزير الإعلام السابق محمد سعيد الصحّاف حينما كان ينطق بكل عنجهية ، وبكل خيلاء و ثقة في حرب أمريكا لإسقاط النظام الصدّامي: ( الأمريكان العلوج لم يصلوا بعد إلى الفلوجة ، و الأوضاع تمام التمام .. ! ) بينما في الحقيقة تجد جونسون الأمريكي الأسمر يداعب جيسيكا الأمريكية الشقراء ويراقصها في منتصف بغداد ! .

يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( إن من البيان لسحرا ) ، حيث الذكاء وحسن التصرف به جديرٌ بأن يستخرج الجميل من القول ، سواء كان كذب أو صدق ، وسواء كان حق أم باطل ، ولا ننكر مفعول السحر على المتلقي ، وهذا في الحياة العامة وبين الأشخاص ، وفي الحكومات المتقدمة حيث فنلندا والنرويج والدنمارك وغيرها من بلاد الكفار عليهم لعنة الله والناس أجمعين ، توكل مهمة ذوي ( سحر البيان ) إلى المفوهين و ( الصادقين ) من عاملي الدولة ، وتكون وظيفته فقط هي النطق ( الصادق ) للشعب بإسم الحكومة ويتقاضى من ( الدولة ) راتب وليس هبات وعطايا من رئيس مجلس الوزراء ! ، وهنا في دولة الكويت حفظها الله ، فإن وظيفة الناطق بإسم الحكومة توكل إلى ( طويل اللسان ) وليس كما أشرت إلى ذوي ( سحر البيان ) ، فإنها  لمحمد السنعوسي وأحمد الفهد ومحمد البصيري ومؤخراً علي الراشد ، فإنهم يتقاسمون الحلال ( الغير بيّن ) مناصفة مع عملهم كوزراء إعلام في غالب الأمر ! .

ولمن ينظر للكويت بنظرة متعجلة وليست بالطبع متأنية ، سيجد كل شيء يعود إلى الوراء بطريقة سريعة و مفزعة ، تنبأ عن حدوث ( مالا يحمد عقباه ) وكأنها تتوق إلى الوصول إلى أقصى درجات الوراء برقم قياسي ! ، حيث لا شيء يشير بنهاية النفق إلى النور ، ولا شيء يدل على التطور والإزدهار ولا أية إيحاءة يتيمة أو إيماءة يتيمة أخرى تقول بأن المستقبل ينتظر كويت المركز المالي والتجاري الكبير ، ولا أية بوادر على التقدم والتنمية ، وحيث الأخت الصغرى ( المدرسة ) ترهق نفسها وتخرج الطلبة متفوقين فرحين بنسبهم العالية وتقوم الأخت المتمردة ( الجامعة ) بعدم قبولهم ، و أرضيات ملاعب كرة القدم في أنديتنا ما بين مترٍ وآخر كأنها قعر من أنفاق ! وهي أحد أكبر الأسباب وأهمها في إصابة اللاعبين ، و السياحة التي بالطبع لا يسيل عليها اللعاب في الكويت تقتصر على تناول الوجبات في المطاعم فقط ! و المنشئات والمباني تتهاوى إلى مصاف الدول النامية التي تشاهد النفط فقط في التلفاز ، و المستشفيات الحكومية هي قصة مروعة بحق ، فهي تمرض الزائر قبل أن تبعث بالمريض إلى المقبرة  .

وأما إدارة العلاج بالخارج فهي ( حكاية بقى ) !  فيسيطر عليها عصابة من نواب الأمة للأسف ،  فتجد النائب سعدون حماد بعد أن قام بالإعتداء على مديرها السابق ( العوضي ) تم الموافقة على طلباته ( 30 مرة ) و ظِل الشيخ ناصر المحمد وفتاه المدلل النائب عسكر العنزي تم الموافقة على طلباته ( 14 مرة ) و وزير الصحة السابق النائب روضان الروضان تم الموافقة له ( 15 مرة ) وتجد على الطرف الآمر لاعب المنتخب الوطني ونادي السالمية اللاعب أحمد العيدان يرقد في إحدى مستشفيات الدولة بجلطة دماغية ، ويئن أهله وزوجته باحثين عن سفر أبنهم للعلاج بالخارج ، وكذلك الفنان المحبوب خالد العقروقة ( ولد الديرة ) طريح مرض السرطان على نفقته الخاصة ويصارع الحاجة ليكمل علاجه ، والكثير الكثير من أبناء الشعب مرضى وحالاتهم حرجة ويقبعون على سرائر مستشفيات الدولة التي لا تتقن التشخيص ، فما بالكم بالعلاج ؟ ! .

يقول وارين بينيس أو نعوم تشومسكي فإني لا أذكر من القائل ! و ذاكرتي تفقد السيطرة على توازنها في تذكر الأشياء الجميلة ! .. ( السقوط إلى الأعلى ) فهذا ما يحدث لدينا الآن من قِبل الأحرار من نواب الأمة فإنهم ( يُصعدّون ) هذا السقوط من كل هذه الأمور على الساحة لمحاولتهم حلها أو وجود حلول لها ، ويخرج لنا ذوي ( طول اللسان ) وغيره من بلاط الرئيس ليقولوا ( ما بال التأزيميون ؟ عطلّونا وأخرونا ونحن بخير ولا يقصرنا شيء .. ! ) .

شطحة تأزيمية :

( بكل تأكيد ليس الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء هو السبب ) وإنما ( أنا ) السبب .. !

عياد خالد الحربي “
twitter @ayyadq8q8