أقلامهم

د.عبدالله الشايجي: عاصفة الحزم تكرس دول الخليج قائدا للنظام العربي

عاصفة الحزم تكرس دول الخليج قائدا للنظام العربي
 
د.عبداللّه الشايجي

شكلت المملكة العربية السعودية جبهة عريضة من تحالف غير مسبوق في منطقة الخليج العربي ولأول مرة بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة 10 دول عربية وباكستان وبتأييد دولي من الولايات المتحدة وأوروبا ومجلس الأمن الدولي والجامعة العربية وحسب بيان جامعة الدول العربية بعد القمة العربية الأخيرة.

عُقدت القمة العربية في شرم الشيخ في أجواء حرب مرتبطة بعاصفة الحزم ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن.

وأثرت العمليات العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية وبمشاركة خليجية فعالة باستثناء سلطنة عُمان التي نأت بنفسها-ما يشكل تحولا إستراتيجيا ومقاربة جديدة من الطرف العربي الذي لطالما وصف بالمتحفظ والمتردد والبطيء باتخاذ القرارات التي عادة ما تتسم بردات الفعل وعدم المبادرة.

لذلك شكلت عملية عاصفة الحزم نقلة نوعية غير مسبوقة في العمل العربي والخليجي خصوصا لنجاح السعودية في حشد تحالف كبير وواسع من دول مؤثرة في الخليج والوطن العربي والإسلامي. ويؤسس النجاح لمرحلة جديدة ومختلفة ويخلط الأوراق ويجعل الحلفاء مثل أميركا وأوروبا والناتو يتساءلون هل يمكن للطرف العربي والخليجي أن يبادر ويخطط وينفذ ويشن حربا حديثة بشكل مهني ويقود تحالفا عريضا من دول عديدة؟ خصوم الدول الخليجية كإيران استغلت الفراغ الإستراتيجي منذ عقد من الزمن وتدخلت في شؤون الدول العربية وتفاخر بلغة استفزازية بسيطرتها عن طريق حلفائها على أربع عواصم عربية من بغداد إلى بيروت ومن دمشق إلى صنعاء. وتحول إيران لإمبراطورية وعاصمتها بغداد وتمددها للمرة الثالثة في تاريخها وهناك تهديد الرئيس روحاني »المعتدل« للسعودية والكويت بدفع ثمن تآمرهما لخفض أسعار النفط. ما يعني أن قوة إيران بالدرجة الأولى،هي بسبب ضعف وتردد الطرف العربي. واقتناع إدارة أوباما المهووسة بالتوصل لاتفاق نووي مع إيران،بأن إيران دولة محورية مهمة في الشرق الأوسط وبإمكانها لعب دور في حل ملفات شائكة ومعقدة خاصة في ظل تراجع الوجود الأميركي وحاجتها لدولة يمكنها أن تضبط الأوضاع حتى لا تهدد مصالح أميركا في المنطقة. ما يقلق حلفاء واشنطن الخليجيين هو تحالف واشنطن مع طهران وإغفال الولايات المتحدة مصالحهم وتركهم يواجهون تدخلات وسياسة إيران بمفردهم.

ولهذا كانت عاصفة الحزم لدعم الشرعية في اليمن. ولاحتواء المشروع الإيراني وضربه في الصميم وخلط الأوراق وإرسال رسالة لا للعبث في أمننا وفي عقر دارنا من أي طرف وخاصة من إيران. وكان لافتا أنه لأول مرة منذ قيام الثورة الإيرانية يُطرح سؤال في إيران: هل ممكن أن تقوم السعودية بشن ضربات عسكرية ضد إيران. ما يعني تغيرا في العقلية الإيرانية وتحول السعودية مع الدول الخليجية إلى ند لإيران؟ وأن إيران وحلفاءها في المنطقة أصبحوا لأول مرة منذ سنوات في وضع دفاعي وإعادة الحسابات وتواضع بعد أن كانوا في موقع هجومي وتدخلات وتحدي وتصعيد وتهديد.

وبتحقيق هذه النتائج تكون عاصفة الحزم قد حققت أهدافا ونتائج مبهرة. واليوم تنتقد إيران العملية العسكرية وتصفها بخطأ إستراتيجي. بينما القمة العربية في لحظة نادرة اجمعت في البيان الختامي على دعم الشرعية في اليمن وعملية عاصفة الحزم وإنشاء قوات عربية مشتركة.

شُنت عاصفة العزم لإعادة الشرعية في اليمن وكما قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في شرم الشيخ في الذكرى السبعين لقيام الجامعة العربية «أن عملية عاصفة الحزم ستستمر حتى ينعم اليمن بالأمن والاستقرار معربا عن أمله في أن يتوقف التمرد الحوثي…وأن الإرهاب والتطرف تقودهما دولة إقليمية تهدف لبسط سيطرتها على اليمن». أما الرئيس اليمني فقد وُضع تحت الأسر من قبل الانقلابيين الحوثيين وعانى وانتقل لعدن من صنعاء واحتل الحوثيون قصر الرئاسة في صنعاء وقصفوا قصر الرئاسة في عدن،وصل الرئيس شرم الشيخ عن طريق السعودية التي ساهمت بنقله وتأمين حمايته لنقل صوت اليمنيين للقادة العرب و للمشاركة في القمة العربية.

طالب الرئيس الشرعي لليمن هادي،الذي أكد البيان الختامي للقمة العربية على شرعيته،«استمرار عاصفة الحزم حتى استسلام العصابة(الحوثيون).«وأكد أمير دولة الكويت،رئيس القمة العربية وأكد على السابقة في الكويت،على زيادة المشهد السياسي في الوطن العربي سوءاً وتعقيداً في القمة العربية وأكد على دعم السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في حقها في الدفاع عن نفسها بعد أن استنفدت جميع الجهود في محاولة لإيجاد حل للأزمة اليمنية وإقناع المليشيات الحوثية بالطرق السلمية.«وأن تحالف عاصفة الحزم اتى استجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي بتقديم المساندة الفورية عربيا ودوليا بما يحفظ اليمن وشعبه ويصون سيادته ووحدة أراضيه استنادا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

أما أمير قطر الشيخ تميم بن حمد،فقد وصف ما قام به الحوثيون بأنه«اعتداء على عملية الانتقال السلمي فى اليمن ،يُفرّغ نتائج الحوار الوطني من مضمونها وتصادر الشرعية السياسية وتقوض مؤسسات الدولة،والأخطر من هذا كله أنها تزرع فى اليمن بذور ظاهرة مقيتة لم تكن قائمة فيه وهي الطائفة السياسية ولهذا تتحمل ميليشيات حركة انصار الله والرئيس السابق علي عبدالله صالح المسؤولية عن التصعيد الذى جرى مؤخرا..وعلينا جميعا الاصطفاف الى جانب الشرعية فى اليمن ورفض سياسة فرض الامر الواقع،وذلك للحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره. ولن تألو دولة قطر جهدا فى تحقيق ذلك بالتعاون مع الأشقاء.

هذا التطور النوعي في العمل العربي المشترك أسس الأرضية لاعتماد القمة العربية قرار إنشاء قوات عربية مشتركة. وشكل استهداف حليف إيران في اليمن والدعم العربي والدولي الكامل لعملية عاصفة الحزم كغطاء بضربة موجعة لمشروع إيران والمحور الذي تقوده في المنطقة وبنكسات مؤلمة. وعزل لحلفاء إيران واصطفاف عربي ضد مشروع وتمدد إيران في الدول العربية وخاصة في منطقة الخليج العربي. ما يشكل انتكاسات لإيران وحلفائها.الانتكاسة الأولى كانت صدمة عاصفة الزخم وتداعياتها الموجعة على إيران وحليفها الحوثي حيث استهدفت مواقع الحوثيين والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح.

أما الانتكاسة الثانية لإيران وحلفائها فتمثلت بعجزهم مع الجيش العراقي وميلشيات الحشد الشعبي،عن السيطرة على تكريت. ما دفع الولايات المتحدة للتدخل العسكري وطرد مليشيات الحشد الشعبي وحرمانها من المشاركة في العمليات العسكرية.

وتمثلت الضربة الثالثة بسقوط بصرى الشام في ريف درعا بيد المعارضة وتقدم المعارضة في ريف ادلب في سوريا بالرغم من دور الحرس الثوري الإيراني ومقاتلي حزب الله.ما يشكل نكسات وضرب لهيبة ودور ومكانة إيران ومشروعها الإقليمي وتغييرا في نظرة واشنطن إن إيران قادرة على الانجاز في ملفات الشرق الأوسط الشائكة والمعقدة والمتداخلة. بينما الطرف العربي غير قادر على تقديم أي انجاز أو مبادرات أو حل الأزمات.

وهكذا غيرت عاصفة الحزم جيوبولتكية المنطقة خلال أيام. ولكن التحدي لا يزال كبيرا،وهناك مطالبات اليوم بعاصفة حزم في العراق وسوريا. ولكن المطلوب اليوم نجاح عاصفة الحزم في تحقيق أهدافها في اليمن لنثبت لأنفسنا وحلفائنا وخصومنا استقلاليتنا لنطمئن الأشقاء والحلفاء وكسب ثقة القوى الكبرى ونردع الخصوم من دول ومن فاعلين من غير الدول..وللحديث صلة.