أقلامهم

حسن عباس: صعود أو هبوط النفط … فالحال من بعضه!

صعود أو هبوط النفط … فالحال من بعضه!
| د. حسن عبدالله عباس |
يدق سعر البرميل كل يوم ناقوس خطر العجز بصوت أعلى، لكن آذاننا لا تسمع الصوت لأننا أصبنا بالصمم!
في حقيقة الأمر المشكلة ليست متعلقة كثيراً بسعر الهبوط ولا بالارتفاع، بل إن الأمر برمته مرهون بقدرة العين لإبصار هذه الأرقام وإدراك العقل لما يجري من حوله. فلا الارتفاعات السابقة كانت ستستمر إلى ما لا نهاية ولا هذه الانخفاضات الخطيرة ستبقى طويلا. الامر في أساسه يعتمد على، ماذا فعلنا، وماذا سنفعل، وكيف نؤمن على أنفسنا في ظل هذه التقلبات؟
الكويت مشكلتها كانت وما زالت إدارية بحتة. كل شيء يسير بخطأ وبخط متعرج. فالتعليم والتوظيف والصحة والمجلس الاولمبي والخطوط، و»صلبوخ» الشوارع ومحطة مشرف والزور وانقطاع الكهرباء وتطبيقات القوانين وكل شيء، لأن كل شيء يمشي على غير هدى. فكل ما في الامر أننا اليوم بتنا نعيش ونتلمس خطأ في أخطر وأصعب ملف نمتلكه من بين ملفاتنا السياسية المتنوعة وهو ملف النفط ومصدر الدخل الرئيسي. وإلا فالإدارة سواء في هذا الملف الخطير جداً أو الملفات الأخرى، فكلها شبيهة ببعضها البعض وجميعها تعتمد على أسلوب الفوضى والتغافل عن التخطيط السليم.
فالإدارة السيئة على سبيل المثال هو التقصير في ايجاد البدائل، والتوظيف الذي يعتمد على التعيين السياسي، وترك القطاع الخاص يستفيد من دون أن يقدم للاقتصاد، وترك الخدمات التي تقدمها الدولة من دون محاسبة حقيقية ولا مطالبات صحيحة، ترك ثروة البلد الرئيسية ألعوبة بيد سياسات الدول الأخرى، مثلما تفعله أميركا اليوم لكسر شوكة الايرانيين والروس.
فعدم الاستعداد للمخاطر التي قد تحدث في المستقبل، ولا الاستفادة من لحظات تحقيق الفوائض واستثمارها في مواقعها الصحيحة (النرويج على سبيل المثال كل بيعها من النفط يذهب الى صندوق الاجيال لا نسبة كما نفعل نحن)، سيجعلنا نعض اصابع الندم بلا شك.
فمنذ متى لم تكن الأسعار متقلبة، ومنذ متى لم تكن الأوضاع السياسية غير مستقرة؟!، ألم يهبط النفط قبل ثلاثين سنة الى ما دون العشرة دولارات، ماذا فعلنا كي نستفيد من ذاك الدرس ولا نقع فيه مرة ثانية؟ ومن قال ان النفط سيدوم (إما بالنضوب واما بتحول الاقتصاديات لبدائل أخرى)؟ ألم ينته عصر الزراعة؟، ألم ينته عصر الصناعة؟، ألم تتغير الدول والاقتصاديات؟، ألم تسقط شركات وقويت شوكة شركات أخرى؟، ألم تتحول موازين القوى من يد لأخرى؟ فعلام مطمئنين مسترخين إلى مصدر دخل وحيد منذ خمسة عقود والى الآن؟! إلى متى ستكون الادارة بهذه العقلية الكسولة؟!
hasabba@gmail.com