أقلامهم

محمد المطني: ممارسة العنف والقمع بدوافع أمنية لا يمكن أن تصل بنا إلى الأمن المجتمعي.

نقش 
الأمن والحرية 
الأمن والحرية موضوعان شغلا الكثير من المجتمعات وتعاكس حولهما المحلل والمنظر السياسي، فهناك من يرى ان الأمن لا يوجد في بيئة حرة يقول فيها ويفعل فيها من يريد ما يريد وهناك من يرى أن الحرية لا يمكن أن تتجاور مع الأمن والاجراءات الأمنية التي تتطلب حزما وتوجها وقرارات صعبة وقاسية يتم فيها تجاوز حريات الأفراد تحت ذريعة حفظ أمن المجتمع.
شغل هذا الامر الكثير من المفكرين السياسيين والساسة وكان الجانب المنظور والمقاس هو في التخلي عن الحرية ومقايضتها مع الأمن للحصول على حياة آمنة تضمن معها وجود المجتمع ونموه وحياته لا العكس، وينظر الكثير لهذه الاشكالية بافتراض سوء الحرية كقيمة وربطها بالفوضى.
أرى أن هذا الحديث ومحاولة شيطنة الحرية أمر مبالغ فيه فلا يمكن أن تكون الحرية والأمن قيمتين متضادتين إذا تم تقنين الحرية وتقنين الاجراءات الأمنية، وجود بيئة تضمن حرية الأفراد وطريقة ممارستها لا يمكن أن تكون إلا بيئة يعيش فيها الكل براحة وبمسؤولية تنعكس مباشرة على الأمن واشكالياته.
بمجرد رصد المجتمعات التي تعاني من غياب الأمن ومشاكله نجدها مجتمعات تعاني من ضيق أفق ومن كبت للحريات، ولا يمكن في هذا العالم الحديث أن تجد دول حرة تعاني من الامن ومشاكله وتطوراته غير الحميدة كالتي نراها في المجتمعات المنغلقة والموجهة.
خلق الله الإنسان حرا عاشقا للحرية وجعلها مجالا ومحفزا للإنسان على التطور والإبداع وما وجود المجتمعات الحرة التي تهتم بالحرية ولا تهمل الأمن إلا دليل على امكانية وجود الحرية دون فوضى الأمن ووجود الأمن دون إشكاليات الحرية، يمكن عبور هذا الشوك دون الاضطرار إلى التضحية ودون الحاجة الى قبول الحياة المنقوصة.
ممارسة العنف والقمع بدوافع أمنية لا يمكن أن تصل بنا إلى الأمن المجتمعي المنشود بل له أخطار وتطورات شاهدناها في الكثير من المجتمعات التي ضحت بالأمن المزعوم من أجل الحرية وقبلت غياب الأمن مقابل انطلاقها وكسر صمتها ومازالت الى اليوم تترنح بين الأمن تارة والحرية تارات أخرى، احترام المجتمع وحريات الأفراد واشراكهم في تقرير مصائرهم هو الضامن الوحيد لوجود الأمن واستمراره، تفاءلوا.