عربي وعالمي

تناقضات الموقف المصري من العدوان على غزة

مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يظل الموقف المصري الرسمي غامضا تجاه ذلك العدوان، بعد أن فضلت مؤسسة الرئاسة التزام الصمت، بينما خرجت وزارة الخارجية بثلاثة مواقف متناقضة ومثيرة للجدل، وفق بعض المحللين. 
فبعد 24 ساعة من بداية العدوان، خرجت وزارة الخارجية ببيان يطالب الفلسطينيين والإسرائيليين بوقف العدوان المتبادل، والعودة لاتفاق التهدئة، ثم أدانت الخارجية المصرية -في بيان آخر- الغارات الإسرائيلية على غزة، مطالبة إسرائيل باحترام الاتفاقيات الدولية وعدم الإفراط في استخدام القوة. 
لكنه لم تمض عدة أيام حتى قالت الخارجية المصرية على لسان المتحدث باسمها بدر عبد العاطي “إن الشعب الفلسطيني يدفع ثمن اعتداءات إسرائيلية ومغامرات داخلية تحاكُ لخدمة أغراض داخلية لا تصب في مصلحة المواطن الفلسطيني”. 
“الموقف المصري واضح أنه منحاز للجانب الفلسطيني، على الرغم من محاولات حركة حماس لجرّ مصر إلى حرب مع إسرائيل لإضعاف الجبهة الداخلية المصرية”. هذا ما أكده ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل القريب من السلطة الحالية.
وأضاف الشهابي -في تصريحات صحفية- أن مصر تسعى منذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار، لكنها تواجه عنادا من الطرفين، كما قامت بفتح معبر رفح لاستقبال الجرحى، وأرسلت مساعدات غذائية وطبية إلى القطاع، رغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر.
وتابع أن مصر تواصل دورها الريادي في دعم القضية الفلسطينية والوقوف في وجه العدوان الإسرائيلي بالرغم من عداء حماس للجيش المصري، ودعمها جماعة الإخوان المسلمين في تنفيذ مخططاتها “الإرهابية”، على حد قوله.
في المقابل، أكد المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة أحمد رامي أن الموقف الرسمي المصري ليس متناقضا تجاه العدوان على غزة، وإنما هناك توزيع أدوار، فهناك تصريحات موجهة للشعب المصري لذرّ الرماد في العيون، وتصريحات أخرى للخارج تعبر عن حقيقة الموقف المصري بعيدا عن الإعلام المحلي.
وأضاف -في تصريحات لـ”الجزيرة”- النظام الحالي متحالف مع إسرائيل من أجل القضاء على حركة حماس التي ينظر إليها كجزء من جماعة الإخوان المسلمين، منتقدا منع النظام المصري عدة أطقم طبية من التوجه إلى غزة لسد العجز الذي تواجهه مستشفياتها في ظل ارتفاع أعداد المصابين.
وأضاف أن مصر دولة محورية في المنطقة وليست جمعية خيرية، ولا يمكن أن يقتصر دورها على إرسال أكفان لشهداء غزة، وإصدار بيانات صحفية تطالب الطرفين بوقف إطلاق النار.
من جانبه، أكد الباحث السياسي محمد محسن أبو النور أن النظام المصري الحالي وجد نفسه في مأزق كبير، فأي مكسب سياسي أو عسكري يمكن أن تحققه كتائب المقاومة التابعة لحماس ستخصم من رصيده في معادلة العلاقات المتأزمة بين السلطة من جهة، وبين جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس كرافد مهم من روافدها من جهة ثانية.
وأضاف في -تصريح لـ”الجزيرة”- أن التضارب والخلط بين ما يجري في غزة والشأن الداخلي المصري واضح جدا في تصريحات المسؤولين المصريين، مشددا على أن الإدارة المصرية انتظرت حتى ترى من الرابح ومن الخاسر، ومن ثم تتحرك لتظهر في الصورة على أنها تدعم الحل السياسي.