أقلامهم

ذعار الرشيدي: المشكلة لم تعد في الرقابة الحكومية، بل في رقابة «المحتسبين الجدد»

اسكت ساكت 
بقلم: ذعار الرشيدي 
أبلغ جملة عامية للصمت هي «اسكت ساكت». 
***
مصيبتنا اليوم هي في «المحتسبين الجدد» الذين يطالبون بمحاكمات الآخرين وتعليق المشانق لأصحاب الرأي لمجرد أنهم يخالفونهم الرأي، ولا يكتفون بتلك المطالبات بل يحرضون عليهم، بل إن أغلبهم من «المحتسبين الجدد» توقف عن مراقبة أداء الجهات الحكومية وتفرغ لمراقبة من ينتقد الحكومة، هؤلاء «المحتسبون الجدد» الذين يحرضون على كل من يخالفهم الرأي، يستخدمون جملة غريبة لم نعهدها من قبل وهي «..منا إلى وزارة الداخلية» أو «منا إلى أمن الدولة»، بجمل تحريضية ضد المخالفين بالرأي لهم أو للتوجه العام.
***
الآن المشكلة لم تعد في الرقابة الحكومية، بل في رقابة «المحتسبين الجدد»، وبينما المحتسبون الأصليون كما في الشرع يستندون إلى مخالفات شرعية صريحة، نجد أن المحتسبين الجدد يستندون إلى «ذائقتهم» و«توجههم» وأحيانا وأقول أحيانا «معازيبهم».
***
كما قلت سابقا وأكرر حرية الرأي ليست أمرا مطلقا كما يتمناها البعض أو كما يدعو فريق «الحرية اللامتناهية»، ولكن الحكم على الآراء لا يجب أن يستند إلى الطعن في النوايا، حرية الرأي مكفولة دستوريا وقانونا ومحددة وهذا لا خلاف عليه، ولكن حرية الرأي لا تنطوي أبدا على «قلة الأدب»، فإن تشتم شخصا أو تتشمت في شخص هنا أنت «تقل أدبك» ولا تمارس حرية رأيك.
***
ما ذكرته يختصره الخبير الدستوري والأستاذ في القانون العام د.فالح العزب في محاضرة له في جامعة الكويت العام الماضي تحت عنوان «حرية الرأي بين المشروعية والجريمة» والتي أورد فيها جملة مونتسيكو في كتابه «روح القوانين ونصها»: «إن الحرية هي الحق في عمل ما تسمح به القوانين، ولو أن فردا فعل ما تحرمه فإنه لن تكون هناك حرية».
***
سجين الرأي ليس من يتجاوز القانون العام، نعم هناك انتقائية ولا شك في تطبيق القانون على فلان وترك فلان رغم أن كليهما جاء بذات الفعل أو القول أو الكتابة، ولكن المبدأ الثابت هو الحرية مؤطرة وفق القوانين، والحكومة لا تأتي بقوانين من المريخ أو تستورد قوانين من دول مجاورة بل تطبق قوانين تم تشريعها بموجب صناع القوانين في البلد وأعني أعضاء مجلس الأمة، وإن كان لديك كمواطن أو ناشط سياسي على قانون ما من تلك القوانين فعليك اللجوء إلى.. نائب دائرتك أو نواب دائرتك واضغط عليهم ليغيروا تلك القوانين نحو مزيد من الحريات، طبعا أغلب النواب وفيما يتعلق بالحريات العامة هذه الأيام.. للأسف مالهم شغل.