كتاب سبر

خايفين منهم

هل يمكن لعاقل أن يصدق أن أجهزة الدولة وخصوصاً وزارة الداخلية لم تكن على علم بنشاط شافي العجمي وحجاج العجمي وحامد العلي إلا بعد أن أصدر مجلس الأمن لائحة بأسماء ستة من المتورطين بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا ومن ضمنهم العلي وحجاج. حتى المُخَدَرات في حجورهن يعلمن عن “النشاط الجهادي” لهؤلاء الثلاثة، فيكفي للدلالة على ذلك المقولة الشهيرة لشافي العجمي أمام السفارة اللبنانية “نحرنا (لاحظ أنها بصيغة الجمع) سيئهم (ويقصد السيد حسين) ونحرنا ولده معه، وأدعو المجاهدين إلى ذبحهم وأن يتركوا لي عشرة لآستمتع بنحرهم”، كما ظهر في مقابلة تلفزونية وهو يعلن صراحة استعداده لشحن السلاح “للمجاهدين” في سوريا مبيناً سعر ثمن كل قطعة سلاح يتم “التبرع” بثمنها، أما نشاط حجاج العجمي فأشهر من أن يحتاج إلى دليل فقد اعترف صراحة في مقابلة تلفزونية بأنه ذهب للقتال مرات عدة في سوريا، وأما حامد العلي فتغريداته على التويتر شاهدة على تأييده لتنظيم القاعدة وبقية التنظيمات “الجهادية”.
رغم وضوح نشاط هؤلاء الثلاثة وأخرين كثر ورغم علم الحكومة بذهاب العشرات من المواطنين إلى سوريا للقتال ومقتل العديد منهم وإقامة مراسم العزاء لهم في الكويت ومن ضمنهم أخ النائب سلطان اللغيصم إلا أنها لم تحرك سأكناً وكأن الأمر لا يعنيها. أغلب الظن أن الحكومة كانت خائفة من ردة الفعل إذا قامت بمحاسبة هؤلاء الثلاثة وغيرهم في ظل أجواء شحن عاطفية تجاه الأحداث في سوريا، ولذا أرتأت أن تدس رأسها في الرمال. الآن وبعد أن أنكشف الغطاء وبان المستور وأصبح هناك توجه عالمي لمحاربة داعش وزميلاتها لأن الجميع استشعر خطر هذه التنظيمات الإرهابية إلى الحد الذي دعا فيه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى ضرورة مواجهة تنظيم “داعش” فورا، “وإلا سنواجههم في شوارع بريطانيا”. بعد خراب البصرة يبدو أن الحكومة تشجعت قليلاً وستتخذ بعض الإجراءات الخجولة ضد بعض الرؤؤوس الكبيرة، وإن كان الخوف لازال يعتريها وخير دليل على ذلك إخلاء سبيل شافي العجمي بعد إحتجازه لعدة ساعات للتحقيق معه.
من الواضح أن الحكومة خائفة من مواجهة المتطرفين “الجهاديين” وهي لا تجرؤ على إيقافهم لأنها تخشى من العواقب فقد استع الخرق على الراقع، ولكن على الحكومة أن تعي أنه إذا كان ديفيد كاميرون يخشى أن يجد الدواعش في شوارع لندن فإن الدواعش بالفعل موجودون في شوارع الكويت يسرحون ويمرحون دون حسيب أو رقيب، وهناك الآلاف ممن يؤيدونهم ويتبنون الفكر ذاته، وهذا الواقع هو نتاج طبيعي لاختطاف التيار المتطرف لمؤسسات الدولة لسنين طويلة بعد أن تغلغلوا في معظم أوصالها. الكثيرون يتساءلون بتخوف ورعب عن إمكانية وصول داعش للكويت بعد أن بينت خريطة “الخلافة الداعشية” أن الكويت ضمن “ولاياتها”، والجواب أن داعش لا تحتاج أن تأتي للكويت، فهي تعيش بين أظهرنا، فالخطر الحقيقي من دواعش الداخل وليس من دواعش الخارج، وعما قريب سوف يجلي الصبح ما ستره سواد الليل وعندها سوف يقول القائل “ولات حين مناص”.

د. صلاح الفضلي
Salahma@yahoo.com