كتاب سبر

بقلم.. جنوب السرة
شياطين السلطة التي خططت ودبرت..!

1- في العام 2009 وبعد تقديم النواب السابقين البرغش والطبطبائي وهايف استجوابهم لناصر المحمد على خلفيّة دخول الفالي للكويت، سرب لي أتباع السلطة أوراق لجنسية قيلت إنها للنائب عبدالله البرغش حيث أخبروني إن جنسيته مزورة وتم تجنيسه على عمه، وعندما سألت لماذا لا تحاسبه السلطة بدلا من تسريب الأوراق كان الرد: أولا لا يوجد ما يثبت هذا التزوير.. وثانيا يخافون من ردة الفعل، طبعا يومها رفضت نشر هذه الأوراق ليس لشكّي بها، ولكن لكي لا أكون مصدرا لألاعيب السلطة مع معارضيها وتهددهم بأسلحتها القذرة!
2- في العام 2011 عندما خرجت الجموع بعشرات الآلاف لساحة الإرادة ارتبكت السلطة، وقررت التخلي عن أحد أهم ركائزها وهو ناصر المحمد، في ذلك اليوم خشيت السلطة من تفاقم ثورة الشعب لذا رضخت لمطالبهم..
ولكن ما إن هدأ الشعب ظنا منه إن السلطة نفذت مطالبه وستبدأ بفتح صفحة جديدة معه وستنتهج نهج جديد كما طالب، كانت شياطين السلطة تلملم شتاتها وتعالج أخطائها وتستعد للمواجهة القادمة!
في ذلك الوقت كانت أقصى أماني المعارضة هو المشاركة بالقرار السياسي عبر توزير عدد مناسب من النواب الذين خاضوا الانتخابات وحققوا النجاح، ورغم معارضة السلطة لهذه المطالب لم تأخذ المعارضة تعنت السلطة ورفضها لمطالبهم بظن سوء، وصدّقت التبريرات التي أعطيت لها من السلطة أن كل شروطكم تأخر الوقت لتنفيذها ولكن نعدكم بتحقيقها لاحقا..
وبما أني كنت مطلع على بعض ما دار من حوارات ونقاشات خلف الكواليس فقد كانت الوعود للمعارضة إن بعد مرور شهرين من عمر المجلس سيتم إخراج وزيرين من الحكومة وتعيين نائبين بديلين عنهما، وتم تحديد الخارجين وهما الرجيب والشمالي اللذان فرضا على رئيس الوزراء كما أعلن يومها “سرا”، وقال إنه لا يرغب بهما وسيبعدهما سريعا..
في ذاك المجلس وبعد أسابيع قليلة قدم صالح عاشور استجوابه لرئيس الوزراء جابر المبارك، ولو تذكرون استجواب عاشور كان على خلفية اتهامه بالإيداعات، ويومها اتهموا أغلبية المجلس “المعارضة اليوم” أنهم وقفوا ودافعوا عن جابر المبارك ولم يساندوا الاستجواب!
ورغم إن النائب محمد الصقر حينها وقف وقال “سأتحدث مضطرا معارضا لاستجواب رئيس الوزراء طالما لا يوجد من يريد التحدث معارضا له من الأغلبية” وقال يومها أيضا واصفا الأغلبية وكثرة نوابها في المجلس وامتناعها عن “مساندة” أي من الطرفين المُسْتَجوِب أو المُسْتًجْوَب فقال “وأغلبية اغترت بعددها فطغت”
أي أن الأغلبية لم تدعم رئيس الوزراء بهذا الاستجواب رغم إنه حق لها لأنه يثبت ما قالته في ساحة الإرادة عندما أسقطوا ناصر المحمد في تهم الرشاوى خصوصا أن المُسْتَجْوِب كان أحد المتهمين بتلقي الأموال من ناصر المحمد، ولكنها آثرت أن تترك السلطة وخصومها يتواجهون بعيدا عنهم وانشغلوا هم يومها بإنجاز قانون المسيء للذات الإلهية والتطاول على أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم والذي أقره المجلس وتم رده من قبل الأمير..
ولو تذكرون استجواب الجويهل الذي لم يستمر أكثر من دقيقة، واستجواب القلاف، وكل تلك الاستجوابات اتهمت فيها الأغلبية بمحاباتها للسلطة، ورغم إن الدقباسي وقف وتحدث معارضا لاستجواب الجويهل ليس لقناعته ببراءة المُسْتَجْوَب، بل أعلن يومها النائب الدقباسي إنه صمت سنين على التطاول الذي مسه ومس أسرته وحان وقت الرد طالما من تطاول عليه وعلى أسرته هو من قدم هذا الاستجواب ولم يذكر أي تهمه من التهم التي ساقها بالإعلام على النائب الدقباسي..
لقد تناسى الكل إن من قدم هذه الاستجوابات إما متهم بالرشوة ويحاول إظهار براءته، وإما سكير عربيد شق صف المجتمع، وإما دمية تابعة خرج يوما ليبشرنا بعهد ناصر المحمد!
ورغم إن الأغلبية يومها كان عددهم 33 إلا إن من قدموا استجواباتهم لم يقدم أي منهم كتاب طرح ثقة أو عدم تعاون رغم إمكانية تقديمه كونهم يمتلكون عدد 10 نواب إلا إنهم لم يتقدموا بهذه الطلبات!
هذه الحقائق التي ذكرتها قد يسأل أحدهم ويقول: ما الداعي لذكرها الآن؟
والرد البسيط على هذا السؤال وسيكون الآتي: إن كل ما حدث في فترة المجلس المبطل الأول الذي استمر فقط 4 أشهر عبارة عن مسرحيات وتكملة لترتيب الأوراق متفق عليها ما بين سلطة قذرة وأتباعها ليتمكنوا لاحقا من مهاجمة الأغلبية بتهم كاذبة معتمدين على نسيان الشعب للأحداث، كونها سابقة وقبل سنتين، وسيكتبون هم أحداث أخرى تغرر بالشعب ليتمكنوا من خلالها من مهاجمة أغلبية المجلس المبطل الأول..
وأما موضوع سحب الجناسي فهو أيضا ليس فكرة جديدة وطارئة تم استحداثها لمواجهة المعارضة وترهيبها، بل هي فكرة قديمة ومتخذ القرار بها منذ أن أطلقوا الجويهل في الإعلام وفتحوا له القنوات وزوروا الأوراق وسربوها له، وزوروا بنتائج الانتخابات ليوصلوه للمجلس ويجلسوه مع أعضاء الأغلبية في المجلس المبطل وقال ما قال عن نائب مزور لجنسيته يجلس معه في قاعة عبدالله السالم، وعندما استجوب لم يتمكن من كشف ورقة واحدة فيها تزوير أو ازدواجية!
إن الحقيقة التي يجب معرفتها من قرار سحب الجناسي وجنسية البرغش تحديدا، إن هذا الموضوع مطروح على طاولة السلطة منذ 5 أعوام كانوا خلالها يحاولون سحبها بشتى الطرق، وعندما عجزوا عن كشف عملية تزويرها طلبوا من أحد أقاربه وقبل أشهر قليلة التقدم بشكوى يتهمه فيها بتزوير جنسيته..
أي إن السلطة لا تمتلك مبررا حقيقيا لسحب الجناسي غير جنسية البرغش لتسحبها، وعملت لسحبها على مدى 5 سنوات وعندما فشلت استعانت بأحد المقربين منه ليشتكيه فتتمكن هي من تنفيذ مخططها بسحب جنسيته..
أما الجبر.. فعندما فشلوا في تكييف التهم له حسب قانون الجنسية لم يجدوا إلا المصلحة العامة ليتم سحب الجنسية منه..
أي أن المواطن يتم مواطنا كامل الدسم إن “خرس” فهذا أهم شروط العيش في بلد ديمقراطي.. فتخيلوا!
الأمر الآخر المهم..
إن في خضم المواجهة مع السلطة وفي أثناء توجيه المعارضة خطابها لأبو السلطات وقال له نواب المعارضة ما قالوا من خطابات كان آخرها خطاب “كفى عبثا” لم يتم سحب أي جنسية بتهمة تقويض النظام، بل كانت هناك قضايا نظرتها المحاكم بعضها صدر فيها أحكام سواء السجن مع وقف النفاذ أو بالبراءة، وبعضها لا زالت منظورة أمام القضاء..
واليوم ولأن المعارضة تدافع عن مسند الإمارة ضد من يحاول الانقلاب عليه وتدافع عن حكم الأمير، سحبت جناسي المواطنين المدافعين عنه وترك من اتهموا بالانقلاب على الحكم وتقويض النظام!
وعليه.. ألا تعتقدون أن في الأمر إنَّ؟!
إننا يا سادة أمام شياطين خططت ودبرت سنوات للوصول إلى ما وصلنا له اليوم من أوضاع سياسية واجتماعية، فالأوضاع السياسية الحالية تم ربطها بالأوضاع الاجتماعية وبدأوا بتمزيق المجتمع واتباع سياسة فرق تسد، وبما أنهم يسودون وليس هناك من ينازعهم على السيادة، فإنهم استخدموا سياسة التفريق لإتمام عملية سرقاتهم ونهبهم لمدخرات الدولة وأموالنا وأموال أجيالنا القادمة واستثماراتنا دون أن يتمكن أي طرف أو تتمكن أي فئة من فئات المجتمع من محاسبتهم..
فهم ضربوا القبائل بالحضر وضربوا الحضر الإسلاميين والقبائل بالشيعة، وضربوا القبائل بعضها ببعض عندما أعلنوا إنهم سيعيدون حقوق القبائل الصغيرة من القبائل الكبيرة، بل وضربوا أبناء القبيلة الواحدة بعضها ببعض فقسموهم قسمين، حتى لا تتفق وتتوحد كلمتهم فيواجهوا فسادهم!
فلتنظروا اليوم ما وصلت له الكويت من فساد وسرقات ونهب لأموالها دون حسيب أو رقيب ثم شاهدوا من يدافع عن السلطة؟
إنهم حلفاء اليوم والذين هم أصلا يختلفون عن حلفاء “عهد” الأمس الذين استبدلتهم السلطة بعدما تغير “العهد” وتغيرت المصالح وتبدلت الأهداف، وهو ما سيتغير لاحقا أيضا بتغير “العهد” وتغير المصالح وتغير الأهداف، وفي كل مرة تبدل السلطة حلفاءها تبطش بالسابقين بعصى الجدد وبتصفيق منهم، دون أن يتفق الشعب مرة واحدة ضد السلطة المتمصلحة ويوقفها عند حدودها الدستورية ويجبرها على احترام الشعب واحترام حقوقه ومكتسباته!
قد يظن البعض أن هذه فرصته لنيل حقوقه، أو تحقيق طموحه وأهدافه الخاصة، أو تظن فئة أن هذه فرصتها لتحقيق مكتسباتها السياسية، كما حققت الفئات السياسية الأخرى أو حقق البعض أهدافهم ومصالحهم أو مكتسباتهم السياسية في عهود سابقة، ونسى الجميع أو تناسى إن كل فئة تنال الرضى في عهد تلغى كل مكتسبات ومميزات الفئة التي كانت موالية للعهود السابقة، فكيف سيضمن أي كان إن كل ما حققه لن يسلب منه بانتهاء عهد العسل مع السلطة عندما يستبدل في “العهد” اللاحق بحليف آخر؟!
هي دعوة للتفكر والتأمل للأسرة، وقبل أن تضيع الكويت ونفقدها، ويتحول الخلاف السياسي لعداء شعبي، عندها لن يتمكن أي عهد قادم من إصلاح ما تم إفساده أو تدميره، فما يكسر لا يمكن إصلاحه مهما قدمتم من تنازلات..
وللشعب أقول..
ما قبل 2006 لم تصل الكويت إلى خصومة شعبية كما وصلت له اليوم، ولم يفرح أحد بمصائب خصومه كما هو الحال اليوم، وللأسف فإن الوقت يمر والعداء يترسخ ويتوسع، فإن لم نتداركه نحن كشعب ونتصدى لألاعيبهم وسياساتهم الحمقاء فإننا سننتهي وستنتهي الكويت معنا..
اللهم إني بلغت
اللهم فاشهد..
ولا حول ولا قوة إلا بالله،،،
بقلم.. جنوب السرة