أقلامهم

عبدالعزيز الكندري: من دون الإنفاق على التعليم لن نستطيع أن نتقدم ولا ننمي بلداننا.

التنمية … و«درب الزلق» 
بقلم.. عبد العزيز الكندري 
شكل من أشكال الفساد هو أن يقوم صاحب المنصب والوظيفة بأمور غير مشروعة وذلك بهدف التربح وتحقيق مكاسب شخصية صرفية على حساب الوظيفة والمنصب، وغالبية الأنظمة الإدارية معرضة للفساد، وتأخذ في ذلك صورا وأشكالا مختلفة مثل الرشوة والمحسوبية ووضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، وتعيين الأشخاص للمناصب سواء كانت في الحكومة أو القطاع الخاص أو القطاع الأهلي على أساس القرابة والصلة والمصلحة والمحاباة، وكل هذا خلاف الأمانة والنزاهة، وفيه خيانة للمنصب والمكان الذي يعمل فيه الإنسان.
ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن نتحدث عن تنمية أو إصلاح حقيقي وتقشف في ظل وجود الفساد وعدم ترشيد وضبط الاستهلاك، وهذه حقيقة مع الأسف نجد الندرة فيمن يتحدث عنها، وهذه صفة من صفات المجتمعات المريضة إنها لا تتحدث عن أمراضهم الباطنية بكل وضوح، بل ولماذا ينجح الآخرون في تنمية بلدانهم في حين نجد إخفاقات كبيرة في العالم العربي، لأن التنمية لا يمكن أن تكون في ظل عدم تشخيص دقيق للواقع ووضع الحلول المناسبة له.
لقد نجحت الدول الغربية في التنمية لأن عندها نظاما واضحا للتعامل مع شبهات الفساد والتشخيص الدقيق لمشاكلها، إضافة إلى وجود وازع أخلاقي عند غالبية الدول يمنعها عن مد أيديها للمال العام والتكسب غير المشروع، والشواهد في ذلك جدا كثيرة لدرجة أنه يوميا تجد في الصحف والجرائد الغربية محاسبة مسؤول والتحقيق معه بتهمة التربح والاستفادة من منصبه أو خلق وظائف وهمية لكسب مزيد من المؤي دين.
وفي السابق كانت تتوافر بالكويت عناصر مخلصة في الوظائف العامة تعوضها عن نقص الخبرات، وبسبب الإخلاص والأمانة كان التعلم السريع، وهذا ما يفسر لنا كيف كانت الكويت درة الخليج ومصدرة العلوم والعقول وقبلة الدول العربية، وملجأ لكل العرب، وحتى الفن كنا نجد عدم خلو أي بيت خليجي في السابق من المسلسلات الكويتية مثل «درب الزق» على عكس الفن والمسلسلات الهابطة اليوم التي لا تظهر إلا المشاكل والعنف ونشر وزرع الخيانات في البيت الواحد، بل وحتى في تنظيم وترتيب المناطق فنجد بعض المناطق على سبيل المثال تحتوي على أكثر من 10 حدائق بينما المناطق الجديدة والتي لا يوجد بها متنفذون وتدخل الأعضاء فلن يتم بها عمل حديقة واحدة ، كذلك نجد المساحات الواسعة في الشوارع الداخلية لمنطقة الخالدية والعديلية لدرجة أنها أكبر وأعرض من الدائري الرابع الرئيسي، وكل ذلك يؤكد بعد النظر والإخلاص والأمانة لمن كان يعمل في تخطيط هذه المناطق.
والحل سهل وواضح، وهو لا تنمية في ظل الفساد، وإذا كنا صادقين في علاج مشاكلنا فيجب تشخيصها ومن ثم تقديم العلاج، والتشخيص هو الأهم، والاعتماد على الكفاءات الكويتية الشابة وهي كثيرة، وتقرير لجنة الكويت الوطنية للتنافسية الذي يصدر كل سنة وهو برئاسة الدكتور فهد الراشد يقدم حلولا ومواد خام لكل متخذي القرارات وفي شتى المجالات … ولمن يريد وينشد الإصلاح الذي يتعلق بمصير ومستقبل أمة ووطن أعطانا الكثير.
نعم شد الأحزمة والإصلاح وترشيد الإنفاق مطلب ولكن ذلك لا يتم من خلال جيب المواطن المسكين أو المتقاعد، آن الأوان لتلبية طلبات المواطنين من الخدمات التعليمية والصحية وغيرها من المتطلبات الأساسية والتوقف عن الهدر المالي خاصة ما يحدث في الوزارات من إنفاق سخي من ميزانية الدولة على مشاريع موسمية وغير نافعة.
وهناك أمر في غاية الأسف وهو إيقاف تدريس مادة اللغة الإنكليزية في مرحلة «رياض الأطفال» بسبب نقص الكوادر من المعلمات اللاتي لديهن القدرة على تدريس ذلك للأطفال مع الإبقاء على تدريس مادة اللغة العربية والرياضيات.
وخلاصة القول «من دون الإنفاق على التعليم لن نستطيع أن نتقدم ولا أن ننمي بلداننا وحتى لن نستطيع محاربة الفساد.