آراؤهم

فقط للرجال

“حرية – عدالة ـ مساواة ” تلك كانت أول كلمات مرت على مسامعي من قالها أستاذ ومؤرخ جزائري له مكانته العلمية ( ناصر الدين سعيدوني)، وكعادة طالب في أول أيامه الجامعية، لم تكن هذه الشعارات بالنسبة لي ذات أهمية، فقلت في نفسي ربما لا يعرف أننا نختلف عن بقية الدول العربية، نحن في دولة المؤسسات و القانون ولا نحتاج لمثل هذه الشعارات الوهمية، فالدولة ترعانا من المهد الى اللحد، و هذا الامر لا نجده حتى في الدول الغربية، و تذكرت مقولة الآباء و الأجداد التي يرددونها في كل صبح  و مسية ” عايشين أحسن من غيرنا”.
 أكمل الأستاذ محاضرته وتطرق إلى فولتير وجان جاك روسو و منتسكيو و غيرهم من فلاسفة أوروبا الغربية، إلى أن وصل إلى  تطبيق مبدأ فصل السلطات في الدولة الديمقراطية، فقلت من المؤكد أنه لا يعرف أن لدينا دستور من أفضل الدساتير العالمية، و برلمان وحكومة، و قضاء يتصف بالاستقلال و النزاهة والحيادية، ربما في قادم الأيام يقرأ صحفنا ويشاهد برامجنا ويعرف بنفسه كيف هي الحياة في دولتنا المثالية.
 استمر في حديثه وقال : ” السجن فقط للرجال”. لم تمر هذه الكلمات كسابقاتها مرور الكرام، بل رسخت في ذهني أياما وأياما، ماذا يقصد أليس السجن للطغاة والمجرمين وسراق المال العام؟! سألته ذات يوم عن معنى هذا الكلام؟ تنهد وأطال شهيقا وقال في بلادنا العربية من يطلب الحرية تسحب منه الهوية أو يقضي بقية حياته في زنزانة انفرادية.
كلما تذكرت كلامه تذكرت واقعنا وما يواجه شبابنا في الأشهر الأخيرة من تضييق للحريات، ضرب واعتقالات، تهم ومحاكمات وتعسف في الإجراءات بسبب هذا الشعار “حرية ـ عدالة ـ مساواة”. والمثال الأخير ما يحدث لأخينا محمد العجمي (أبوعسم) المناضل الشرس عن حرية الرأي و التعبير، المدافع عن كل مظلوم في هذا الوطن الصغير، فبعد سحب جوازه بسبب تغريدة، يحجز لمدة عشرة أيام بتهمة ازدراء الأديان.
السجن ليس لنا نحن الأباة…………… السجن للمجرمين الطغاة
dashti85@