محليات

الفلاح: الحديث عن أي مشروع دون تمويله يحوله إلى مجرد وهم
الخدمات الصحية في الكويت مهددة بسبب ارتفاع التكلفة المالية

قال وكيل وزارة الصحة المساعد لشؤون الجودة والتطوير الدكتور وليد خالد الفلاح أن الارتفاع المتواصل في التكلفة المالية أكبر خطر يهدد الخدمات الصحية.
واضاف الدكتور الفلاح في بيان صحفي اليوم ان التمويل هو أساس أي مشروع وأساس أي مؤسسة وأن التفكير بمشروع حديث أو استحداث مؤسسة جديدة أو تطوير مؤسسة قائمة بدون توفير التمويل المناسب يصبح مجرد وهم وخيال.
وبين ان هذه الحقيقة البسيطة أصبحت من البديهيات في العصر الحديث إلا عند مناقشة منظومة الخدمات الصحية وكأن الخدمات الصحية تعمل تلقائيا ومجرد الحديث عن المال والتمويل هو أمر لا يليق بهذه الخدمات.
وقال ان هذه النظرة منتشرة بكثرة عند العاملين في مجال الخدمات الصحية والقائمين عليها ولعل السبب أن تدريس وتدريب القوى البشرية في مجال الخدمات الصحية من أطباء وتمريض وفنيين وغيرهم يتجاهل تماما مناقشة تمويل هذه الخدمات وتعريف هؤلاء بمبادئ الاقتصاد والتمويل.
وبين أن التخطيط لتوسعة الخدمة وبناء المزيد من المنشآت الطبية المستقبلية تتم الموافقة عليه دون دراسة الزيادة المطلوبة في ميزانية الجهة التي تقدم الخدمة لتمكينها من تشغيل هذه المنشآت بشكل مستمر بعد الإنتهاء من تنفيذها.
واوضح أن الميزانية المعتمدة هي فقط لبناء وتجهيز المشروع الإنشائي ولا يؤخذ في الحسبان الميزانية المطلوبة لتشغيل هذا المشروع من حيث تكلفة القوى البشرية وتكلفة الأدوية والمستلزمات والمواد الطبية وغيرها من التكاليف المطلوب توفيرها سنويا.
واضاف انه من هذا المنطلق فإن خبراء اقتصاديات الصحة على مستوى العالم يحذرون بشكل متواصل خلال العشرين سنة الأخيرة من خطورة الاستمرار في النظام المتبع حاليا في مجال الخدمات الصحية.
وبين ان الخبراء لاحظوا أن ميزانية هذه الخدمات في دول العالم تزداد بسرعة كبيرة جدا وسوف تواجه حكومات تلك الدول أزمة مالية لتمويل الخدمات الصحية التي تقدمها لشعوبها اذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن.
وبين ان هؤلاء الخبراء حددوا ثلاثة أسباب رئيسية لهذه الزيادة المتسارعة في ميزانية الخدمات الصحية اولها زيادة الطلب على الخدمات الصحية نتيجة لارتفاع معدلات الأعمار وزيادة شريحة كبار السن في الدولة الذين يتطلبون اهتماما خاصا وخدمات طبية مكثفة.
واوضح ان السبب الثاني هو ارتفاع عدد المرضى الذين يشكون من أمراض مزمنة لها مضاعفات متعددة اما السبب الثالث فهو التكلفة الباهظة والمتزايدة للتكنولوجيا الحديثة المستخدمة في مجال الخدمات الصحية.
واضاف ان صحيفة (الإندبندنت) الرصينة نشرت مؤخرا تقريرا خطيرا عن الوضع المالي الحرج بالنسبة للخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة وأطلقت الصحيفة على الوضع الراهن لهذه الخدمات مسمى (القنبلة الموقوتة).
وقال ان الدول المتقدمة تتميز عن غيرها بإدراكها لأهمية توفر البيانات والمعلومات الصحيحة والدقيقة والشاملة عن كافة جوانب أنشطة القطاع الحكومي والقطاع الخاص في الدولة.
واوضح ان من أهم هذه البيانات والمعلومات ما يتعلق بالجوانب المالية والاقتصادية وما يسمى في مجال الخدمات الصحية (بالحسابات الصحية الوطنية) كما أن هذه الدول تتميز بالشفافية وتنشر هذه البيانات والمعلومات لتكون متوفرة للجميع ولكي يستخدمها صناع القرار في مجالات التنمية والتخطيط المستقبلي والتطوير المستمر.
ولفت الى انه مضى على الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة 66 عاما وأساس هذا النظام الصحي هو توفير الخدمات الصحية للجميع على أساس الحاجة إليها وليس على أساس المقدرة على دفع تكلفتها من قبل المرضى.
واوضح انه خلال السنوات الأربع الأخيرة تعرضت ميزانية هذه الخدمات للقيود المالية لعدم زيادتها وعلى الرغم من أن الميزانية الحالية بلغت 113 مليار جنيه إسترليني (منها 50 مليار رواتب للعاملين و13 مليار تكلفة ادوية) إلا أن الخبراء يحذرون من أن زيادة الطلب على الخدمات وارتفاع تكلفتها سوف يؤديان إلى عجز مالي في الميزانية يبلغ 30 مليار جنيه إسترليني عند حلول العام 2020.
وقال لهذا فان التقديرات المالية لتلافي هذا العجز هو زيادة الميزانية المالية بنسبة اربعة بالمئة سنويا وعلى مستوى العالم فإن أعلى نسبة إنفاق على الخدمات الصحية من إجمالي الناتج القومي هي في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تبلغ 18 بالمئة بينما في أوروبا تبلغ النسبة من 9 إلى 12 بالمئة في الدول الأوروبية المختلفة وفي المملكة المتحدة 10 بالمئة.
وقال الدكتور الفلاح “لو تأملنا في الوضع الحالي للخدمات الصحية في دولة الكويت لوجدنا ميزانية وزارة الصحة في السنوات السبع الأخيرة زادت ثلاثة أضعاف تقريبا” (ما يقارب 300 بالمئة زيادة) حيث كانت في السنة المالية 2007 – 2008 (625 مليون دينار) وفي السنة المالية الحالية 2014 – 2015 (1800 مليون دينار).
وبين أن وزارة الصحة تقوم حاليا بتنفيذ مشاريع إنشائية كثيرة وتخطط لبناء مشاريع بنائية مستقبلية بهدف زيادة السعة السريرية في مستشفيات الوزارة أكثر من الضعف (من 7 الاف إلى 15 الف سرير).
وقال ان هذا يستوجب أن ترتفع ميزانية وزارة الصحة بشكل كبير جدا لكي تتمكن من تشغيل كل هذه المشاريع الإنشائية المتعددة.
واضاف انه من المرجح أن تحتاج الوزارة في المستقبل القريب في حالة الانتهاء من بناء كل هذه المشاريع الإنشائية الى ميزانية تقديرية تبلغ من 3000 إلى 3500 مليون دينار سنويا ومثل هذا المبلغ الضخم سوف يكون عبئا كبيرا على ميزانية الدولة.
وختم الدكتور الفلاح بيانه بالقول “من هنا أصبح الإصلاح الصحي وإعادة هيكلة المؤسسات المقدمة للخدمات الصحية وتحديث القوانين والتشريعات الصحية وتطوير آليات ونظم العمل في تلك المؤسسات أمرا مطلوبا ومستعجلا ولا يحتمل التأخير أو التأجيل”.