آراؤهم

نحتاج إلى .. “رجال دولة” !

أُقلِّب صفحات التاريخ القريب .. لأنقل لكم هذه “الأسطورة” الفريدة من نوعها كونها أسطورة حقيقية ، حاولت بقدر المستطاع أن أعيش أهم تفاصيلها ، فتمعنت جيداً بمذكرات صاحبها، حتى وجدت نفسي واقفاً أمام تجربة تنموية تعد واحدة من التجارب “النُّهوضِيَّة” الرائدة في المنطقة ، والتي قام عليها مؤسس سنغافورة الحديثة و أول رئيس وزرائها “لي كوان يو” وهذا ما جعله اليوم واحداً من أكثر الشخصيات السياسية تأثيراً في آسيا.
استطاع هذا الشخص أن ينقل بلده من دولة متخلفة استعمرتها بريطانيا، و احتلتها اليابان و انفصلت عن ماليزيا إلى واحدة من أسرع الإقتصادات نمواً في العالم ، و من بلد يفتقر إلى أبسط موارد الثروة الأساسية إلى بلد يعد اليوم رابع أهم مركز مالي في العالم ، فمعدل الدخل السنوي للفرد قفز من 100 دولار قبل أكثر من ثلاثين عام إلى ما يقارب ال24 ألف دولار عام 1997 ليقفز بعد ذلك أيضاً و يصل إلى 50 ألف دولار في الوقت الحالي ، فاستطاع بذلك أن ينقل بلده من مصاف دول العالم الثالث إلى الأول ، حتى تمكنت سنغافورة اليوم أن تلعب هذا الدور المهم في الإقتصاد العالمي .
لا أخفي عليكم أنني في بداية الأمر كنت أنوي أن أطرح مقارنة بسيطة بعد سرد هذه التجربة العظيمة بإيجاز ، بين الزعيم الآسيوي “لي كوان يو” و نظيره هنا في الكويت “جابر المبارك” ، لكن الأمر لن يكون كذلك ، فبعد المراجعة و التدقيق قليلاً وجدت أنه من غير الإنصاف و الموضوعية أبداً أن أعقد مقارنة بين طرفين مختلفين في الكفاءة ! فكيف أقارن بين رجل قيادي أظهر قدرته العالية في إدارة شؤون بلده ، و بين من لا يمتلك أساساً أي مقومات أو مؤهلات لهذا المنصب ؟! ليس من الإنصاف أن أعقد مقارنة بين رئيس حكومة صنع من بلده وجهة للعقول “المبدعة” التي يرحَّب بها ، وبين رئيس حكومة يعمل على “بعثرة” عقول أبناء وطنه حين يخلق حالة من الإحباط واليأس في نفوسهم ! ليس من الإنصاف أيضاً أن أعقد مقارنة بين من أخلص لبلده بمواجهته لأبسط صور الفساد حين تسلح بتطبيق القانون دون انتقائية و بشكل صارم على الجميع حتى انخفضت معدلات الفساد والجريمة في بلده ، وبين من يقر و يعترف بوجود الفساد الإداري  و بفرض القيادات عليه ومع ذلك يقف صامتاً عاجزاً ! كيف أقارن بين من واجه في بداية مشواره “الحروب الأهلية” ببلده الناتجة عن خليط سكاني غير متجانس من مهاجرين مختلفين الثقافات والأديان ، حتى انتهى به الأمر اليوم إلى تكوين جيش وطني يسطِّر أبلغ معاني وحدة الصف ، وبين من ينشر ثقافة الكُره بين أبناء وطنه و يقسمهم بنهجه إلى طبقات و عوائل و قبائل ومذاهب يستخدم معهم في كل فترة زمنية اسلوب “الفزّاعات” ليمنع وحدتهم ؟!
واقع البلد اليوم يقول أننا بحاجة إلى “رجال دولة” من أمثال هذا الزعيم الآسيوي ، تقف البلد من خلالهم على رجلها من جديد بعد تراكمات هائلة من الفساد دامت لسنوات طويلة شلّت عجلة التنمية و اقتصاد البلد و أثرت بشكل مباشر على الرخاء الحقيقي و الرفاهية الأساسية التي ينشدها كل مواطن من مسكن و صحة و تعليم إلخ. ، و بذلك نوجه تسؤلنا إلى رئيس السلطة التنفيذية الحالي .. بعد كل هذه الإخفاقات التي تمت في عهدك ، أما آن لك الأوان أن تترجّل و تقدم استقالتك قبل أن “يُقيلوك :)” ؟! دعنا نسجلها لك على أدنى مستوى كـ”نقطة بيضاء” في ملف أسود ناتج عن سوء إدارة بلد3 سنوات ! أما آن الأوان يا سُلطة أن تنتهي هذه السياسة القائمة و نقابل إحسان الشعب بإحسان مقابل في إدارة البلد ؟! هل جزاء هذا الشعب المتسامح و الذي تمسك بقيادته “ولا يزال” في أشد الظروف و المحن خلال فترة الغزو العراقي رغم كل انحرافات السلطة في تلك الفترة والتي “سبق و أن ذكرتها في مقال سابق” أن تتعامل معه السلطة على أنه مجموعة من الأفراد الذين لم يبلغوا سن الرُّشد ؟! فتغيّبهم بمزاجها عن أهم الحقائق المفترض أن تكون معلومة لدى أي مواطن في بلد محترم ، و تتفضل عليهم بديمقراطية “صورية” حالية هي من إخراجها ، وتحدثهم عن تنمية من “نسيج خيالها” ، والأمر يصل إلى معاقبة من يعصي أوامرها ولا يأتي على هواها و يحاول أن يواجهها بخروجه عن إيطار “وردي” هي من صنعته بزجه في المحاكم بكمّ لا ينتهي من القضايا المُلفّقة و قد يصل الأمر بها إلى تهديد مواطنته عندما تسحب جنسيته بصورة “بوليسية” لا تعرف للقانون طريقاً ، ليبقى التساؤل .. أهكذا تدار الأمور ؟!
في نهاية الأمر ، أدرك تماماً أن سياسة السلطة القائمة اليوم لن تتغير إلا من خلال إرادة شعبية حقيقية تؤثر على متخذ القرار ، و بذلك نوجه رسالتنا لشعب عانى ولا يزال يعاني من تبعات هذه الإدارة ، إلى متى ستبلعون هذا الطعم “الخبيث” ؟! إلى متى ستسايرون هذه السلطة بنهجها القائم على سياسة “فرق تسد” و حقنكم بالمسكّنات التي تمنع ردود فعلكم الطبيعية و المفترضة ضد كل ما يحصل في البلد ؟! هل سكوتكم يعني الموافقة والتأييد لما يحدث ، أم أن دورانكم في هذه الدوامة “الغبية” بدأ يروق لكم ؟! 
بقلم || داود العصفور
Twitter: @97ls4