كتاب سبر

تطوّر خطير على العقل الاستراتيجي السعودي

قفز العقل الاستراتيجي السعودي بعد عاصفة الحزم وربما قبلها إلى مرحلة استيعاب أدوات الإزعاج على الطريقة الإيرانية.. ثم يتم (التضبيط) ومعالجة الأمور بعد ذلك!.. وهذا تطور مهم للغاية، فالسعودية (الجديدة) كما هو واضح لم تعد تخشى المنحى القطري والتركي سواء في سورية أو العراق، وغيرهما ، بل حتى القاعدة وداعش وغيرهما، تماما كما استخدمت إيران القاعدة في العراق!
وسورية (الوطن) أو الدولة التي يتم الصراع عليها، ويتقدم اسمها وتطوراتها الأخبار، من الواضح أن أيا من القوى الموجودة على الأرض لن يمكنه السيطرة عليها كليا بعد انهيار النظام وبالتالي لم يعد ممكنا لإيران إرهاب السعودية بالقاعدة أو داعش بعد أن تم تحطيم فزاعة الحوثي باليمن حتى وإن استفادت القاعدة من ذلك.. فإذا كان الطرف الآخر يستخدم حزب الله وميليشيات تأتمر باسمه وأحيانا يقيم تناغما مع القاعدة أو داعش بهدف الإرهاب فلا بأس من فعل الشيء ذاته في ساحات الصراع المختلفة!.. وهكذا تتوفر قناعة الآن كما تفيد المصادر على الأرض، بأن السعودية وقطر وتركية تؤيد جيش الفتح مع أنه يضم القاعدة وجبهة النصرة والإخوان!.. وقد أحدث هذا التحالف تغيرا مهما في الساحة السورية بعد أن حرر إدلب ثم اجتاح جسر الشغور وها هو يقاتل عند تخوم جبال العلويين واللاذقية.. وهي العاصمة الصيفية للنظام.. وهي قاعدة الأسطول الروسي مع بانياس وطرطوس.. وهي تمدد دويلة العلويين من حيزها الجبلي الضيق!
لهذا رأينا وزير دفاع بشار الأسد يهرع إلى طهران بعد تلكؤ موسكو بتقديم دعم فوري جراء جفاف الخزينة السورية، فسارعت طهران لرفدها بمليار دولار!.. وهنا جواب سعودي مباشر للإيرانيين: تريدون استنزافنا في اليمن!؟.. حسنا.. ها نحن نستنزفكم في سورية ولننظر من يتحمل ويصبر أكثر.. ويتم هذا في ظل تطور أكبر يجري الإعداد له على قدم وساق.. وقد يتزامن مع تحرير عدن كليا فالاستعدادات مكثفة في الغوطة لاقتحام دمشق، وهذا يفسر طلب مخابرات النظام من عوائل نخبه الأمنية والعسكرية أن تحزم حقائبها استعدادا للذهاب إلى اللاذقية حيث معركة الختام والمصير!.. وهذا يفسر أيضا الروح الانهزامية في حزب الله اللبناني ويأس الطرف الحوثي من أي نجدة إيرانية خصوصا بعد قمع ومنع محاولات التسلل الجوي إلى اليمن.
إن تلخيص المسألة مفاده أنها معركة على عدة محاور.. وإذا كان العراق مؤجلا الآن فسيأتي وقته.. وكذلك لبنان، وضمن مؤشرين بالغا الدلالة، ففي لبنان تمتد اليد السعودية لتقوي الجيش اللبناني بالسلاح الفرنسي وكلما قويت الدولة وجيشها ضعف حزب الله وتراجع دوره، وفي غزة يتم الإعلان تن إعمار حي سعودي كامل بأموال السعودية في إشارة إلى قدرة سعودية على احتواء (حماس) في حال هي أرادت ذلك وسحبها من إيران، وهكذا نعود لنقطة البدء فعقل الرياض الاستراتيجي مستندا إلى ثقة كبيرة بقدرته لم تعد تزعجه التعارضات وصار قادرا على اللعب بها كما تفعل إيران، وهكذا نعود لنقطة البدء فعقل الرياض الاستراتيجي مستندا إلى ثقة كبيرة بقدرته لم تعد تزعجه التعارضات وصار قادرا على اللعب بها كما تفعل إيران.. أو كما انفردت إيران بالمنطقة منذ عام 2003 بعد الاحتلال الأميركي للعراق وتسليمه لها.