أقلامهم

بدر الديحاني: الحملات الإعلامية لا تعالج اختلالات الاقتصاد الوطني.

إعادة الهيكلة… كيف؟ وإلى متى؟! 
تتحدث الحكومة باستمرار عن ضرورة تقليص البنود غير الضرورية في الموازنة العامة للدولة حتى يمكن تجنب العجز المالي المتوقع قريباً جداً إذا ما استمر الوضع الحالي على ما هو عليه، ولكنها لا تشير دائما إلا إلى الباب الأول من الميزانية وبالذات رواتب صغار الموظفين ومكافآتهم أو إلغاء دعم الخدمات الأساسية وفرض رسوم جديدة، ثم تتخذ، في الوقت ذاته، قرارات تتناقض مع توجه تخفيض الميزانية (بلغت هذا العام 23.212 مليار دينار)، مثل التوسع في الأوامر التغييرية للمشاريع الإنشائية التي يجري تنفيذها منذ زمن طويل وكان يفترض أنها انتهت قبل سنوات، مثل مشروع جامعة صباح السالم في “الشدادية” ومستشفى واستاد جابر التي تضاعفت تكلفتها عدة مرات وتعطل تنفيذها كثيراً ولم يحاسب أحد على ذلك!
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك أجهزة حكومية أنشئت قبل فترة طويلة من أجل إنجاز مهام محددة لكنها فشلت في تحقيق أهدافها رغم التكلفة الباهظة التي تتحملها ميزانية الدولة، ومن هذه الأجهزة، على سبيل المثال لا الحصر، برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة الذي تأسس عام 1997 بهدف “تصحيح اختلالات سوق العمل المحلي وتغيير مسارات التوظيف لدى المواطنين من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص” وذلك من خلال “توسيع فرص العمل الحقيقية لقوة العمل الوطنية خارج القطاع الحكومي وتطوير أسواق العمل والجهاز الإداري للدولة بما يدعم رؤية الدولة وتنمية الموارد البشرية”، فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة أن الجهاز التنفيذي للدولة يزداد ترهلاً وفساداً ويتضخم حجمه بشكل غير طبيعي، أما تركيبة القوى العاملة فحدّث ولا حرج، فهي تعاني اختلالاً هيكلياً مستمراً، حيث تزداد نسبة الوافدين في الأجهزة الحكومية مقارنة بنسبة المواطنين، أما نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص فلا تتجاوز 4% (جزء منها توظيف وهمي!)، كما أن نسبة البطالة تتفاقم بالرغم من أن رؤية البرنامج الموجود على موقعه الإلكتروني هي “القطاع الخاص هو الموظف الأكبر للعمالة الوطنية”، أما رسالته فهي “إيجاد حلول إبداعية لتنمية العمالة الوطنية وتوجيهها نحو العمل بالجهات غير الحكومية ودعم المشروعات الصغيرة بما يتفق مع الأهداف التنموية للدولة والحد من البطالة”!
وهذا معناه أن البرنامج قد فشل في تحقيق رؤيته ورسالته وأهدافه رغم الحملات الإعلامية الضخمة الباهظة التكاليف التي نفذها، لهذا فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: أليس من المفترض عدم استمرار برنامج أو جهاز إداري يُحمّل ميزانية الدولة ملايين الدنانير سنوياً، ويفشل في تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها، ولا سيما أنه من المعروف أن الحملات الإعلامية لا يمكن أن تعالج الاختلالات الهيكلية التي يعانيها الاقتصاد الوطني أو الخلل البنيوي الذي يعانيه القطاع الخاص المحلي؟!