أقلامهم

عبدالعزيز الفضلي: تكفل الدولة بمصاريف علاج المريض في الخارج تجاوزت الغاية النبيلة.

تجارة المرض 
| عبدالعزيز صباح الفضلي | 
المرض ابتلاء من الله تعالى لعباده، فمن صبر كان له الأجر ومن اعترض على قضاء الله فقد جمع بين مصيبتين :ألم المرض، وسخط الله.
وواجب الإنسان أن يبحث عن العلاج والدواء، فما أنزل الله تعالى من داء إلا وجعل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله.
ومن فضل الله تعالى علينا أن العلاج في بلادنا يقدم بالمجان، ومن عجزت مستشفياتنا عن علاجه تقوم الدولة بإرساله للعلاج في الخارج، ويعتمد الأمر على طبيعة حالة المريض.
ومما يؤسف له أن مسألة تكفل الدولة بمصاريف علاج المريض في الخارج تجاوزت الغاية النبيلة التي حددت لها، ولذلك وجد البعض في هذه المسألة فرصة للكسب غير المشروع، واعتبرها البعض فرصة للسياحة على حساب الدولة، كما أن البعض خصوصاً مع زيادة المخصصات اليومية للمريض والمرافق، أخذ بالحرص على إطالة فترة علاج المريض والبحث عن الواسطات من أجل تحقيق ذلك الهدف.
فكم من شخص استكمل بناء بيته من خلال تلك المخصصات؟ وكم من مرافق سدد ديونه التي هي بالآلاف؟، وكم من مرافق اشترى سيارة فارهة (كاش) وكل ذلك ببركة العلاج في الخارج!!
بعضهم رافق المريض في البداية ثم أصبح يتنقل من دولة لأخرى، وأحيانا يكون المريض كبيرا في السن ويحتاج إلى مرافقه إلا أن المرافق عديم الإنسانية تخلى عن الهدف الذي سافر من أجله، والبعض رجع إلى البلاد دون علم الدولة مع بقاء المريض في الخارج وهو مع ذلك يتسلم المخصصات، وكم سمعنا عن أناس لم يغادروا البلاد أصلا، وهم يتسلمون المخصصات!!
أود التذكير بأن كل فلس تم أخذه بغير وجه حق سيُسأل عنه الإنسان يوم القيامة أمام الله، والمسؤولية هنا مشتركة، تقع على عاتق المريض أو المرافق المزيّف، كما تقع على كل مسؤول سهّل العلاج في الخارج مع علمه بأن الشخص لا يستحق، وتقع على كل من جعل مسألة العلاج في الخارج طريقا لكسب الولاءات.
كما يتحمل الوزر كل من توسط لشخص للعلاج في الخارج وهو يعلم بأنه لا يستحق، يقول الله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
لقد انكشفت فضيحة العلاج في الخارج مع الأعداد الغفيرة التي ملأت ديار الغرب خلال فترة الصيف من مدعي المرض، والمرافقين، فتكبدت الدولة مصاريف كان يمكن استغلالها بما هو أولى، كما تسببت هذه الأعداد الكبيرة في زيادة الضغط على المكاتب الصحية ما أضعف دورها، وسبب لها إعاقة في خدمة المرضى الحقيقيين.
فيا من تدّعي المرض احمد الله على العافية فلربما ابتلاك الله بمرض حقيقي قد لا تجد شفاءه.
ويا أيها المرافق المزيّف، احذر سرورا أو غنى موقتا تكون عاقبته الندامة.
ونذكر المسؤولين في إدارة العلاج في الخارج بأن يراقبوا الله عز وجل، ويؤدوا الأمانة على وجهها، فيسهّلوا على المريض الحقيقي، ويرفضوا طلب المتمارض.