أقلامهم

ناصر المطيري: رسم الخرائط السياسية في الشرق الأوسط سيكون بألوان الدم الطائفية والعرقية.

خارج التغطية 
خريطة الدم والدين في الشرق الأوسط 
ناصر المطيري 
المشهد السياسي كما هو واقع اليوم في منطقة الشرق الأوسط بروز حالة من الصراع والانقسام الديني، واستغلال للدين الإسلامي في تحقيق أهداف سياسية ومحاولات فرض واقع جديد لنسف المشهد في المنطقة سياسيا وجغرافيا وذلك بالاعتماد على الإرهاب الديني «الداعشي» من جهة ومن جهة أخرى تعميق الانقسامات الطائفية التي زادت حدتها في المرحلة الراهنة في كثير من دول المنطقة.
وبالعودة للتاريخ نجد أن الإنقسام الديني حدث قديماً قدم الإسلام نفسه تقريباً، وقد نجم عن صراع سياسي بين أتباع النبي محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بعد وفاته حول من الذي يتولى الخلافة فكانت حصيلة ذلك أن برزت إلى الوجود مجموعات من التفسيرات لتعاليم الدين مختلفة عن بعضها قليلاً وفي بعض الأحيان مختلفة كثيراً. ولكن رغم هذا ليس في تاريخ الإسلام كله نظير لحرب المئة عام التي وقعت بين البروتستانت والكاثوليك في أوروبا.
فى مقال تحت عنوان «حريق أعظم من حروب الدين في أوروبا» لتحليل الأوضاع في العالم في ظل التغيرات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط يقول وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر إن الشرق الأوسط يواجه صراعات شبيهة بالحروب الدينية في أوروبا، في القرن الـ17، ولكنها أكثر اتساعا.
ويرى كيسنجر أن النزاعات الداخلية والدولية تقوي بعضها بعضا، وأن الصراعات السياسية والطائفية والعشائرية والإقليمية والأيديولوجية والمصالح القومية تختلط بعضها ببعض، إذ إن الدين عاد «ليحمل السلاح» في خدمة الأهداف السياسية، على حد وصفه.
وأضاف أنه يجري استهداف المدنيين والقضاء عليهم بسبب انتمائهم الطائفي، وأنه في الدول التى تستطيع الحفاظ على سلطتها، فإنها تقوم بذلك دون التقيد بأي من الحقوق أو الالتزامات الدولية، مبررة ذلك بمتطلبات البقاء.
فى الحالات التي تتفكك فيها الدول وتنهار سلطة الدولة، فإنها تصبح ساحة للتنافس بين القوى المحيطة، والتى عادة ما تحافظ على قوتها وسطوتها دون مراعاة لكرامة الإنسان. ويقول كيسنجر إن الصراع حاليا في الشرق الأوسط ديني وسياسي وجغرافي في آن واحد.
الخريطة السياسية في المنطقة تموج بالعديد من الاحداث الملتهبة سياسياً بفعل الشحن الطائفي والانقسامات العرقية ففي سورية مثلاً تم إقحام العنصر الطائفي على الثورة في 2011 من قبل نظام الأسد نفسه الذي أراد أن يعطي الصراع صبغة طائفية. تبنَّى هذه الفكرة متعمداً لعلمه بمدى خوف الناس منها.. وقد حاول النظام وحلفاؤه في حزب اللَّه أن يقدموا أنفسهم بصورة المدافعين.
المشهد في العراق لم يختلف كثيرا في استخدام الورقة الطائفية والتي من المرجح ان تنتهي إلى تقسيم العراق.
اليمن وحرب الحوثيين هي نسخة جديدة من الحروب المذهبية التي ترتدي عباءة الدين وتهدد دول منطقة الخليج التي أصبحت محاطة بالصراعات الدينية الطائفية المسيسة في العراق وسورية واليمن جنوبا وما يصاحب ذلك من تدخلات إقليمية تحت المظلة الطائفية.. المشهد الإقليمي مثير للقلق ونحن نمر بمرحلة مفصلية ربما تعاد فيها رسم الخرائط السياسية في الشرق الأوسط بألوان الدم الطائفية والعرقية.