كتاب سبر

رجلٌ بالف

هو رجلٌ بألف رجل, هذه قيمته العادلة في ميادين المرجلة  ,فلا تقبل يا سيدي بأقل من هذا ,فاستثمارك فيه واعد ,ودربك -سلمت للمجد- أخضر, وأحمر, وأبيض,وأسود ,ولكن إياك ثم إياك ان تحاول صرفه في أسواق المرجلة السوداء,هناك سيغلبك صرافو  السياسة وسيتلاعبون بك تلاعب “الثلاث ورقات” , والبيضة والحجر , سيقولون لك أن أزمة ديون اليونان  تسببت في نضوب مناجم المرجلة في النيجر, وسيقولون ان التوتر في اوكرانيا جعل “الروس” نامت والعصاعص قامت !,- وقد صدق صرافو السياسة وإن كذبوا-, وسيستشهدون بتقرير الخبير المالي سيبويه ونظريته الأقتصادية المشهورة : أنت رجل والرجال قليل , وان المرجلة تعاني هذ الأيام “عجزاً اكتوارياً” ,وسيحاولون أفهامك أن سوق المرجلة مجرد عرض وطلب أو بالأحرى  “تعريض وجه” و”طلب من تحت الطاولة “,ثم سيحاولون اقناعك بأن صعود سهم العولمة و”الهشك بشك” في بورصة المواقف قد ساهم في تآكل الاحتياطي الرجولي في بنوك سويسرا ,  وسيؤكدون لك ان “الاحتباس الحراري للرجالة” وسيتصايحون عارضين أمامك خريطة الكرة الارضية قائلين لك : “شوف, شوف ” ثلوج القطب الشمالي ” مو لاقيه رجل شتوي يشكمها ” لعوب تذوب خجلاً ودلعاً امام قوام “ثاني اكسيد الكربون” الممشوق والعياذ بالله ! .
سيقولون لك وسيقولون لك وسيفاصلونك وسيغرونك وسيعرضون امامك صفقات علي خدك الايسر يسيل لها لعاب خدك الايمن , رجل بألف دينار بدون الطوابع , رجل بألف يورو شاملة رسوم التحويل واللوحات  , رجل بألف رجل ” مغسول وجهه بمرقه ” ,ونصيحة بجمل من “مزاين ابورقيبة”  إياك ان ترضي بهذه الأخيرة فغسيل الرجال تماما كغسيل الاموال , كلاهما مشبوه ,وكلاهما لا يجيده الا اللصوص .
ثم أن الرجل الذي بألف نظيف فما الداعي للغسيل و”الدوشات” و”الرسيفرات” يا مولانا! ,هو نقي كبدر وضوءه شعاع الشمس الطهور قائم ليلة الرابع عشر يرتل سورة النور , برئ كسمّيه الذئب من دم ابن يعقوب , فلا تخدعن بصيرتك  الليالي الظلماء ,ولا تغشنك  قمصان “المانشيتات” المخضبة بدم وطنك الكذب !.
هو رجل بألف فاحذر رعاك الله من نشالي السياسة في محطات الانتظار , فخلال لحظات سيسرقون الكحل من عين حقيقتك , وخلال ثواني سيمدون ايديهم بخفة  نحو جيوبك الأنفية لينتزعوا منها كنوز الأنفة والعزة , وخلال غفلة من الزمن ستتلاعب اناملهم بدون أن تشعر بشفرة ذاكرتك الحادة , وسيجعلونها شفرة غير مسنونة ,لا تقطع برآي يواسي غربة توأمه الرأي الاخر ,ولا تقطع دروب ظمأك نحو سواقي المستقبل ,ولا تقطع يداً تمتد نحو حقوقك .
يا سيدي, هو رجل بألف رجل, بل قل رجل بأمة , هذا هو السعر  العادل له ,أو قل هذا هو الشعر العادل الذي يليق بأبيات قصائده وقوافيها ,فأحذر أن يسلبوك إياه  وأحتفظ في أدراج عقلك بفاتورة مسيرته التي سقيت بأنهار مواقفه وتتبع خطاها من البذرة التي في تراب قضاياك, الي الثمرة  التي في فمك , وحذراك ثم حذراك أن تضيع منك فالتاريخ لا يحمي المغفلين .