بورتريه

أحلام مستغانمي.. “ذاكرة جسد” لا تقتلها “حُمّى” الإقصاء..!

يشبهها بعض نقاد الأدب والرواية بـناطحة سحاب” تسهرُ مع النجوم وتستحمُّ بالمطر.. تمرُّ من جانبها كل الغيوم الوردية والرمادية والبيضاء.. مواقفها السياسية لها جذور إنسانية عميقة.. وسواء اتفقنا أو اختلفنا معها فلا نملك إلا أن نحترمها كإنسانة.. فرأيها السياسي مهما كان فلن يكون “غرائزياً” لأنها تدافع فقط عن الفِطرة والأخلاق والإنسانية والحرية.

“أحلام مستغانمي” كاتبة وروائية جزائرية، وُلدت في مدينة “قسنطينة” في 13 ابريل 1953، عملت في الإذاعة الوطنية الجزائرية مما خلق لها شهرة كشاعرة، ثم انتقلت إلى فرنسا في سبعينات القرن الماضي، حيث تزوجت من صحفي لبناني، وفي الثمانينات نالت شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون. حائزة على جائزة نجيب محفوظ عام 1998 عن روايتها “ذاكرة الجسد” فضلاً عن جوائز أخرى وأوسمة  مثل وسام الشرف الجزائري عام 2006. تُرجمت رواياتها إلى لغات أجنبية عدة، وعملت كأستاذة زائرة في العديد من الجامعات الإقليمية والدولية في لبنان وأمريكا وأوروبا.

من أشهر رواياتها “ذاكرة الجسد”، “فوضى الحواس” و”الأسود يليق بكِ”. اعتادت “مستغانمي” منذ بزوغ نجمها الأدبي أن يحاول البعض “نهشها” بلا رحمة في مجتمعات تجهل ثقافة “الاختلاف” فيكفرونك تارة لرأي ويخوّنونك تارة أخرى أيضاً لمجرد رأي.

سابقاً تحدّت “قراصنة الرأي” في “ذاكرة الجسد” المشرقي.. فصارت عباراتها “ذاكرة جسدٍ” لا تقتله “حُمّى الإقصاء” وذاكرة أمّة لا تؤثّر فيها “فوضى الحواس”..!

روائيتنا العربية الأولى التي بيعت رواياتها الأدبية بملايين النسخ، على موعدٍ في الغد مع محبّيها في الكويت ضمن فعاليات معرض الكتاب الدولي، لكنها كانت على موعد سبق وصولها مع حفلة تخوين وإقصاء وطرد لمجرد أنها تحدّثت عن “عباءة” تحبّها وتحبُّ أن ترتديها مثلما تُحبُّ أن ترتدي “ذاكرتها” كما قالت مبررة لـ”طيور الظلام” عن “مُزحة” كتبتها بـ”تغريدة”.. ومارس البعض هوايته التي لا يجيد سواها في “التحريض” ضدها بسبب آراء سابقة لها.. متناسين أن حرية التعبير مولودة مع الانسان بالفطرة.. وسياسة بوش الابن “من لم يكن معي فهو ضدي” لا تصلح للتطبيق في زمان “العبودية” فكيف بوقتنا هذا.

“أحلام مستغانمي” قلتِ يوماً “تبا لأمةٍ لا يمكن للمرء فيها أن يكون مواطناً ولا انساناً ولا بشراً” .. فإليك هذه الواقعة: كتبَ أحد المستوطنين الصهاينة أنه عندما كان صغيراً وقف مع أبيه على سطح بيتهم الذي بُني حديثاً في مستوطنة جديدة في فلسطين قبل النكبة، وعندما تلفّت الطفل حوله أصيب بالقشعريرة والخوف وهو يرى أن مستوطنتهم الصغيرة محاطة بقرىً عربية لا تُحصى فقال الطفل لأبيه في جزع: يا الهي كم العربُ كثيرون..! فابتسم أبوه قائلا وهو يمسك يده: نعم كثيرون لكنهم غارقون في “الظلام” فلا تخشى يا ولدي ممّن يعيشون في الظلام..! نعم يا سيدتي لأنها “أمة الظلام” لن تستطيع أن تكون فيها مواطناً أو إنساناً..!