كتاب سبر

فضحتكم غزة

لا شك أن من يمتلك في قلبه ذرة من إنسانية لابد أن يتعاطف مع الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة الذي يضرب بالصواريخ وتهدم بيوته على رأسه. ولكن في مقابل مظاهر الآسى والحزن فيما يحدث في غزة هناك مظاهر عزة وكرامة، فغزة تعرضت من قبل لعدة إعتداءات صهيونية دون أن يكون لديها القدرة في الدفاع عن نفسها، ولكن الأمر أختلف هذه المرة، فالمقاومة الفلسطينية يبدو أنها استوعبت درس حرب حزب الله مع الصهاينة عام 2006 وأيقنت أن الحل الوحيد في رد العدوان هو في خلق توازن رعب مع الصهاينة، وها هي صواريخ المقاومة الفلسطينية تصل إلى تل أبيب وحيفا ويافا مما جعل الإسرائيليون يعيشون في الملاجئ، وللعلم فإن صواريخ المقاومة الفلسطينية التي تتساقط على الصهاينة هي صواريخ إيرانية الصنع والمصدر، وهي الحقيقة التي لا يريد أن يصدقها البعض لفرط بغضهم لإيران.
ما يحدث في غزة من عدوان يفضح عدة جهات، فهو من ناحية يفضح بعض الأنظمة العربية والإسلامية مثل السعودية وقطر وتركيا التي أقامت الدنيا ولم تقعدها من أجل استمرار الحرب الدائرة في سوريا بين أبناء الملة الواحدة في حين أنها تصمت اليوم صمت أهل القبور تجاه ما يحدث في غزة، ولم تكلف هذه الأنظمة نفسها حتى بإدانة ما يحدث من جرائم وحشية بحق المدنيين، ولم نسمع من سعود الفيصل أو حمد بن جاسم أو من أردوغان أي دعوات لإرسال قوات لنصرة الشعب الفلسطيني كما كانوا يدعون لنصرة الشعب السوري، بل حتى لم نسمع عن حملة تبرعات لإغاثة الشعب الفلسطيني من الناحية الإنسانية. هذا الموقف يفضح دجل ونفاق هذه الإنظمة في زعمها نصرة الشعوب المظلومة.
من جهة أخرى فضحت غزة الكثير من التيارات والشخصيات الإسلامية في تبيان مواقفها مما حدث في سوريا والعراق وما يحدث اليوم في غزة، ففي حين كان دعاة “الجهاد” ينظمون الحملة تلو الأخرى لتجهيز 12 ألف غازي في سوريا نجدهم لاذوا بالصمت أو نطقوا بتصريحات مضحكة مبكية، فالشيخ عجيل النشمي يخاطب أهل غزة بقوله “لا تنتظروا نصرة من أحد”، أما الشيخ نبيل العوضي الذي كان يخاطب الشعب المصري بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين بقوله “أيها الشعب المصري العظيم لو قدمت اليوم ألف ألف شهيد لتسترد إرادتك وتقيم العدل في أمتك فلن يكون كثيرا”، نجده يكتفي بالطلب من الناس بأن يصلوا ركعتين ويدعوا لأهل غزة، أما نوابنا الأغلبية فاكتفوا بخطابات رنانة في ساحة الإرادة، ولم نسمع من البطل وليد الطبطبائي أو الجهبذ أسامة المناور أنهم يتمنون لو عفروا لحاهم بأرض فلسطين. الأغرب من هؤلاء جميعاً الآلاف من الوحوش البشرية ممن يسمون أنفسهم مجاهدين ويفجرون أنفسهم ليقتلوا أبناء ملتهم في البلاد الإسلامية ولكن لا يحرك أحدهم ساكناً لما يحدث في غزة، بل أن أحد “المجاهدين” الكويتيين ظهر على شريط فيديو وهو يفجر نفسه في العراق لأن اليهود صفعوا إمرأة فلسطينية. أية عقول خربة يحملها هؤلاء؟! إذا كانت هذه هي العقلية التي يفكر بها هؤلاء فلابد أن نقول “الله يرحم البعير”. وأخيراً نقول “فضحتكم غزة”.