أقلامهم

بدر الديحاني: القطاع الخاص وخلل التركيبة السكانية

تعاني التركيبة السكانية خللاً يتمثل بأن عدد المواطنين لا يشكل سوى ثلث العدد الإجمالي للسكان، في حين يضم الثلثان الباقيان ما يقارب 120 جنسية مختلفة، أي أن المواطنين هم الأقلية الكبيرة في المجتمع إن جاز التعبير، مع ما يترتب على ذلك من تحديات تنموية كثيرة، ومشاكل اجتماعية، وثقافية، وأمنية أيضاً، وهو الأمر الذي جعل موضوع معالجة الخلل في التركيبة السكانية يرد باستمرار في أي حديث رسمي أو غير رسمي عن التحديات التنموية وخطط التنمية، وهو ما أشارت إليه أيضا الخطة التنموية متوسطة الأجل الجديدة للسنوات 2015/ 2016 – 2019/ 2020، حيث ذُكر من ضمنها أهدافها الرئيسة (معالجة خلل التركيبة السكانية).  
ومع أهمية طرح هذا الموضوع لما يشكله من تحدٍّ حقيقي، إلا أن الأهم هو تحديد آلية تحقيقه؟ أي كيف؟
للإجابة عن هذا السؤال يتعين علينا أولا معرفة أسباب خلل التركيبة السكانية، التي تأتي في مقدمتها طبيعة تركيبة القوى العاملة، إذ يحتل غير المواطنين النسبة الكبرى، فالمواطنون لا يمثلون سوى 17.4% من إجمالي القوى العاملة البالغة نحو 2.33 مليون نسمة وفق إحصاءات 2013، وإذا ما أضفنا إلى ذلك عدد أفراد أُسر العمالة الوافدة، فهذا معناه أن التركيبة السكانية لها ارتباط وثيق بسوق العمل، وأي معالجة جدية لمشاكلها لا بد أن تعالج أولاً موضوع الخلل بتركيبة القوى العاملة.
ومع الأخذ في عين الاعتبار أن الأغلبية الساحقة من العاملين في القطاع الخاص هم من العمالة الوافدة (96%)، في حين لا يشكل المواطنون سوى نسبة (4%) وهو ما أكدته، من جديد، مديرة إدارة الإحصاء في الإدارة المركزية للإحصاء عندما ذكرت “أن عدد العاملين في القطاع الخاص هو مليون و458 ألفا، منهم 61 ألفا و652 كويتيا” (القبس 25 إبريل 2015)، فهذا معناه أن السبب الأساسي لخلل التركيبة السكانية هو العمالة الوافدة في القطاع الخاص، فكيف ستعالجه الحكومة في حين تقوم خططها حتى عام 2035، ومن ضمنها الخطة متوسطة الأجل التي بدأ تنفيذها هذا الشهر، تقوم على أن “القطاع الخاص يقود النشاط الاقتصادي”، وذلك اتساقا مع الهدف الثاني من الأهداف الاستراتيجية الستة للتنمية حتى عام 2035، كما جاء في القانون رقم (10 لسنة 2010)، وهو أن “القطاع الخاص يقود التنمية وفق آليات محفزة، حيث يعكس هذا الهدف ريادة القطاع الخاص للنشاط الاقتصادي باعتباره قاطرة النمو…”.
 بعبارة مختصرة، هناك تناقض واضح لا يمكن إخفاؤه بين الإصرار على قيادة القطاع الخاص لما يُسمى “قاطرة التنمية”، وبين معالجة خلل التركيبة السكانية التي هو سببها الرئيسي، وهو ما يعني عمليا أن الخلل سيستمر!