بورتريه

محسن الفضلي.. من “رِقّة” الجنوب الى “رِقّة” الشمال !

لولا أنّ قوة المنطق تشبه قوانين الفيزياء بل هي أشد صرامة من قوانين الفيزياء.. ولولا أن المنطق هو فيزياء العقل.. وهو في العقل بمثابة قيمة الضوء في الفيزياء.. لسلّمنا بأن امريكا بالفعل تحارب ابنها المدلّل “الارهاب”..!
امريكا قدمت لنا قصة تثير في توقيت ظهورها تساؤلاتٍ عديدة، عن شاب كويتي.. عُرف سابقاً بأنه أحد أعضاء تنظيم القاعدة حسب مزاعم أمريكية.. قيل اليوم بأنه زعيم ما يُسمّى تنظيم “خُراسان” في سوريا.. فجأة ودون مقدمات عاد أو أُعيدَ الى الواجهة ليتصدرها بوصفه “أكثر خطراً على واشنطن من داعش نفسها” حسب تقرير نُشر بالأمس في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. 
من هو ؟ ما حكايته ؟
محسن فاضل إياد الفضلي من مواليد منطقة الرقة جنوب الكويت 24 ابريل 1981 كويتي الجنسية،  هذا الشاب ذو الشعر الاسود والعينين السوداويْن عمره اليوم 33 عاماً وهو أصغر مطلوب بأعلى جائزة رصدها المركز القومي الأمريكي لمكافحة الارهاب (NCTC) لمن يدلي بمعلومة تفيد بالقبض عليه وقيمة الجائزة 7 مليون دولار امريكي. 
على الرغم من وجهه العبوس في الصور الفوتوغرافية المنشورة، ترددت معلومات صحفية من معارفه بأنه كان شخصاً هادئاً في معاملته مع الآخرين، “كان ساكناً كالبحر الميت” يقول صديق له.
بدأت حكايته مع تُهم “الارهاب” في العام 2000 وكان حينها في الـ19 من عمره، ألقت السُّلطات الأمنية الكويتية القبض عليه بتهمة محاولة تفجير مؤتمر التجارة العالمي الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة، وبُرّئ من هذه التهمة فيما دِين في القضية محمد الدوسري المعروف بأبي طلحة وبادي العجمي ،وخلال الفترة التي سبقت انطلاق الحرب الأمريكية على العراق 2003 ألقت قوات الأمن الكويتية القبض عليه مجدداً مع آخرين بتهمة التورط في تفجير الناقلة الأمريكية (كول) قبالة السواحل اليمنية من خلال دعم الشبكة التي نفذت العملية بالتمويل المالي، وحكمت محكمة الجنايات الكويتية بسجنه خمس سنوات وأيدتها محكمة الاستئناف، لكن محكمة التمييز برأته من التهمة الموجهة إليه لعدم اختصاص القضاء الكويتي في النظر في أحداث وقعت خارج أرض كويتية وأطلق سراحه. لكنه اعتقل مرة أخرى بعد ورود تقارير استخباراتية تفيد بتورطه في مقتل عضو مجلس الحكم العراقي السابق عزالدين سليم وكذلك تقديم دعم مادي لمنفذي عملية اغتيال محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، حيث قبض عليه ووجهت له تهمة التورط بدعم تنظيمات إرهابية خارجية عبر قضية أمن دولة حملت الرقم 5/ 2004 ، لكن القضاء الكويتي برّأه من جديد لعدم كفاية الأدلة فيما نسب إليه. ، آنذاك أصبح محسن الفضلي مطلوباً للسلطات السعودية والأمريكية وأدرِج اسمه في قائمة مجلس الأمن الارهابية في فبراير 2005 ، وظل متوارياً عن الأنظار حتى نوفمبر 2008 اعترف أحد الناشطين الاسلاميين لجهات الأمن الكويتية بأنه زوّر وثائق سفر ساعدت محسن على الخروج من الكويت في أكتوبر 2008 متوجهاً عبر البحر الى ايران ومنها الى أفغانستان. 
الغموض يكتنف حقيقة هذا الشاب، والمعلومات المنشورة عنه تجعلك تشعر بأنه في أهميته يعادل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وهذا زعم الامريكيين أنفسهم في أحد تقاريرهم الاستخباراتية بأنه الرجل الثاني في “القاعدة” والزعيم الجديد للتنظيم في ايران. وتزعم امريكا أيضاً بأنه ضمن القلة التي كانت كانت تعرف بهجمات 11 سبتمبر قبل حدوثها مع العلم أنه حينها كان في ال19 من عمره. ليس هذا وحسب، بل إن وزارة المالية الامريكية تعتبره “شخصاً داعماً للارهاب”  ولديه أنشطة مع أبي مصعب الزرقاوي في العراق، وبأن شارك في حروب القاعدة في أفغانستان والشيشان، وقدم دعماً ماليا لتمويل عمليات انتقامية في العراق وكذلك لتنفيذ عملية الهجوم على ناقلة النفط  في اليمن عام 2002 . 
من كل ما سبق لم يعترف محسن الا  بأنه شارك في القتال في أفغانستان ضد تحالف «قوات الشمال» تحت قيادة «طالبان» وليس «القاعدة»، نافيا علاقته بهذا التنظيم أو الالتقاء بقادته. كما اعترف بإرسال الأموال من الكويت إلى اليمن لرعاية أسر من يسميهم «الشهداء والمحتاجين» فقط.
هي صدفة أن يولد (محسن) في منطقة “الرقّة” جنوب الكويت وأنه اليوم يتواجد في “الرقّة” شمال سوريا ، لكن ربما من السذاجة الاعتقاد أنه محض صدفة حديث الأمريكيين اليوم عن خطر محسن الفضلي الذي “يفوق خطر داعش”..!