كتب الاقتصادي الكويتي ناصر النفيسي مقالاً تناول فيه تحالفات السلطة عبر تاريخها السياسي، وكيف جرّت هذه التحالفات تراجعاً مخيفاً للدولة على مختلف المستويات.
هنا المقال.. والرأي لكم:
أي سلطة ضعيفة تحاول أن تتحالف مع مجموعة أو توجه أو حزب … إلخ حتى تستقوي به -لأجل مسمى – على غالبية الشعب لتنفيذ مآربها ، وعندما تستوفي حاجتها منه تستقوي بمجموعة أخرى ، ولظروف معينة تستنجد بطيف ثالث … وهكذا دواليك حتى تستنزف كل ما لديها من أوراق وحيل فاسدة لحين سقوط هذه السلطة الضعيفة والفاشلة وتسقط البلد معها ، وهذا وضعنا تماماً في الكويت.
ومنذ انتهاء العصر الذهبي لدولة الكويت في أواسط سبعينيات القرن الماضي ، والذي كان بسبب استشراء الفساد في السلطة ، بدأت تتحالف مع التكتلات الفاعلة على الساحة في كل حين وفي كل وقت ، فتارة تستنجد بالتكتل الديني وتصرخ: إلحق علينا يا أخونجي ويا سلفي … ، وتارة أخرى ، تستغيث بالتيار القومي وتنادي: يا عُروبي يا علماني يا ليبرالي ، وما أن يخفت هذا التيار ، حتى تستقوي بالتوجه التجاري أو العائلي ، فتصيح : يا خرافي يا صقر يا غانم … ، ثم ما تلبث أن تطلب المدد من الطيف الشيعي ، فتنادي : يا حيدر يا مُهري يا دهداري … ، وطبعاً لا ننسى إتكاءها على البعد القبلي ، بصراخها : يا عازمي يا مطيري يا عجمي … إلخ.
ونجد أن تحالف السلطة الضعيفة بفسادها مع تلك الأطياف وغيرها يكون لفترة مؤقتة ولمصلحة محددة ، فتارة لضرب طيف آخر ، وتارة أخرى لمتغيرات أقليمية ، وتارة ثالثة لمستجدات محلية … ، أي أن مصلحة السلطة ضيّقة ودون أدنى تفكير في العواقب ، وأيضاً دون أي رؤية لمصلحة الوطن والمواطنين ، بل أن تلك التصرفات ” السلطوية الصبيانية ” تزيد التناحر ما بين مكونات الشعب الواحد وتشيع البغضاء حتى ضمن الطيف الواحد ، كما تبث الشحناء حتى في البيت الواحد ، والمكسب للسلطة الجاهلة ولو مؤقتاً مهما كلّف الثمن ، والضحية الوطن والمواطنين وكيان الدولة وضمنها السلطة ” الحاقدة ” في نهاية المطاف.
لقد آن الأوان أن تكف السلطة في الكويت عن العبث في مستقبل البلد ، وأن توقف اللعب بالنار كما يقال ، فإن معظم النار من مستصغر الشرر ، وقد تجاوزنا مستصغر الشرر إلى أخطر من ذلك ، فلأول مرة يتم تقطيع أوصال الشعب الكويتي وتعميق انقسامه وتشرذمه بواسطة السلطة وآليات التخريب المتاحة لها ، وأولها وأهمها ” المال ” ، حيث أنه عوضاً أن ينعم الشعب وأجياله القادمة بفوائض البلد النفطية ، يتم استخدام تلك النعمة في تخريب البلد وزرع الفتن وصنع الشروخ ما بين مكوناته ، حيث تقوم السلطة بدعم أفراد وتوجهات معينة بالقوة المادية الضاربة للبطش بخصومها بشكل أو بآخر ، كم يتم تخريب الوطن ومحاربة المواطنين بأموال الوطن والمواطنين ، ولا شك في حال استمرار السلطة على هذا المنوال الخبيث واللئيم ، فانها ستستعدي جميع أطياف الشعب الكويتي في نهاية المطاف ، ولن يكون لها صاحب أو حليف ، وبالتالي ، سينكشف عجزها وفسادها أمام الجميع ، ويحدث الطوفان ويغرق الجميع ، ومن ثم ، تفقد مشروعية وشرعية بقائها ، وربما لن يبقى لها أحد في البلد لتستقوي به ، إلا أن تستغيث وتصرخ وتهذي : إلحق علينا يا سيكي ويا ميكي!
أضف تعليق