كتاب سبر

تداعيات ضرب النواب في ديوان الحربش ومشروعا “التنصيب” و”التمكين”!

حتى هذه اللحظة قلة أولئك الذين يعرفون لماذا ضرب النواب في ديوانية النائب السابق د. جمعان الحربش في شهر ديسمبر قبل 4 أعوام ، وأعتقد أنه بعد مضي كل تلك المدة ليس هناك مشكلة في تناول تلك الحادثة وكشف جزءا من غموضها فقد مثلت تحولا في تاريخ الحياة السياسية ولابد من التوقف عندها لفهم تداعياتها بالقدر المتوفر.
هي المرة الأولى التي يتعرض فيها نواب للضرب فلم يسبق أن تعرض نواب لمثل تلك الحالة في تاريخ البلاد ، ربما يتعرض السياسيين والمطالبين بالحياة الديمقراطية كما حدث في دواوين الأثنين للمضايقة لكن ان يتعرض نواب في مجلس الأمة للضرب بمثل هذا الوضوح فلم يسبق أن حدث ذلك أبدا ، مما يدعونا إلى إعادة التفكير ومحاولة ربط الأجزاء ببعضها.
كان هناك “توصية” لضرب أحد أساتذة الجامعة من حضور تلك الندوة وقد حدث ذلك فعلا عندما قام بعض رجال الأمن بإقتياده من بين الحشود في ” حوش ” النائب السابق د. جمعان الحربش ودفعه على الأرض أمام كاميرات التلفزيون وخاصة كاميرا تابعة للأجهزة الأمنية وضربه ، لكن هذا الحدث لايمثل شيئا محوريا في المشهد بشكل عام وله مبرراته الخاصة.
الحادثة جرت قبل دخول العالم العربي في أجواء مايسمى ” الربيع ” بفترة ليست بالطويلة الأمر الذي يدعونا للتساؤل فيما إذا كان هناك رابط مابين تلك الأجواء وماحدث في البلاد في ذلك العام ، خاصة وأن الحدث كان في ديوانية أحد رموز الحركة الإسلامية بشكل عام وتيار الإخوان المسلمين بشكل خاص، كما أن هناك ندوات أخرى سبقت تلك الندوة لم تؤدي إلى مثل ماجرى كما أن القائمين عليها لم يطلب منهم البقاء داخل حدود ” الديوانية ” كما سيق من مبررات.
القصة كما تبدو الآن رسائل موجهه لتنظيم الأخوان المسلمين وقد بات واضحا مع تداعيات الأحداث في الدول العربية لاحقا أن هناك خيطا رفيعا لايكاد يرى بالعين المجردة في تلك الفترة يربط التنظيمات الإسلامية وبينها تيار الإخوان المسلمين بدولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا لكن ذلك الخيط ليس واضحا الوضوح الكافي الذي يمكن من خلاله حسم مثل تلك المقاربة.
الأمر لايخلو من مشروع ” تنصيب ” ووعود متبادلة و”تمكين” لكن من الصعب الجزم في ذلك الإتجاه ، فالقضية بحاجة إلى أدلة حاسمة ، بإستثناء تركيبة مايسمى الحراك الشعبي في الفترة الماضية وطبيعته فهي تطرح ” حزمة ” من التساؤلات ، تبدأ بإمكانية وجود مشروع ينطلق من تلك الحادثة في ديوان د. الحربش وحال دون تجسيده رد الفعل المباغت من ” مهندس ” أستوعب أجواء المرحلة وخرج منها بأقل الخسائر ، وينتهي بما يسمى مشروع ” كرامة وطن “.
الفكرة أن ليس كل ما يبدو سيئا في السياسة سئ وليس كل مايبدو جميلا هو كذلك فعلا ، فالسياسة ليست هي ذلك المشهد الذي نراه يتحرك أمامنا بل هي انعكاس لما يجري خلف الكواليس، فهناك رسائل بين الدول سواء تلك القريبة منا أو البعيدة تتخذ شكلا ما على الصعيد المحلي وهناك الرد عليها في نفس الوقت وله طبيعته الخاصة به ، وهناك أيضا حوارات تجري بين طرف إقليمي وآخر محلي وهناك الردود بعضها ” موارب ” وبعضها حاسم.