كتاب سبر

Orange on Orange‏

مقترح “العزل الاجتماعي”  للنائب السابق مسلم البراك يشبه نوعاً ما “النيران الصديقة”، و” النيران الصديقة” هو مصطلح عسكري يصف إصابة وحدة عسكرية مشتبكة في القتال _ وبدون قصد منها _ مجموعات أخرى من القوات الصديقة كانت قريبة في أثناء المعركة، مما تسبب بإلحاق الأذى الجسيم بها.
حلف شمال الأطلسي (Nato) عرف هذا المصطلح تحت إسم “Blue on Blue” أي “أزرق فوق أزرق”، كون اللباس العسكري لقوات الناتو هو الأزرق, وفى حالة “اقتراح بوحمود” ممكن أن نسميه “Orange on Orange”, أو “البرتقالي فوق البرتقالي”  كون فأس الاقتراح وقعت في “رأس البرتقالي المسكين”  لا غيره.
يا أبا حمود, “عزل اجتماعي إيه اللي أنت جاي تقول عليه، أنت عارف قبل معنى العزل الاجتماعي إيه؟”, في العُلوم الاجتماعية، يدلّ مصطلح “العزل الاجتماعي” على كُلّ نشاط سلبي يُؤدّي إلى فصل أجزاء المُجتَمع أو عناصره عن بعضها البعض, وأنت باقتراحك هذا وافقت – وربما لأول مرة – أهداف من لا يريد بهذا البلد خيراً, فالعزل الاجتماعي هو قرة عين كل “نار صفيقة” لفحت سمومها وجه وحدتنا ودعت إلى تفريقنا لتسود على جراحنا.
أي “عزل اجتماعي” هذا الذي سيبكينا يا “بوحمود”؟ وهل قتلنا إلا هو؟ وهل ما نعانيه حاليًا إلا نتيجة لتعاطينا لأسوأ أنواع منتجات “العزل الاجتماعي” وأشدها خطرًا على صحتنا الدستورية.
هذا العزل الاجتماعي الموعود  “هو بعينه, بغباوته, وبوشّه العكر” – مع الاعتذار للشاويش عطية – هو من حوّل أحلام وطننا إلى كوابيس، وهو من فرّقنا شذر مذر وجعلنا “نفسفس حلال” وتضحيات المخلصين بحكم انتمائنا الطائفي والقبلي والمصلحي لا الوطني.
تجمعنا مسيرة حاشدة وتفرقنا اشاعة حاقدة, يجمعنا حراك نشط وتفرقنا تغريدات خاملة، تضمّنا ندوة وتشتتنا ألف “دار ندوة” تفرق على سطورها وتحت سواطيرها دم وحدتنا الوطنية بين القبائل والطوائف وذوي النفوذ. فإن لم يكن هذا هو الجدار العازل الذي يفصل أحلامنا عن تفسيرها الوطني, فماذا يكون؟
نقول “لا” فقط بألسنتنا ونهمس بـ”نعم” في صميم صميم قلوبنا، نقول “لا” للمحسوبيات, ونهمس بـ”نعم” لجماعتي, “لا” للطائفية, “نعم” لطائفتي, “لا” للقبلية, “نعم” لقبيلتي, “لا” للفساد, “نعم” لمصلحتي, نعم يا “بوحمود” مع الأسف الشديد، “العزل” واقع لا خيال فما قلنا “لا” يوماً إلا في “المؤتمرات الإعلامية” ولولا “وميض الفلاشات” كانت  لاؤنا نعمٌ، نعم نحن نلهج بنعم وألف و”النِعم” لكل انعزال اجتماعي أماته سيف الدستور فأحييناه بكل سفاهة ليمشي في جنازة وطننا.
يا “بوحمود” مباركة ابن عم في صالة افراح, ومواساة ابن خال في مراسم عزاء, وزيارة ابن خالة على سرير المرض, لن يضر الحراك بقدر ما سيضره جعل البلد طبقات – كما قال الفنان سعد الفرج -, كل طبقة اجتماعية ومذهبية فيه تلعن أختها, ولن تضرّه بقدر أن يكون “دواء أمراض الوحدة” بيد من تحسبهم جميعاً وقلوبهم الوطنية شتى، وإياك أعني واسمعي يا جارة.