محليات

في دراسة مفصلة شرحت الآثار والنتائج المترتبة عليها
د.عادل الدمخي عن قرارات سحب الجنسية: عقوبة بالغة القسوة تخالف المواثيق الدولية

أعدّ النائب في المجلس المبطل الأول د.عادل الدمخي دراسة قيّمة عن قرارات سحب الجنسية أو إسقاطها عن المواطنين وما يترتب عليها من طرد للمواطن المجرّد من الجنسية خارج إطار الدولة، معتبراً هذه القرارات بمثابة عقوبة بالغة القسوة تخالف المواثيق والاتفاقيات الدولية حيث يُعد الحق في الجنسية من أكثر حقوق الإنسان أهمية، كما يمثل انتهاك هذا الحق من أخطر انتهاكات حقوق الإنسان.

وقدّم د.الدمخي شرحاً مفصلاً للنصوص الواردة في المواثيق الدولية التي تحرم انتزاع هذا الحق أيًّا كانت الذرائع والمبررات، مستعرضاً في دراسته أبرز ما تقرره الصكوك الدولية والإقليمية من حماية لحق ديمومة التمتع بالجنسية، وتعزيز حريتي الرأي والتعبير، وصولاً إلى تحديد مسؤولية الدول في سياق ما تتخذه من تدابير سحب الجنسية عن معارضيها.

وهنا دراسة د.عادل الدمخي تنشرها سبر كما وردت:

تعسف سلطات الدولة في إسقاط وسحب جنسيات مواطنيها
(حماية الحق في الجنسية بوصفه أكثر حقوق الإنسان أهمية)

 د.عادل الدمخي

 تمهيد وتقديم:
من المُشاهد – وخاصةً خلال العامين الماضيين – لجوء عدد من الدول العربية والخليجية تحديداً، إلى ترهيب معارضيها بالتلويح تارة بسحب جنسياتهم، والتقرير تارة أخرى بهذا السحب، مُتعللةً في ذلك بضرورات حفظ أمنها وحماية استقرارها وتعزيز نُظمها العامة والسياسية.
  ورغم إعلان هذه الدول – مراراً وتكراراً – عن تبنيها الدائم للديموقراطية أساساً لبنيتها المجتمعية، إلا أنها في المقابل لم تحتمل سهام نقد معارضيها السياسيين الموجهة إليها، فلم تجد – في ظل الخشية من أن تطال أنظمتها السياسية موجات الربيع العربي – سبيلاً سوى استخدام أكثر التدابير اللاإنسانية انتهاكاً لحقوق الإنسان، ألا وهو تدبير سحب جنسية كل من تسول له نفسه انتقاد سياساتها المحلية أو الخارجية أو انتقاد حاكميها، أملاً من هذه الدول في تحقيق قمعاً باتاً وناجزاً لثمة معارضة من شأنها أن تهدد – على حد رؤيتها –أنظمة الحكم فيها.
   فسعت هذه الدول – سعياً حثيثاً لا رحمة فيه – إلى ترسيخ عقاب سحب الجنسية كجزاء حاسم، يوجه ضد كل من يظن أن من حقه التمتع بحريتي الرأي والتعبير، فلجأت إلى تطويع وتوسيع تفاسير النصوص القانونية المطاطة لديها بما يستوعب ويتيح لها إرهاب معارضيهامن خلال إصدار قرارات سحب جنسياتهم، فنزلت مقصلة قرارتها التعسفية هذه لتقطع روابط إنتماء بعض معارضيها إلى جنستها، وظلت المقصلة قائماً نصلها يُهدد كل مُقدم على النقد والتحرر في الرأي أو التعبير ضد سياساتها.
    إن فقد الجنسية يعني زوالها عن الشخص في حياته بعد ثبوتها له وتمتعه بها مدى من الزمن، وفقد الجنسية على هذا النحو قد يكون إرادياً بقيام المواطن بالتخلي عن جنسيته نتيجة التجنس بجنسية دولة أخرى، أو يكون بالتجريد إذ تقوم الدولة بتجريد المواطن من جنسيته دون إرادته وذلك بسحبها أو إسقاطها كعقوبة نتيجة لعمل معين يقوم به أو رأي سياسي يبديه أو معتقد ديني يتمسك به ذلك المواطن لا ترضى عنه تلك الدولة.
   ومن هذا المنطلق، فإنه يكون من الجدير بالطرح اليوم التعرض لأبرز ما تقرره الصكوك الدولية والإقليمية من حماية لحق ديمومة التمتع بالجنسية، وتعزيز حريتي الرأي والتعبير، وصولاً إلى تحديد مسئولية الدول في سياق ما تتخذه من تدابير سحب الجنسية عن معارضيها.
أولا: استعراض الحق في الجنسية وحرية الرأي وحق التعبير من واقع الصكوك الدولية والإقليمية ذات الصلة بحقوق وحريات الإنسان:- 
  يُعد الحق في الجنسية من أكثر حقوق الإنسان أهمية، كما يمثل انتهاك هذا الحق من أخطر انتهاكات حقوق الإنسان.
  فما من شك في أن انتهاك حق الجنسية سواء بسحبها أو إسقاطها، إنما يمثل عقوبة بالغة القسوة نظراً لما في ذلك من تداعيات خطيرة أولها طرد مواطن الدولة من أراضيها، وفقدانه بالتبعية لذلك كل امتيازات يحصل عليها من وراء جنسيته المسحوبة من عمل وسكن إلى آخره من امتيازات المواطنة. هذا بالإضافة إلى أن سحب الجنسية غالباً ما يصاحبه إسقاط الجنسية عن فروعه من أفراد أسرته الذين اكتسبوا جنسياتهم نتيجةلاكتسابه الجنسية.
   فالتمتع بالجنسية هو من الحقوق الأساسية اللازمة لحياة الإنسان، بل إنها تعد حقاً طبيعياً لكل مواطن باعتبارها من عناصر الهوية التي تميز الإنسان في المجتمع الدولي. والتي لا يجوز سحبها بسبب إجراءات تعسفية أو تمييزية من قبل الدولة، وقد ورد النص على حماية هذا الحق في عدة مواثيق وصكوك دولية منها:
– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
   تؤكد المادة (2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على ضرورة عدم تمييز الدولة بين مواطنيها على أساس الرأي سواء كان سياسياً أو غير ذلك، حيث تنص هذه المادة، على أن “لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان (من بينها حق الجنسية)، دونما تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر. 
  وتباعاً، أتت المادة (15) من الإعلان العالمي، لتنص على أن “1- لكل فرد حق التمتع بجنسية ما. 2- لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها”.
– العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
  تنص المادة (2) من هذا العهد الدولي، على أن “تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد بأن تتخذ، بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولاسيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد، سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة، وخصوصاً سبيل اعتماد تدابير تشريعية. 2. تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب…..”.
– العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
  تنص المادة (2) من هذا العهد، على أن “تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب. 2. تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلاً إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضرورياً لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية. 
  وبشأن حق كل شخص في أن يتمتع بحق التظلم، تنص الفقرة (3) من المادة (2) من ذات العهد، على أن تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد: (أ) بأن تكفل توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المعترف بها في هذا العهد، حتى لو صدر الانتهاك عن أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسمية، (ب) بأن تكفل لكل متظلم على هذا النحو أن تبت في الحقوق التي يدعى انتهاكها سلطة قضائية أو إدارية أو تشريعية مختصة، أو أية سلطة مختصة أخرى ينص عليها نظام الدولة القانوني، وبأن تًنمى إمكانيات التظلم القضائي،(ج) بأن تكفل قيام السلطات المختصة بإنفاذ الأحكام الصادرة لمصالح المتظلمين”.
– اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري:
   تُلزم هذه الاتفاقية، الدول” بأن تكفل حق كل شخص دون تمييز بسبب العنصر، أوالجنس، أو اللون، أو الأصل القومي أو العرقي، في المساواة أمام القانون “خاصة فيالتمتع بحقوق الإنسان الأساسية المتعددة، بما فيها الحق في الجنسية.
   وفي ذلك، تنص المادة (5) من هذه الاتفاقية على أن “تتعهد الدول الأطراف بحظر التمييز العنصري والقضاء عليه بكافة أشكاله، وبضمان حق كل إنسان، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني، في المساواة أمام القانون، لاسيما بصدد التمتع بالحقوق التالية: (أ)…. (د) الحقوق المدنية الأخرى، ولاسيما: “1” الحق في حرية الحركة والإقامة داخل حدود الدولة، “2” الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلي بلده، 
“3” الحق في الجنسية.
– اتفاقية لاهاي المبرمة في 12/4/1930 في شأن مسائل الجنسية:
   تناولت هذه الاتفاقية، النص على أنه من المصلحة العامة للجماعة الدولية، العمل على تسليم جميع أعضائها بأن كل فرد يجب أن يكون له جنسية وأن المثل الأعلى الذي يجب أن تتجه إليه الإنسانية في هذا الخصوص هو القضاء على كل حالات انعدام الجنسية.
– إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام:
   تؤكد الفقرة (1) من المادة الأولى من هذا الإعلان، على مبدأ حظر التمييز لاعتبارات المعتقد الديني أو الانتماء السياسي والذي لا يُعقل منطقاً أن يكون التمييز سبباً في سحب أو إسقاط الدولة لجنسية مواطنيها، حيث تنص الفقرة على أن “البشر جميعاً أسرة واحدة جمعت بينهم العبودية لله والنبوة لآدم وجميع الناس متساوون في أصل الكرامة الإنسانية وفي أصل التكليف والمسؤولية دون تمييز بينهم بسبب العرق أو اللون أو اللغة أو الجنس أو المعتقد الديني أو الانتماء السياسي أو الوضع الاجتماعي أو غير ذلك من الاعتبارات. وأن العقيدة الصحيحة هي الضمان لنمو هذه الكرامة علي طريق تكامل الإنسان”.
   كما تنص المادة (19) من هذا الإعلان على أن حق اللجوء إلي القضاء مكفول للجميع، ومن ثم فإن حرمان أي مواطن في أن يتظلم قضائياً من انتهاك أكثر حقوقه الإنسانية أهمية المتمثل في حرمانه من جنسيته، إنما هو أمر يتعارض كل التعارض مع حقه في اللجوء إلى القضاء.
– الميثاق العربي لحقوق الإنسان:
   تُلزم المادة (3) من هذا الميثاق، كل دولة طرف فيه، بأن تكفل لكل شخص خاضع لولايتها حق التمتع بالحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الميثاق من دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو المعتقد الديني أو الرأي أو الفكر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو الإعاقة البدنية أو العقلية.
  ومن ثم فإنه لا يجوز للدول الأطراف في الميثاق أن تتذرع أو تتساند في سحب جنسية مواطنيها، إلى معتقداتهم الدينية أو رأيهم أو فكرهم.
  وبشأن حق اللجوء إلى القضاء، تُلزم المادة (19) من الميثاق، الدول الأطراف بأن تضمن حق التقاضي بدرجاته لكل شخص خاضع لولايتها، وعليه يُعد حظر الطعن على قرارات سحب الجنسية بمثابة مخالفة لالتزام الدولة بهذا الضمان.
   وقد أكدت المادة (23) من الميثاق، على وجوب تعهد كل دولة طرف في هذا الميثاق بأن تكفل توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المنصوص عليها في هذا الميثاق حتى لو صدر هذا الانتهاك من أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسمية.
   وبشأن حق الجنسية وحظر تعسف الدولة في إسقاط هذا الحق، تنص الفقرة الأولى من المادة (29) من الميثاق على أن “1- لكل شخص الحق في التمتع بجنسية ولا يجوز إسقاطها عن أي شخص بشكل تعسفي أو غير قانوني”.
سادساً: الضوابط التي يتعين على الدول مراعاتها في سياق ما تتخذه من تدابير وإجراءات بشأن سحب وإسقاط الجنسية ومسئوليتها بهذا الصدد:-
   لا شك في أنه يجب على الدولة الالتزام بمجموعة من القيود فيما يتعلق تحديداً بسحب وإسقاط جنسية مواطنيها، وذلك حسب تعريف مؤتمر لاهاي المنعقد بتاريخ13/4/1930 حول الجنسية، حيث أكد على أنه تختص كل دولة بأن تحدد في قوانينها الأشخاص الذين يتمتعون بجنسيتها وتعترف الدول الأخرى بتلك القوانين في حدود عدم تعارضها مع الاتفاقيات الدولية والعرف الدولي ومبادئ القانون العام المعترف به من الدول على وجه العموم في مسائل الجنسية. 
   وعلى ذلك، فإن حرية الدولة في تنظيم جنسيتها، إنما تتقيد بالالتزامات الدولية التيتتعهد بها هذه الدول في الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تصادق عليها، بحيث لا يمكنها أن تقرر في تشريع جنسيتها حكما يناقض حكم الاتفاق الدولي الذي ارتبطت به.
   وقد أستقر القضاء الدولي على ترسيخ هذا المعنى، حيث أكدت محكمة العدل الدولية فيالفتاوى الاستشارية الصادرة عنها، على أن مسائل الجنسية، وإن كانت تدخل في الشأنالداخلي لكل دولة، إلا أنه يجب على كل دولة أن تلتزم في هذا الخصوص بالالتزامات التيتكون قد تعهدت بها في مواجهة غيرها من الدول. 
   وقد بررت محكمة العدل الدولية، عدم إمكان تنصل الدول من الالتزامات الاتفاقية، بقولها أنه يترتب على تعهد الدولة بالتزامات معينة في مسألة تدخل في الأصل ضمن الاختصاص الداخلي لهما، أن تفقد المسألة هذه الصفة،وتكتسب وصفاً دولياً، بحيث لا يجوز للدولة بعد ذلك أن تدفع بأن هذه المسألة تدخل ضمن الاختصاص الداخلي لها.
   ومن ناحية ثانية، فإنه يكون من الضروري على الدولة أن تُعمل التفرقة – عند انتهاجها لنظرية أعمال السيادة – بين أحوال وإجراءات منح الجنسية، و أحوال وإجراءات سحب الجنسية، حيث أنه – تبعاً لهذه التفرقة – يكون للدولة كامل الحق في إدخال تدابير وإجراءات ضمن أعمال السيادة باعتبار أن منح الجنسية إنما هو حق سيادي للدولة لتقرر وتحدد من خلاله – بحرية تامة وفقاً لما يخدم مصالحه وأمنها القومي – من يستحقون الجنسية الكويتية من عدمه.
  وأنه فيما يتعلق بأحوال إسقاط وسحب الجنسية، فإنه يتعين على الدولة أن تُخرج حالات سحب وإسقاط الجنسية من نطاق أعمال السيادية، نظراً لارتباط الأمر بحق إنساني لا يعلوه حق آخر سوى الحق في الحياة. 
  وتباعاً لما تقدم، يكون جديراً بالدولة أن ترفع الحظر التشريعي الذي يمنع القضاء من نظر المنازعات الإدارية ذات الصلة بمسائل الجنسية، وتحديداً فيما يخص حق اللجوء إلى القضاء الإداري في أحوال سحب وإسقاط الجنسية، فخطورة إجراء سحب أو إسقاط الجنسية، تقتضي بكل تأكيد أن تسمح الدولة للمتضرر من قرارها القاضي بسحب أو إسقاط جنسيته، باللجوء إلى القضاء لعرض ما لديه من أوجه دفاع ودفوع قد يكون من شأنها دحض حجج وأدلة الدولة التي أسست عليها قرارها في سحب أو إسقاط هذه الجنسية، وذلك من خلال إلغاء الاستثناء الوارد في الفقرة (5) من المادة (1) من المرسوم بالقانون رقم (20) لسنة 1980 الصادر بإنشاء دائرة لنظر المنازعات الإدارية بالمحكمة الكلية، بشأن منع القضاء من نظر الدعاوى ذات الصلة بمسائل الجنسية. 
   كما أنه يجب على الدولة، أن تنشر رسمياً – وقبل إصدار قرار سحب أو إسقاط الجنسية – أسباب وموجبات إقدامها على هذا السحب أو الإسقاط، وذلك بصورة تفصيلية، حتى لا يكون سحب الجنسية سيفاً موجهاً لكل معارض لسياسة الدولة دونما رقابة شعبية.
ثانيا:تنديد المنظمات الدولية لإنتهاك ( سحب الجنسية ):
   1-بيان منظمة هيومان رايتس ووتش ( وفيه إثبات أن ما قامت به الحكومة الكويتية هو إجراء سياسي بناء على بيان مجلس الوزراء السابق لسحب جناسي المواطنين ):
الكويت- نزع الجنسية عن 5 من منتقدي الحكومة
ضمن حملة أوسع نطاقا ضد المطالبين بالإصلاح
أغسطس 10, 2014
(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن السلطات الكويتية جردت خمسة مواطنين من جنسيتهم ضمن حملة أوسع نطاقا ضد الناس الساعين للإصلاح. على الحكومة الكويتية أن تقوم فورا بإعادة جنسية هؤلاء وأن تضع حدا لهذه الممارسة.
كانت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية قد أعلنت سحب الجنسية من خمسة أشخاص في 21 يونيو/حزيران 2014. وقبل ذلك بأسبوع دعا مجلس الوزراء الكويتي السلطات المعنية إلى اتخاذ إجراءات مشددة ضد أولئك الذين يرتكبون “أي أعمال وتصرفات ومظاهر تستهدف تقويض الأمن في البلاد والاستقرار فيها  وتمس بمؤسساتها”. قال أحمد جابر الشمري، الذي يملك عددا من المنافذ الإعلامية، وواحد من الخمسة المسحوبة جنسيتهم إن أيا منهم لا يحمل جنسية دولة أخرى، ولذا فهذا القرار جعلهم بلا جنسية.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، “لا يحق لأي حكومة تجريد مواطنيها من جنسيتهم لمجرد أنها لا تتفق معهم أو مع آرائهم أو أفعالهم. وتعد هذه خطوة رجعية أخرى ضمن اعتداء الكويت على الحق في حرية التعبير”.
قال الشمري، 50 عاما، لـ هيومن رايتس ووتش في 8 أغسطس/آب إنه حرم من جنسيته الكويتية بموجب المرسوم  رقم 185 من عام 2014، الذي استهدفه هو وأربعة أشخاص آخرين. والشمري هو مالك محطة تليفزيون “اليوم” المستقلة وصحيفة “عالم اليوم”. وكانت محاكم كويتية قد أمرت بناء على طلب من وزير الإعلام، بالإغلاق المؤقت للمنفذين الإعلاميين اللذين يملكهما ثلاث مرات في مايو/أيار ويونيو/حزيران، لتحديهما التعتيم الإعلامي الذي أمرت به النيابة العامة في التحقيقات في مؤامرة مزعومة من قبل مسؤولين كبار للإطاحة بالحكومة.
قال الشمري لـ هيومن رايتس ووتش إن المرسوم البرلماني بإسقاط خمس جنسيات استند لقانون الجنسية الكويتي، رقم 15 لسنة 1959، والذين يمنح السلطات الرسمية أحقية إسقاط الجنسية رسميا بموجب المادة 13 (5).
ينص قانون الجنسية على أن:
يجوز بمرسوم – بناء على عرض وزير الداخلية – سحب الجنسية الكويتية من الكويتي الذي كسب الجنسية الكويتية بالتطبيق لاحكام المواد 4 و 5 و 7 و 8 من هذا القانون و ذلك في الحالات الآتية:..
5- اذا توافرت الدلائل لدى الجهات المختصة على قيامه بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي أو الاجتماعي في البلاد أوعلى انتمائه الى هيئة سياسية أجنبية . و يجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية.
والأربعة الآخرون الذين تم تجريدهم من الجنسية هم: عبد الله البرغش، القيادي السابق في كتلة المعارضة بالبرلمان، وثلاثة من إخوته هم سعد، ونصر، ونورا البرغش. في وسائل الإعلام الوطنية، بررت الحكومة قرارها باتهامهم بتزوير السجلات عند التقدم بطلب الحصول على الجنسية، بموجب مادة أخرى في قانون الجنسية. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الوصول إليهم للحصول على تعليق.
يخشى الشمري من أن السلطات قد تستخدم المرسوم أيضا للحصول على أمر من المحكمة لحرمان أبنائه الأربعة من جنسيتهم الكويتية.
وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن وزارة الداخلية أمرته بتسليم كل ما لديه من وثائق هوية رسمية، بما في ذلك جواز سفره وبطاقة هويته. وقال، “ذهبت إلى سريري وأنا كويتي واستيقظت وأنا عديم الجنسية. ليس لدي أدنى فكرة عن وضعي القانوني حاليا. لا أستطيع السفر، أو القيادة، أو التنقل، أو الذهاب إلى المستشفى. وأكبر مخاوفي أن يتم طرد أبنائي من الجامعة”.
في اليوم التالي، تلقى الشمري خطابات رسمية لإلغاء تراخيص وسائل الإعلام التابعة له، وشركات الإعلان والتسويق التي يمتلكها. ويقدر أن ما بين 700 إلى 800 شخص من العاملين في شركاته سيخسرون وظائفهم.
ورغم أن قرارات إلغاء الجنسية ليست قابلة للمراجعة القضائية بشكل عام، يأمل الشمري في استئناف القرار بناء على مراجعة المحكمة العليا في عام 2010 لقرار بسحب الجنسية.
قال الشمري: “إذا كنت حقا أمثل تهديدا للأمن القومي الكويتي، لماذا لا يقومون بتقديمي للمحاكمة، ويوجهون إلي اتهاما وأدان وأقبع في السجن؟ وإذا كانت المشكلة ببساطة مع محتوى قناتي أو صحيفتي، فلماذا لا يتبعون الإجراءات القانونية ضد أي منهما؟ أعتقد أن السلطات تريد أن ترسل إشارة لغرس الخوف في نفوس أولئك الذين يستخدمون حقهم في التعبير. إنهم يستخدمون الجنسية كأداة سياسية، وليس كوضع قانوني”.
يخول قانون الجنسية الكويتي رقم 15 لسنة 1959 للحكومة إمكانية إلغاء مواطنة شخص وترحيله في حالة ظروف معينة، بما في ذلك حصوله على الجنسية عن طريق الغش، وإدانته في جرائم تمس الشرف أو الأمانة، خلال 15 عاما من حصوله على الجنسية، أو أن يتم فصله من وظيفة حكومية خلال 10 سنوات من حصوله على الجنسية؛ لأسباب تتعلق بالشرف أو خيانة الأمانة، وإذا كان ذلك في مصلحة الدولة أو أمنها الخارجي، أو إذا كان هناك أي دليل على أن الفرد قد يكون شجع المبادئ التي تقوض سلامة البلاد.
تتعارض مواد القانون الكويتي مباشرة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص في مادته 12 بشكل لا لبس فيه على أن: “لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده”. صدقت الكويت على العهد الدولي وهي ملزمة بموجب القانون الدولي بالتنفيذ الكامل لأحكام المعاهدة.
توفر لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التفسير النهائي للعهد الدولي، وقد فسرت المادة 12 على أنها تعني أنه لا يمكن لأي دولة أن تحظر أو تنفي مواطنيها على أساس القوانين المحلية القمعية:
“الغرض من الإشارة إلى مفهوم التعسف في هذا السياق التأكيد على أنه ينطبق على أي إجراء للدولة والسلطات التشريعية والإدارية والقضائية، بل يضمن أنه حتى التدخل المنصوص عليه في القانون ينبغي أن يكون وفقا لأحكام وأهداف مبادئ العهد الدولي، وينبغي أن يكون، بأي حال، معقولا في ظروف محددة. ترى اللجنة أن هناك عددا قليلا، إن وجد، من الظروف التي يمكن أن يكون فيها حرمان الشخص من الحق في الدخول لبلده مبررا. وينبغي على الدولة الطرف لدى قيامها بتجريد شخص من الجنسية أو طردها لأي فرد إلى بلد ثالث، ألا تمنع الشخص تعسفا من العودة إلى بلده أو بلدها”.
قال جو ستورك: “تخسر الكويت بسرعة كبيرة سمعتها كواحدة من أكثر دول الخليج التي تحترم الحقوق، وهذا الإجراء الأخير من قبل السلطات يمكنه فقط أن يسرع من وتيرة هذه العملية. على الحكومة أن تفكر مرة أخرى، وتعيد حقوق المواطنة المسحوبة، وتسقط هذه السياسة الخبيثة”.
 
مقتطفات من اجتماع مجلس الوزراء لمناقشة المظاهرات في الكويت، في 14 يونيو/حزيران 2014
كلف مجلس الوزراء هنا اليوم الجهات المعنية كل في اختصاصه باتخاذ ما يلزم من إجراءات، من أجل ترجمة التوجيهات السامية لسمو الأمير لتكريس الأمن والأمان والاستقرار في ربوع الكويت والقضاء نهائيا على المظاهر الدخيلة. جاء ذلك خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الذي عقد في قصر السيف برئاسة الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء.
واستعرض المجلس مضامين التوجيهات السامية سموه بالتصدي لأي أعمال وتصرفات ومظاهر تستهدف تقويض الأمن في البلاد والاستقرار فيها، وتمس مؤسساتها دون تهاون أو تسامح، واتخاذ كل ما يلزم لاجتثاث أسباب وجذور هذه الظواهر الغريبة، التي تناقض تعاليم ديننا الحنيف وتتنافى مع قيم المجتمع الكويتي الأصيلة.
ومجلس الوزراء وهو يدرك تمام الإدراك واجباته ومسؤولياته بوصفه المهيمن على مصالح الدولة، وما يتطلبه ذلك من الضرب بيد من حديد والمواجهة الحاسمة الحازمة مع كل ما من شأنه أن يمس كيان الدولة ودستورها وتقويض مؤسساتها وزعزعة الأمن والاستقرار فيها، واضطلاعا بمسؤولياته فقد كلف مجلس الوزراء الجهات المعنية كل في اختصاصه باتخاذ ما يلزم من إجراءات من اجل ترجمة هذه التوجيهات السامية مشددا على الآتي:
– قيام جميع الجهات المعنية بالتشديد على ضرورة تطبيق القانون واتخاذ كافة الوسائل من أجل تكريس الأمن والاستقرار في البلاد وفرض هيبة الدولة، وما يتطلبه ذلك من قيام أجهزة الأمن بمواجهة أي مظاهر للخروج على الشرعية بكل حزم وصلابة ودون تهاون أو تراخ، في الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين وحماية الممتلكات العامة والخاصة وبسط الأمن والأمان في جميع أنحاء البلاد.
– تكليف وزارة الداخلية باتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بضمان توافر شروط ومتطلبات شرف المواطنة والانتماء الوطني، التي تضمنتها أحكام قانون الجنسية الكويتية رقم 15 لسنة 1959 نصا وروحا، وعلى الأخص، فيما يتصل بالممارسات التي تستهدف تقويض الأمن والاستقرار.
– تكليف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بمواجهة أي مظاهر للخروج عن الأهداف، التي رسمها القانون لجمعيات النفع العام ولدورها كجمعيات تساهم في توعية المجتمع وبنائه؛ من خلال ممارسة نشاطاتها غير السياسية والامتناع عن تشجيع بث الفوضى والتحريض على الشغب، ومحاسبتها على ممارسة العمل السياسي بالمخالفة للأغراض المرخص لها القيام بها، واتخاذ ما يلزم من إجراءات بهذا الشأن.
2- مقتطفات من بيان منظمة العفو الدولية
&الكويت: أوقفوا الممارسة البغيضة المتمثلة بسحب الجنسية من المواطنين المجنسين
رقم الوثيقة: MDE 17/004/2014
تاريخ النشر: 24 يوليو 2014
التصنيفات: الكويت
تستنكر منظمة العفو الدولية قرار السلطات الكويتية الأسبوع الحالي بسحب جنسية خمسة مواطنين كويتيين.
وفي الوقت الذي تدرك فيه ا?مكانية وجود ا?سباب مشروعة تبرر قيام الدولة بسحب الجنسية من شخص ما، شريطة ا?ن يتم ذلك بمراعاة ا?جراءات تلبي المعايير الدولية المتعلقة بالإجراءات حسب الأصول، فيعتي منظمة العفو الدولية مع ذلك القلق حيال احتمال كون قرار سحب الجنسية من هو?لاء الأشخاص قرارا مسيسا وشكلا من ا?شكال المضايقة لإسكات الأشخاص الذين دا?بوا على التعبير عن معارضتهم الحكومة علنا ا?و قاموا بتوفير منابر للآخرين كي يعبروا عن مناوي?تهم للحكومة.
ولا تعلم منظمة العفو الدولية ا?ذا ما كان الأشخاص الذين ُسحبت الجنسية الكويتية منهم يحملون ا?ية جنسية ا?خرى. ومع ذلك فتشتط المادة 22 مكرر من قانون الجنسية ضرورة تخلي الراغب في حمل الجنسية الكويتية عن ا?ي جنسية ا?جنبية ا?خرى يحملها.
وعليه، فيظهر ا?ن هو?لاء الأشخاص قد ا?صبحوا عديمي الجنسية.
وتنص المادة 29 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على عدم جواز حرمان شخص من جنسيته تعسفا ا?و ا?نكار حقه في تغييرها.
ويُذكر ا?ن القانون الدولي يحظر حرمان ا?يكان من جنسيته بناء على ممارسته لحقه في حرية التعبير عن الرا?ي بما في ذلك ممارسة
الأنشطة السياسية السلمية المعاِرضة حيث يرقى هذا الحرمان مع عدم جواز الطعن فيه ا?مام المحاكم ا?لى مصاف الحرمان التعسفي من الجنسية ويجعل من الشخص عديم الجنسية.
وفي يوليو/ تموز 1121، دعا مجلس حقوق الإنسان في قراره رقم 9/11 الدول ا?لى “الامتناع عن القيام بتدابير تمييزية وسن ا?و الإبقاء على قوانين من شا?نها ا?ن تحرم ا?شخاصا من جنسياتهم على ا?ساس العرق ا?و اللون ا?و الجنس ا?و اللغة ا?و الدين ا?و الآراء السياسية وغيرها من الآراء ا?و الأصل القومي او الاجتماعي العقار او مكان الولادة وغير ذلك من الصفات، وخاصة ا?ذا جعلت هذه التدابير والقوانين من الشخص عديم الجنسية”.
وتهيب منظمة العفو الدولية بالحكومةكي تلغي قرارها والتوقف عن ممارستها المتمثلة با?صدار مراسيم ا?دارية تسحب بموجبها الجنسية وينبغي على الحكومة مراجعة جميع القوانين النافذة المتعلقة بالجنسيةكي تضمن اتساقها مع المعايير الدولية.