عربي وعالمي

«الحوثيون» على خطى «المخلوع صالح» في قمع الانتفاضة الشبابية

لا تزال المشاورات السياسية في اليمن تراوح مكانها ما يحول دون إيجاد مخرج سياسي للأزمة الراهنة التي تفجرت بعد انقلاب الحوثيين واستقالة الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي»، في وقت يستمر فيه الشارع بالغليان وتقوم  ميليشيات الحوثيين بقمع الاحتجاجات بشكل يومي.
ولا تزال احتمالات التصعيد من قبل الميليشيات قائمة، ولا سيما أنّه من المقرر أن تحتضن صنعاء، اليوم الجمعة، اجتماعاً دعا إليه زعيم الحوثيين «عبد الملك الحوثي»، وألمح فيه إلى أن الاجتماع سيخرج بقرارات تاريخية. وهو ما يجعل الـ48 ساعة القادمة مفتوحة على احتمالات تطورات دراماتيكية يتحدد على ضوئها المشهد السياسي في البلاد.
وانفض اجتماع للقوى السياسية، مساء الأربعاء الماضي، من دون تحقيق أي تقدم في المفاوضات. وقالت مصادر متطابقة لـ«العربي الجديد» إن القوى السياسية طرحت ثلاث رؤى، «الأولى» رؤية ميليشيات الحوثيين، وتطالب بتشكيل مجلس رئاسي مؤقتاً. وتتفق مع هذا الخيار، إلى حد ما، «الرؤية الثانية» التي تقدمت بها أحزاب «اللقاء المشترك»، وتتضمن إعادة الرئيس «عبد ربه منصور هادي»، إلى السلطة أو تشكيل مجلس رئاسي. أما «الرؤية الثالثة» في موقف حزب «المؤتمر الشعبي العام»، الذي يترأسه الرئيس المخلوع «علي عبد الله صالح»، والذي أكد تمسكه بحل الأزمة عبر البرلمان، باعتباره المؤسسة الدستورية المعنية بحسم مسألة استقالة «هادي».
ومن المقرر أن تتواصل المشاورات التي يرعاها المبعوث الأممي إلى اليمن «جمال بن عمر»، في ظل غياب أي ضمانات بتحقيق تقدم لسبب جوهري، هو غياب التوازن في الأمر الواقع. ويبدو أي اتفاق سياسي غطاء لسيطرة ميليشيات الحوثيين، التي اتهمتها الحكومة المستقيلة برئاسة «خالد بحاح»، أمس الخميس، بأنها نفذت انقلاباً واستولت على المؤسسة الأولى في الدولة ممثلةً في الرئاسة في 19 من الشهر الجاري. كما اتهمتها بمحاولة اغتيال «بحاح» ووضعه وعدد من الوزراء تحت الإقامة الجبرية.
وجاء بيان الحكومة المستقيلة، الذي يعد الأول من نوعه، ليؤكد أنها لن تتراجع عن استقالتها، وليست مسؤولة عن تصريف الأعمال في هذه المرحلة. ويكشف البيان برمته، كيف أن البلاد أصبحت تعيش تحت سيطرة الأمر الواقع، وأن الاتفاقات السياسية تم القذف بها عرض الحائط، وهو ما يقلل فرص المفاوضات الجارية حالياً.
وبعيداً عن المفاوضات، يشهد الشارع اليمني حراكاً متصاعداً ضد سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة، يقابله قمع من قبل الميليشيات التي تسعى إلى السيطرة على الاحتجاجات في صنعاء.
وخلال الأيام الماضية كانت المنطقة المحيطة بجامعة صنعاء ساحة لتظاهرات يومية، دفعت ميليشيات الحوثيين على إثرها بالأطقم والمسلحين والمتظاهرين الموالين لها لقمع الاحتجاجات الطلابية. وقامت بأعمال خطف لمصورين ومتظاهرين تم إطلاق أغلبهم لاحقاً.
واستخدم الحوثيون أساليب وأدوات لا تختلف كثيراً عن الأدوات التي استخدمها النظام السابق، إبان انطلاق الثورة عليه عام 2011، حين لجأ إلى إحضار قبليين مسلحين من أنصاره لقمع الانتفاضة الطلابية ومنع المحتجين من التجمهر. وهو ما استنسخته ميليشيات الحوثيين في الأيام الماضية، حين أظهرت مناصريها يحملون الهراوات والأسلحة ويتظاهرون رافعين شعار الميليشيات ويقومون بقمع أي تجمع للطلاب.
ويبدو أن حرص الحوثيين على قمع الانتفاضة الطلابية يعود في الأساس إلى رمزية المكان الذي تنطلق منه الاحتجاجات، وهو جامعة صنعاء التي انطلقت منها الاحتجاجات ضد «صالح» وتحولت فيما بعد إلى ثورة، حيث كان مركز الاعتصام الرئيسي الذي استمر لقرابة عام أمام بوابة الجامعة الجنوبية.