عربي وعالمي

لاستقطاب الأمريكيين السود
موقع أمريكي: داعش على خطى الاتحاد السوفيتي في استغلال التمييز العنصري

منذ إعلان تبرئة الشرطي الأمريكي، دارين ويسون، الذي قتل المراهق الأسود ما يكل براون أغسطس الماضي، في مدينة فيرغسون بولاية ميسوري الأمريكية، انتشرت التغريدات باللغة العربية حول الموضوع، لكن معظمها جاء من طرف مولين لداعش، بحسب ما أفاد موقع “فوكس” الأمريكي الإخباري. 
لطالما شكلت القضايا العرقية الداخلية عائقاً للسياسة الخارجية الأمريكية في الماضي وما ينتهجه داعش اليوم هو استكمال لما بدأه الاتحاد السوفيتي من قبل ورغم أن الأمر قد يبدو وكأنه مجرد اهتمام طفيف، إلا أنه من وجهة نظر المروجين للتنظيم، فإن قضية الظلم الواضح في فيرغسون تشكل منجماً من الذهب، حيث تسمح لهم بتصوير الولايات المتحدة على أنها تلك الدولة القامعة الشريرة، والتي تستمر في الكذب بشأن المساواة والديموقراطية، حتى تصبح خلافة داعش، من هذا المنظور، القوة الوحيدة التي يمكنها التغلب على هذه الوحشية.
ويبقى من الصعب معرفة إذا ما كان الاهتمام بقرار هيئة المحلفين، الإثنين الماضي، بعدم إدانة شرطي فيرغسون، سياسة رسمية يتبعها داعش، أو أنه مجرد أمر غير منظم يقوم به داعمو التنظيم على تويتر من تلقاء أنفسهم.
استراتيجية محددة 
وترى الصحفية المنتسبة لمركز “ويذرهيد” للعلاقات الدولية بجامعة هارفارد، سعاد ميخينيت، أن فيرغسون جزء من استراتيجية التنظيم الإرهابي، قائلة: “وفقاً لمقابلات تلفزيونية ووسائل إعلام اجتماعية، فإن أعضاء داعش والمتعاطفين مع أيديولوجيته الجهادية يتابعون عن كثب الأحداث في ضاحية سانت لويس”، مضيفة أن “إحدى حجج الجهاديين التي استغلوها لسنوات هي أن العنصرية والتمييز متفشيان في بعض الأجزاء من الغرب، ويأملون في أن أعمال الشغب في فيرغسون يمكن أن تساعد في تجنيد الأمريكيين السود”.
ويشير الموقع إلى سبب آخر يجعل من المنطقي اهتمام داعش بفيرغسون، وهو تمكن التنظيم من مخاطبة جمهور محلي ودولي، حيث يحاول التنظيم إقناع السنة السوريين والعراقيين بأن الولايات المتحدة تتميز بالعنف والشر، ولا يمكن مواجهتها إلا بالقوة، وعرض مشاهد لقمع الشرطة داخل الولايات المتحدة من شأنه تعزيز ذلك.
العنصرية أولاً 
ولا يعد تنظيم داعش أول من استخدم هذه الاستراتيجية، ففي بداية الخمسينيات، “قدرت وزارة الداخلية الأمريكية أن نصف الدعاية التي يقوم بها الاتحاد السوفيتي وقتها ركزت على قضية التمييز العنصري”، بحسب الباحث الاجتماعي بسان دييغو، جون ديفيد سكرنتني.
وصممت الاستراتيجية السوفياتية لتبدو جذابة للجماهير في أفريقيا وآسيا، ففيما حصلت هذه الدول على استقلالها من مستعمريها، استغل الاتحاد السوفياتي صور العنصرية الغربية لإقناع هذه الدول بالوقوف في صف الاتحاد السوفياتي عوضاً عن “الغرب العنصري”، ويوجد أصداء لهذا الأمر اليوم، باعتبار البعض يرى في السياسة الأمريكية الخارجية استعمارية وقمعية.
أخطار سياسية 
ويأخذ صانعو القرار الأمريكيون هذا الموضوع بجدية، فعندما رفض البيض السماح للطلاب السود بارتياد مدرسة ليتل روك، بولاية أركنساس، في 1975، قال وزير الخارجية جون فوستر دولس للنائب العام إن “هذا الوضع يدمر سياستنا الخارجية في آسيا وأفريقيا، وسيكون الوضع أسوأ مما كانت هنغاريا للروس”.
ووافق الرئيس إيزنهاور على هذا الأمر، عندما أرسل فرقة “إير بورن 101” لمناهضة الفصل العنصري في مدرسة “ليتل روك”، وأفادت العناوين الرئيسية حينها أن “الرأي العام والخطر السوفيتي” كانا وراء هذه الحركة.
وبالتالي، فإن القضايا العرقية الداخلية لطالما شكلت عائقاً للسياسة الخارجية الأمريكية في الماضي، وما ينتهجه تنظيم داعش اليوم، أو على الأقل مؤيدوه، هو مجرد استكمال لما بدأه الاتحاد السوفيتي من قبل.