عربي وعالمي

اليونانيون يوجهون «صفعة» للتقشف الأوروبي بانتخاب حزب يساري

ثار اليونانيون على 5 سنوات من التقشف الصارم، عبر تصويت تاريخي حمل حزب «سيريزا» اليساري المتشدد المناهض لبرامج الإنقاذ إلى نصر كبير، على أمل «طي صفحة التقشف»، حسب ما أكده رئيس الحزب، ألكسيس تسيبراس، المسؤول الأوروبي الأول، الذي يُنتخب مع رفضه الصريح للسياسات الشاقة، التي فرضها الاتحاد على أعضائه بعد الأزمة الاقتصادية.
وأفادت النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية اليونانية، الإثنين، بعد فرز 99.8% من الأصوات، بأن «سيريزا» حقق فوزًا واضحًا في الانتخابات، التي جرت الأحد، بحصوله على 36.34% من الأصوات، إذ استطاع أن يحصد 149 مقعدًا بالبرلمان، بفارق مقعدين عن الأغلبية المطلقة، وحصل محافظو «الديمقراطية الجديدة»، حزب رئيس الوزراء، أندونيس ساماراس، على 27.81% من الأصوات، حوالي 76 مقعدًا، وحل في المركز الثالث، «النازيون الجدد» في حزب «الفجر الذهبي» بحصولهم على 6.28% من الأصوات، 17 مقعدًا، تلاه حزب «تو بوتامي»، النهر، المنتمي لتيار الوسط بـ6.05% من الأصوات، 17 مقعدَا، وجاء في المركز الخامس «الحزب اليوناني الشيوعي» بـ5.47%، 15 مقعدًا، تلاه «اليونانيون المستقلون» المنتمون لتيار اليمين القومي بـ4.75%، 13 مقعدًا.
ولم يسمح الخطاب الأول لرجل اليونان القوي الجديد بكشف نواياه بوضوح، حيث أكد في البدء أن «حكم الشعب اليوناني يعني نهاية الترويكا»، أي خبراء البنك المركزي اليوناني والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، الجهات المانحة الـ3 التي تفرض سياسة تقشف على البلاد، مقابل قروض بـ240 مليار يورو لإنقاذ البلاد من الإفلاس، لكن بعد دقائق بدا تسيبراس قابلًا للتسوية وصرح بأن الحكومة الجديدة «ستكون مستعدة للتعاون والتفاوض للمرة الأولى مع شركائها على حل عادل وقابل للحياة ويفيد الجميع».
وقال تسيبراس، 40 عامًا، أمام آلاف الأنصار الذين توافدوا من كل أنحاء أوروبا للاحتفال بفوز «سيريزا» في باحة جامعة أثينا، إن «الشعب اليوناني كتب التاريخ وبدأ صفحة جديدة وهو يترك التقشف وراءه بعد 5 سنوات من الذل والمعاناة»، وأضاف: «إنها إشارة مهمة لأوروبا التي تتغير».
وما يسعى إليه تسيبراس هو تخفيض للديون الهائلة (300 مليار يورو و175% من إجمالي الناتج الداخلي)، إلى جانب إمكان إفساح المجال لليونانيين لاستعادة الأنفاس في حياتهم اليومية، وزيادة الحد الأدنى للأجور من 580 إلى 751 يورو أو إلغاء عدد من الضرائب، ما يخالف إرادة «الترويكا».
وكان الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، من بين أول من هنأ تسيبراس، معبرًا عن «إرادته في مواصلة التعاون الوثيق بين بلدينا لصالح النمو والاستقرار في منطقة اليورو»، فيما أكد المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها تتوقع من الحكومة اليونانية المقبلة احترام التعهدات التي قطعتها البلاد على مستوى الإصلاحات الاقتصادية والتقشف، فيما أفادت وزارة المالية الألمانية بأن تمديد برنامج المساعدات الأوروبي الحالي لأثينا، القائم على مبادئ ألمانية، والذي من المقرر أن ينتهي بنهاية فبراير المقبل، «غير محسوم». لكن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أعرب بصراحة عن قلقه في تغريده على «تويتر» من أن تؤدي الانتخابات اليونانية إلى «مضاعفة الغموض الاقتصادي في أوروبا».
وقبيل ساعات من عقد اجتماع لوزراء مالية دول منطقة «اليورو» في بروكسل لبحث مستقبل المساعدة المالية لأثينا، رأت صحيفة «جارديان» البريطانية أن فوز «سيريزا» التاريخي «يضع اليونان على مسار تصادمي مع أوروبا»، في حين أدت الخطوة إلى إحياء آمال سائر أحزاب اليسار الراديكالي الأوروبية، التي وصف بعضها الفوز بأنه «صفحة جديدة لأوروبا».
ومن جهته، أقر رئيس الوزراء اليوناني المنتهية ولايته، ساماراس، بخسارته، وهنأ تسيبراس، في اتصال هاتفي، معربًا عن «احترامه» لخيار الشعب.
وينقص «سيريزا» مقعدان للوصول إلى 151 مقعدًا التي كانت ستجيز له الأكثرية المطلقة، مما يلزمه بإبرام تحالفات. وبالفعل، أعلن حزب «اليونانيون المستقلون» اليميني القومي، الحاصل على 13مقعدًا، أنه اتفق مع «سيريزا» على تشكيل حكومة ائتلافية.
واقتصاديًا، ساد الحذر بين البورصات الأوروبية بعد فوز «سيريزا»، فيما استعادت العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) عافيتها خلال جلسة التداول الصباحية، وذلك بعدما انخفضت إلى 1.1098 دولار، فيما يعد أدنى معدل لها منذ 11 عامًا.