أقلامهم

تركي العازمي: مسطرة القانون هي التي تصنع المعجزات.

بعض ربعنا … «سكوتهم أحسن»!
د. تركي العازمي / وجع الحروف
غادرت السبت الماضي برفقة ابني عبدالله لحضور حفل زفاف نجل أحد الزملاء في أبوظبي بدولة الإمارات العربية والطريف في تلك الرحلة الخاطفة موقف يبين طبيعة ثقافة أحبتنا المسافرين!
عند دخول الطائرة كان يقف أمامي شاب كويتي وعندما رأى شاباً إماراتياً جالساً بادره بالسؤال: «شجابك للكويت.. هاد الجنة وجاي للنار».. ابتسم الإماراتي وقال «جاي لأهلنا»!
أي «جنة» يتحدث عنها الكويتي «المتحلطم»؟
المراد… وصلنا هناك ودرجة الحرارة تجاوزت 40 مئوية والرطوبة فأي جنة تحدث عنها صاحبنا!
بعض ربعنا.. «سكوتهم أحسن» لأن بعض الألفاظ لا تجد لها مبررا على الإطلاق.
ما يميز دبي تحديدا… النظام الذي نفتقر له فهناك القانون يطبق والمرور تحترم قواعده!
يقول لي أحد الزملاء ان حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد المكتوم قد أعطى توجيهاته إلى القياديين في تطبيق الحكومة الإلكترونية خلال عامين… كل المعاملات تنفذ إلكترونيا!
هنا أتذكر فقرة في رسالة الماجستير كتبتها قبل من ما يقرب من 10 أعوام نصها «إن دبي أشبه بشركة والقيادي صانع القرار فيها هنا محمد بن راشد.. حيث يتابع تنفيذ المشاريع ويتفقد العمل في مرافقها وأي مقصر يجد المحاسبة الفورية»!
الشاهد إنه إذا توفرت المادة.. والرؤية وحسن القيادة التي تتبعها إدارة فاعلة فعندئذ تستطيع أن ترى الأفكار مطبقة على أرض الواقع!
المشكلة أننا في الكويت نلاحظ مهمة اتخاذ القرار قد توزعت بين مجاميع… وكل فرد منها له رؤيته، وفي الغالب نجدها رؤى غير معمول بها أو غير قابلة للتنفيذ حتى وإن كانت جيدة لأن عامل حسن الاختيار للقياديين والمديرين غير معمول به!
والواقع يشير إلى أننا وإن وجدنا مديراً أو قيادياً مقصراً ثابتاً تقصيره فمحاسبته صعبة لأنه «مسنود» ويقع خارج نطاق المحاسبة!
إذا أردت أن تحاسب مقصراً فعليك تقبل تبعات قرارك حيث ستجد إن فكرت في الإصلاح السهام المضادة من نواب وأصحاب نفوذ في اليوم التالي ويعود المصلح من حيث أتى ويرضخ للضغوط مجبرا… ولهذا السبب تتأخر مشاريعنا ونفتقد الرؤى الإصلاحية!
ما عليه… القصد من المقال إن بعض أحبتنا من المسافرين هم سفراء للكويت في الخارج وبالتالي انتقاؤهم للعبارات وتطبيق حسن السلوك واجب كي لا يقال بأن الكويتيين «رايحين فيها»! نتمنى أن يعي أحبتنا أهمية تمثيلهم للكويت عند تواجدهم خارج «الديرة».. فإنه لمحزن أن تصور الكويت بالنار التي ذكرها ذلك المسافر ولا حول ولا قوة إلا بالله!
إننا نعيش في بقعة جغرافية تميزت عن سواها بأعراف اجتماعية طيبة للغاية وإن بدا قلة من أحبتنا في تصويرها بطريقة آخرى!
المباني والعمران لا تصنع المحبة والتآلف.. العمران الذي نحتاج البحث فيه هو العمران الأخلاقي الذي يبدأ ببناء الفرد الكويتي بدءا من حسن اختيار القياديين لصناعة رؤية تحولية ترفع من مستوى الكويت اجتماعيا ومؤسساتيا وخلق بيئة عمل للأفراد المنتجين من أبناء جلدتنا!
مسطرة القانون هي التي تصنع المعجزات لو تضافرت الجهود في تطبيقها بشكل عادل دون محاباة ومحاصصة عند اختيار من نتوقع منه وضع الرؤى وتحويلها إلى واقع!
مسطرة القانون تحتاج لتوفير ميكانيكية مناسبة لصياغة القرار… إننا نحتاج رجال دولة تفهم إن عامل الزمن مهم ومن دون هذا لن تتغير ثقافتنا وسنبقى نردد عبارة «لوإننا قمنا بكذا لوجدنا….إلخ»… والله المستعان!