أقلامهم

بقلم.. حمدة فزاع العنزي
«دعشنة» الفكر حرقت الكتب

طالت أفكار الدواعش وأحكامهم الجائرة كل ما وصلت إليه أيديهم من البشر والتراث والتاريخ والجماد، حتى المكتبات والكتب لم تسلم من أحكامهم، وللأسف الشديد قاموا بحرق الكتب والمكتبات كاملة في الجامعات العراقية التي تزخر بأهم المراجع والثقافات التي عانى العراق في جمعها وعكف على كتابتها وتجميعها علماء ومفكرون سنين عجافا، فجهلهم وفكرهم الجاهلي جعلا عداوتهم تصب على الفكر والثقافة التي ستكون في يوم من الأيام شاهدا على نزعاتهم الإجرامية وفكرهم الداعشي الذي نبع من جهل وهمجية.
عداوة المذاهب والدول والحكومات تم فهمها واستيعابها، لكن عداوة الكتاب فهذا الذي لم نفهمه ولن نفهمه حتى نطّلع على الكتب والمراجع التي يستمدون منها أحكامهم الطاغية، وطرق تنفيذها في بشر لا حول لهم ولا قوة سوى أنهم يرفضون فكرهم.
تذكرنا هذه الحوادث بالأزمان الغابرة التي حُرقت فيها مكتبات بغداد، وحرق ما فيها من كنوز وثروات فكرية، وما قاموا به سيقوم به أيضا من هم ضدهم وندهم؛ انتقاما لكل هتك وقتل وحرق، ولكن هل تتم الحرب الانتقامية التي سينتهجها البعض بالحرق المتبادل للكتب والمؤلفات التي تحتاجها الأجيال القادمة؟!
لقد تبنت فكر “داعش” جماعات مختلفة من البقاع المتلونة من هذه الأرض؛ ليجتمع كل منها على فكر لا ينتمي إلى دين ولا مذهب، فهم ينتمون إلى جماعات تعاني الاضطرابات النفسية الشديدة العدوانية، بحيث لا تنهاهم أو تردعهم صرخات القتلى أو سفك دمهم المحرم من غير جرم، نعم اجتماع أعضاء “داعش” ليس حباً بل هو حقد وظلم تتوارثه أجيال تتلوها أجيال.  وللأسف الشديد فإن بعض من يتبع هذه الأفكار يحمل شهادات عليا في التعليم والثقافة، ولكن قد يتضح الأمر إذا ما علمنا أن شهادات هؤلاء مجرد حبر على ورق لتزيين الحائط، وتظل الأفكار المتخلفة هي التي تسكن خراب عقولهم وديار فكرهم المهجور. وإن من يحارب كتابا وثقافة فإنه لا يمتّ إلى الإنسانية بأي صلة أو علاقة، إنما هو إلى البهيمية أقرب، فلا “تتدعشنوا” ولا تقربوا الفكر الداعشي لأنه إلى الضياع أقرب.