أقلامهم

مبارك الذروة: غزة تعرّي المعتصم العربي.

غزة تعرّي المعتصم العربي 
| د. مبارك الذروه |
اليوم هو التاسع عشر من العدوان على ارض عربية مباركة هي غزة!
ووالله ان القلب ليتفطر حرقة وغيرة حين يشاهد دماء الأطفال الزكية وهي تراق على سفوح غزة الصامدة، وصواريخ العدوان تتقاذف كالمطر على الأبرياء والمدنيين وليس أمامها سوى شهداء الأقصى من الشباب المرابطين في ثرى غزة المحاصرة الأسيرة منذ سبع سنوات.
ويقفز الى ذهني أمام تلك المشاهد المبكية دوي أبيات كنا نرددها صغارا فجر معانيها من كان أغير من هؤلاء المنافقين – الذين سقطوا في امتحان الولاء والبراء – حين قال:
رب وامعتصماه انطلقت
ملأ أفواه الصبايا اليتمِ
لامست اسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصمِ
الإسرائيل تعلو راية
في حمى البيت وظل الحرمِ
فتساءلت، أين نخوة المعتصم عن الإحصائيات الاخيرة حتى كتابة المقال والتي تؤكد ان هناك 828 شهيدا، و5800 جريح!
اين نخوة العلماء والمثقفين ودعاة حقوق الانسان ورجال الفكر والإعلام والديموقراطية من جنون الدمار والقتل الذي يعصف بغزة وأهلها؟
ترى هل اسكتهم حرث الدنيا ومصالحها: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب)!
ام أنهم يقولون كما قال المنافقون من قبل «ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا»!
وانه لمن العار ان يتحول الموقف العربي إلى متحف للآثار والتاريخ في الوقت الذي يظهر موقف الممثلة كيم كارديشيان مع أسرائيل بتغريدة على تويتر «أنا أصلي لكل من في إسرائيل».
ومن العار ان يصمت دعاة الليبرالية عن استنكار الدعم الاميركي والفرنسي الفاضح والمنسجم مع العدوان الصهيوني، او استنكار اذنابه الآخرين في محيطنا العربي «واخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم»!
ومن بعيد تأتي الحكمة الإلهية الفاضحة، لتعري فروسية العرب الكاذبة، وتسقط أقنعة النخوة الوهمية ومروءتها الفارغة!
تعري إرادةُ الله منافقي الامة الذين لم يقفوا موقف الشرف، ولو بكلمة تأييد واحدة مع الحق الفلسطيني والدم المسلم..
تعريهم بلغة الانتصار للحق الإنساني…الذي يتجاوز الدين والجنس والعرق..
فهذا طبيب نرويجي نصراني يأتي من وراء البحار والقفار ويقبل رأس طفل شهيد قتله طغيان الصهيونية الآثمة تحت صمت عربي – أميركي مريب!
يعريهم ملك السويد وزوجته انتصارا للحق الإنساني؛ ليقودا مظاهرة ضد اعتداءات اليهود على المسلمين في غزة.
يعريهم انتصارا للحق الإنساني، موقف مشرف للسويد حين منعت طائرات إسرائيلية من عبور أراضيها.
يعريهم انتصارا للحق الإنساني، ظهور مندوب بوليفيا لابسا الكوفية الفلسطينية خلال جلسة في مجلس الأمن لمناقشة أوضاع العدوان على غزة.
وأكثر من ذلك، تعريهم ريحانا نجمة البوب الاميركية على حسابها الرسمي بتويتر «اللعنة على الصهيونية، أعملوا على تحرير فلسطين».
يعريهم انتصارا للحق الإنساني نجم الكرة البرتغالي كريستيانو رونالدو عن تأييــــده الكـــــامل وهـــــو يحــــمل لافـــتة عليها علم فلـــسطين كتب بجانبه «كلنا مع فلسطين».
وتعريهم الممثلة والمغنية الأميركية سيلينا جومز على حسابها «الأمر متعلق بالإنسانية.. صلوا من أجل غزة»، وتعريهم حين تقول «أرجو من الجميع الصلاة للعائلات التي فقدت من تحب في غزة والضفة الغربية».
ويعريهم حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي المصري انتصارا للحق الإنساني فيقول: «العار على مجرمي الحرب الصهاينة، والمجد للمقاومة الباسلة».
ويعري حكومته التي منعت الطائرات التونسية من عبور أجوائها لإغاثة غزة حين يطالب «بموقف واضح فى تأييد الشعب الفلسطيني وليس موقف المحايد والوسيط فقط»!
فبئس مواقف الخزي والعار!
بئس مواقف اميركا وفرنسا التي تعلن ان «من حق اسرائيل ان تدافع عن نفسها» متجاهلة ضرب المدنيين والأطفال والمقدسات..!
ومع ذلك وبعده؛ فإن المقاومة الباسلة اليوم في غزة وكتائبها، تعيش في عهد جديد ومرحلة متقدمة في معاركها مع الصهاينة.
فالحالة الإيمانية والنفسية في أسمى مراتبها والالتفاف الشعبي الفلسطيني في غزة لا مثيل له في العالم كله والتطور التقني التسليحي وفق امكانات الوضع الراهن هناك يعد إعجازاً ميدانياً!
قال تعالى: «… وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر..»، فاللهم ثبتهم وانصرهم على القوم الظالمين.