أقلامهم

حسن جوهر: مؤشرات الرياضة الكويتية المتدنية انعكاس طبيعي للأجواء المريضة.

مجرد «خمسة/ صفر»! 
كتب المقال: د. حسن عبدالله جوهر  (hasanjohar@hotmail.com)  
مؤشرات الرياضة الكويتية المتدنية انعكاس طبيعي للأجواء المريضة والمحبطة على كل صعيد، إذ أصبح طعم الهزيمة هو المسيطر على المعنويات العامة للناس؛ فطالب المدرسة مهزوم بخماسية نظيفة، وموظف الدولة ما له «خلق» يلعب، والمتقاعد في وضع «أووف سايد»، والأسرة المنتظرة للسكن الحكومي مركونة على «الخط» 20 سنة.
الانهيار العصبي للكويتيين من الخماسية العمانية في كأس الخليج له مبررات خاصة، أولها “فقرة” الإنجازات على كل الصُّعُد ووجودنا في ذيل القائمة بين الأشقاء في مجلس التعاون في كل شيء، وثانياً السجل الذهبي لتاريخ الكرة الكويتية الذي يتحفنا بمفاجآت سارة بين فترة وأخرى، ولو بفرحة عابرة، وثالثاً تكدس الإحباطات وأشكال الفشل والتراجع الذي انفجر كثورة غضب من خلال الرياضة.
ردود الفعل الشعبية على خروجنا “المذل” من المنافسة الخليجية بدورها لا تختلف عن كونها زوبعة في فنجان أيضاً، أسوةً بالكثير من المواقف على مختلف أنواع الفشل والإخفاق؛ فالمطالبة مثلاً برحيل الشيخ طلال الفهد والاتحاد الكويتي لا تتعدى تغريدات الاستهزاء و”الطنازة” وإن كانت كالسيل، ولكن حملة اليافطات أمام مقر الاتحاد في ذروة الهيجان الشعبي أيضاً تعكس نتيجة خمسة/ صفر، ولو طُرِح هذا الموضوع على الجمعية العمومية للأندية لإعادة انتخاب اتحاد جديد، لجاءت النتيجة بالتأكيد خمسة/ صفر أيضاً.
لذلك، فإن مشكلتنا ليست في الرياضة أو مجرد هزيمة مباراة، فالمباريات لها ظروفها، إلى جانب الحالة البدنية للاعبين، وعامل الحظ الذي قد يقلب الموازين، وأزمة الرياضة الكويتية تمثل أزمة بلد وأزمة إدارة السياسة العامة للدولة. ومؤشرات الرياضة الكويتية المتدنية انعكاس طبيعي للأجواء المريضة والمحبطة على كل صعيد، إذ أصبح طعم الهزيمة هو المسيطر على المعنويات العامة للناس، فطالب المدرسة مهزوم بخماسية نظيفة، وموظف الدولة ما له “خلق” يلعب، والمتقاعد في وضع “أووف سايد”، والأسرة المنتظرة للسكن الحكومي مركونة على “الخط” مدة عشرين سنة، والشباب مازالوا على قائمة “الاحتياط” منذ التحرير، ومنشآتنا الحكومية حالها حال استاد جابر الرياضي، وردود فعل الناس لا تتجاوز مجموعة تغريدات خلف كواليس الإنترنت والآيفون.
من جانب آخر، وضع الرياضة الكويتية، وخصوصاً في كرة القدم في الحضيض منذ سنوات، حتى على مستوى بطولة “خليجي”، فهل نسينا تلك الخسائر الفظيعة في عام 2003 على ملاعبنا و”العلقات” الساخنة التي تلقيناها من كل الفرق الخليجية بالأربعة والخمسة أهداف؟ وحتى الفوز بآخر بطولتين لم يكن بالجدارة والتفوق اللذين اعتدناهما في عقدي السبعينيات والثمانينيات، بل عبر نتائج الفرق الأخرى التي أهّلتنا للأدوار النهائية، لذلك لا يمكن الرهان على طفرات ومفاجآت ونترك أسس اختيار القيادة الرياضية والتشكيلة الفنية وحقل تجارب المدربين وسجل الأداء الميداني للاعبين، وأخيراً التصنيف الإقليمي والدولي لمنتخبنا الوطني طوال العقدين الماضيين، حتى نعرف قوة ومتانة أهم رياضة في العالم عندنا في الديرة!
لذلك نتمنى للشعب الكويتي، رغم حبه للرياضة وغضبه على تردي أوضاعها، ألا يكون لعبةً في مسرحية أكبر من حيث لا يشعر، وألا تلهيه هذه النتائج المزرية عن الشأن العام وحالة فوضى الفساد التي تعم مختلف مرافق البلد وضياع الملايين من ميزانية الدولة و”سمردحة” التعيينات القيادية وانعدام الرؤى الحقيقية للتنمية، فهذه هي أساس مصائبنا في الرياضة وغيرها، ومن يرَ عصر الكرة الذهبية في الكويت يجد أن الذهب الكويتي كان في القمة في كل شيء، وكنا نفوز سياسياً واقتصادياً وثقافياً وتنموياً كما نفوز في الرياضة!