كتاب سبر

محمد الوشيحي.. يكتب:
أبوعسم.. واعتزال الصعاليك النبلاء!

هو كتلة من النقاء والبساطة والنبل.
هو سيد شباب الرصيف والصعلكة والأنفة وعزة النفس.
هو الذي يرقص على آلامه ورغباته بالضحكات المجلجلة.

هو الرافضي الكارة للسنة، الناصبي الكاره للشيعة، هو عميل إيران وقطر وفييتنام وإيرلندا الشمالية وكركوك ونادي خيطان وكل ما في الأرض.

هو محمد العجمي، أبوعسم.. أنانيته الوحيدة هي استحواذه على جزء كبير من الصدق والنبل، ولولا الحياء والإيثار ما ترك للناس منهما شيئاً.

أهاتفه، بعد تغريدة حمراء كتبها، فأشتمه وألعنه وأفرغ في أذنه كل تحويشة عمري من بذيء القول.. ولا أدري كيف يستطيع، في لحظات، إخماد غضبي، ونقلي من حالٍ الى حالِ، لأجد نفسي أقارعه في الضحكات.

هو والمجنون الآخر، صقر الحشاش، وحدهما، يجيدان استفزازي وإخراجي من طوري، بما يكتبانه في تويتر، وإشعال كل “اللمبات الحُمْر” في رأسي، ليستخرجا مني أحدث شتائمي،، ويجيدان، في الوقت ذاته، استدراج هدوئي وضحكاتي، بعد أن يتعهدا بعدم العودة لذات الطريق الملغوم. وبالفعل، تنقضي ساعة ونصف الساعة قبل أن يعودا إلى نهجهما الملعون.

كان بإمكان “أبو عسم” أن يسترزق بشعبيته، وهو الذي لا يملك قوت يومه، بالمعنى الحرفي للكلمة (يعتمد على والدته في مصروفه).. كان بإمكانه أن يسير في ركب الخبثاء، فيدّعي أنه يكره الحكومة، لكنه يرفض المعارضة بشخوصها، ويرفع شعار “امسك مجنونك (الحكومة) قبل يجيك اللي أجن منه (المعارضة)”، وهي خطة ذكية تدر ذهباً لامعاً.

كان بإمكانه أن يرتدي باجة المعارضة، زوراً، ويردد:  “يا مسلم يا ضمير الشعب كله”، قبل أن ينهش في شبان الحراك، ويطعن في أعراضهم، ويأكل على موائد اللئام، كما فعل ويفعل غيره.

كان بإمكانه قبول عروض تلك الصحيفة، فيهاجم خصوم مالكها وخصوم قريبه الدلوع، ويشتمنا ويسترزق، لكن “وجه الفقر يستحي من الغناة”.

كان بإمكانه أن يتحول إلى “فأر” في حظيرة ذلك الجهاز الأمني، يستقي منه المعلومات الصحيحة والكاذبة، وينفذ ما يُملى عليه، ويقبض بذلك عشرات الألوف من الدنانير.

كان بإمكانه وإمكانه وإمكانه، لكنه “أبوعسم”.. أمير النبلاء، وسيد الشهامة.

سحبوا منه جواز سفره قبل أن يقدم اختبارات السنة النهائية في كلية الحقوق في مصر، فقضوا على مستقبله، وناموا قريري الأعين.

عبثاً حاول الحصول على جواز سفره كي يهاجر، ويسعى في مناكبها، لكنهم رفضوا ليستمتعوا بتعذيبه، والتنكيل به، وتقطيعه، على وقع ضحكاتهم اللئيمة.

واليوم، ها هو أمير النبلاء يقبع في السجن، بتهمة لا نعرفها حتى الآن، وها هم شركاؤه في الصعلكة والنبل، وجلساؤه في المنصة الرئيسية على كل رصيف، “بدر فرحان” و”سين” وآخرون، يترجلون، الواحد تلو الآخر، عن صهوات التغريد، بعد أن سُجن صاحبهم، وشحّت كلماتهم، وآهاتهم، واختفت “نكهة الحياة” في حلوقهم… وعسى أن يعودوا بعودته.

أبا عسم.. أوجعنا سجنك.. لعنك الله أيها الصعلوك النبيل.