كتاب سبر

مسلم البراك.. أسطورة

من ينشط في  العمل العام لا يجد صعوبة في فهم تعلق  الكثير من المواطنين بالنائب السابق مسلم البراك، والمفارقة أن أولئك ” الكثير ” يمتد ضمن مساحة إجتماعية ( رأسية وأفقية ) تتجاوز المذاهب والمناطق والقبائل، وتلتقي عند الإحساس بغياب العدالة وتكافؤ الفرص والتواطؤ على إنتهاك المال العام.
حتى الشيوخ وبعضهم من  فرع المبارك ” يبكون ” بدلا من الدموع ” دم ” على تلك الأيام التي كان فيها بوحمود نائبا يهز أركان قاعة الشيخ عبدالله السالم بصوته الجهوري، وهناك أيضا من التجار من يعيش حالة من الحزن بسبب غياب  تلك  الأجواء الجميلة التي تسيدت الساحة خلالها معادلة ” لايموت الذيب ولاتفني الغنم “.
حسم الأمور ليس  في مصلحة  أحد خاصة  في بلد مثل  الكويت ليس لديه إقتصاد حقيقي بل بئر نفط يباع نتاجها ويوزع على القطط السمان ” الكبيرة والصغيرة ” ضمن البابين الأول والرابع، بل تلك المصلحة تتطلب أن يكون هناك معركة في حدود البرلمان جبهتها المال العام والتجاوزات الحكومية وضحاياها ” لقمة ” هنا وأخرى هناك.
الحسم يعني الجمود خاصة مع كل هذا الإفلاس الحكومي من خلال الإصرار على أن يظل الشيخ جابر المبارك رئيسا للوزراء رغم العجز الواضح  في الإدارة الحكومية،  والبديل هو التجديد في الشخوص والبرامج  فالسنوات الماضية  كانت مضحكة  إلى درجة الحزن فيما يتعلق بالإداء الحكومي فالشيخ  جابر يطرد وزيرا من تشكيلة ويعيده للتشكيلة التي تليها دون أن نفهم لماذا أبعده أو لماذا  قربه.
النائب السابق مسلم البراك ” أسطورة ” ربما لن تتكرر في تاريخ الحياة السياسية على صعيد الأداء وليس شرطا أن يكون بمثل تلك الحالة على صعيد التفكير، فقد كان الرجل يعين الوزراء ويقيلهم، ويعين الوكلاء والوكلاء المساعدين ومدراء الإدارات في كل قطاعات الدولة، ويتهافت على ديوانه أبناء الكويت من كل طائفة وقبيلة ومنطقة من أجل تلك المناصب وغيرها، ربما بتواطؤ من الحكومة نفسها الذي رأت فيه فيما بعد شخصا غير مرغوب فيه، وربما بسبب تصارع الأضداد السياسيين والإقتصاديين.
بوحمود ربما إرتكب الكثير من الأخطاء خلال مسيرته بعضها يتحملها هو وبعضها تتحملها الحكومة وبعضها نتحملها نحن والبسطاء من المواطنين، لكنه يبقى أملا بث شعورا طيبا في كل ذات شيخا كان أم  تاجرا أم مواطنا بسيطا، خاصة في هذه اللحظات التي يقارن فيها أولئك بين حالهم السابق والحالة السائدة.