آراؤهم

الوطن العربي والخوف من المجهول

بوعزيزي اسم سيبقى خالدا في الذاكرة التونسية والعربية المعاصرة إلى الأبد ذالك الشاب الذي اضمر النار على نفسه ليشعل بذلك الشرارة الأولى للثورات والربيع العربي التي اسقطت اشد انظمة الأستبداد والظلم في العالم العربي والتى جثمت على صدور شعوبها لأكثر من ربع قرن فصرّخت بوعزيزي هي القنبلة التي فجرت وحركة الجماهير العربية من غربه  لشرقه لتوصل بذلك رسالة مدوية للعالم والحكام ان مهما بلغ الطغيان والقمع مداهٌ تبقى أرادة الشعوب هي الأقوى والمعبرة عن روح الأمة وتطلعاتها وآمالها فالتغيير والتبديل من سنن الله على عبادة ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ، فمهما حصل وقيل في حق الثورات العربية تبقى هذه الحركة ثمره من ثمرات التأهيل والتخيير في مصير الشعوب فالكلام عن الخريف او الربيع العربي حسب مايراه البعض كثير وعقيم لاطائل منه غير ان الثورة وبكل تجلياتها وصورها  وبعيدا عن فكر المؤامرة تبقى نتيجة حتمية ومتوقعة من واقع الأمة المٌر والحكم المستبد والأستفراد بالسلطة بين قلة قليلة تهيمن وتسيطر وتنهب اموال واقتصاد البلدان والشعوب  دون تداول سلمي للسلطة ومشاركة الشعب في صنع القرار وإدارة الدولة ودون مراعاة لعشرات الألاف من الشباب العاطل عن العمل وملايين من الأسر على خط نار الفقر وغير ذلك من حقائق التي لايصدقها العقل فقد وصل الأمر الى ان بإمكان شرطي في عاصمة عربية يستطيع ولأي سبب ان يتهمك في قضية تسجن من خلالها ربما لسنوات دون محاكمة عادلة تظهر براءة المتهم  فحكومات لاتحترم شرع الله ولاتطبق القانون لاتستحق الحياة والترحم عليها فثورة الجماهير العربية وقتل كرامة الأنسان والقهر الشعبوي وتغيير كل ماهو جميل داخل الأوطان  طيلت سنوات من الذل والعبودية  هي كفيلة لنتائج هذا الواقع الذي نعيشه فلايمكن تغيير الواقع الحالي ولا كبح جماح الطغيان والفساد إلا بالتضحيات ودفع الثمن فالحرية تنتزع ولا تعطى فهذا حال وتجارب الأمم والشعوب عبر التاريخ قد اثبتت ذلك فالثورة لاتقاس بالنتائج ومعيار الربح والخسارة لكنها حلقة من حلقات التغيير وخلق واقع جديد يعزز مبادئ وقيم الحرية والعدالة والمساواة فهو مبدأ شرعي واخلاقي وقانوني قبل كل شئ  فالضروف المحيطة في منطقتنا تحتاج ربما من الفهم والقراءة السليمة للواقع الدولي والأقليمي وتناقضاته  لذلك واجب العمل والأخلاص والتفاني  من تطهير البلاد من براغيث وذيول وعملاء الداخل والخارج التي تريد ان يستمر الوضع الراهن دون نقلة او خطوة كبيرة نستطيع ان نواكب من خلالها العصر وتحدياته المستقبلية  فلايمكن لهذة الدول ان تنهض وتقوم لتبني حضارتها ورفعتها فوق هذا الأنحدار والتبعية العمياء للمشروع الغربي ومصالحه التي لن تقف ولاتنتهي ابدا (لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ،فالأيمان المطلق والتوكل على الله وحده ثم الأستفادة من تجارب وخبرة بعض الدول العربية والأسلامية مثل تونس وسنغافور وتركيا وغيرها التي اصبحت اليوم مضرب مثل وفخر فالجمهورية التركية اصبحت اليوم دولة تصارع وتنافس اقتصاديات اوروبا واسيا وبفترة وجيزة حققت اعلى نمو وتنمية على جميع المستويات فالنموذج التركي يمكن الأستفادة منه على جميع الأصعدة السياسية والأقتصادية والصناعية فالمواطن التركي اليوم يشعر بفخر ورضا لقيادته الحكيمة  فمهما كانت الصعوبات والمعوقات تبقى الأرادة هي الوقود والمحرك لحالة الجمود والبرود و السبات العميق فأولى هذه الخيارات لبعض الشعوب العربية  تكمن بمطالب سلمية وحقوق مشروعة تحقق من خلالها الشعوب رؤيتها وآلية عملها وتحديد الأهداف ومن ثم يكون هناك توافق شعبوي على الأولويات وعلى المرحلة القادمة وأغلبية تكون فاعلة ونشطة تحقق من خلالها الحد الأدنى من العدل والمعقول والحق في توزيع الثروة ليعم الأمن والسلام لهذه الشعوب المغلوب على أمرها وحقها بالحياة وتحقيق مستقبل افضل لأجيالها وشبابها وبلدانها فمشيئة الله تبقى هي الأهم والأقوى لأرادة الشعوب وتطلعاته فالهزيمة التي تمر بها الأمة هي مصطنعة ومركبة بسبب تدخل الدول الأستعمارية في شؤونها الداخلية لتقزيمها وضمان السيطرة عليها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا فهذا حالها منذ اتفاقية سايس بيكو مازالت تدور في فلك دول الأستكبار العالمي والأستسلام الداخلي للغرب التي لا يهمها غير البقاء في سدة الحكم والثروة دون خوف من العواقب  والمتغيرات فالواجب ان تبني اهدافها واستراتيجياتها الحكيمة القائمة اولا على بناء الأنسان قبل كل شئ فالثروة الحقيقة يصنعها البشر وليس موائد الطعام المتنوعة والسيارات الفارهة والقصور الخاوية فاليوم تستطيع الدول والشعوب تجاوزها بالعمل والرؤية الثاقبة وبما هو ممكن ومتاح وميسّر في هذه الفترة والحقبة الراهن والصعبة التي تمر بها وتعيشها الأمة اليوم . وصدق المصدوق عليه الصلاة والسلام لا الفقر اخشى عليكم ولكن اخشى عليكم ان تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما اهلكتهم.