أقلامهم

السياسة قليلة أدب

السياسة فن الممكن، وبتعريف آخر هي فن ادارة المجتمعات، علم جذوره التاريخية تمتد الى بداية وجود المجموعات البشرية واجتماعها في بقعة جغرافية معينة، اضطر معها كل شخص الى ايجاد طريقة معينة للتفاهم وتوحيد القرار حول أي قضية تعترض حياتهم اليومية وهي بالتأكيد قضايا بسيطة تعكس بساطة الحياة آنذاك وتمحورها حول أمور رئيسة مثل الطعام وغيره.
تطور هذا العلم واحتضنته المجتمعات الكبيرة وأسست له النظريات وانطلق المفكرون والساسة في تجذيره وتحويله الى علم يدرس في أعرق الجامعات والمعاهد في العالم، مع كل هذا التطور والتمكن لم يستطع أحد أن يوحد طريقة ممارسته على أرض الواقع باعتباره علما انسانيا لا يخضع للارقام في مقدماته ولا نتائجه.
مارسنا نحن العرب السياسة وفق بيئتنا وأبجدياتها وقوانينها التي ترفض بعض الممارسات ولو شكليا، فتجدنا نرفض القهر والقمع ونحن أول من يمارسه اذا تواجهنا مع من نختلف، نرفض رذائل الاخلاق اذا كانت علنية ونمارسها في غياب العيون، إشكاليتنا عميقة ويجب المرور عليها وتسليط الاضواء تجاهها فأول حل للمشاكل هو الاعتراف بها والاقرار بوجودها.
ففي الحياة السياسية المصلحة هي ما تحكم التوجه وفي حياة العرب هناك أمور اخرى هي التي تحكم، في السياسة يمكنك التراجع لتحقيق مصلحة أو للحفاظ على المكتسبات وفي حياة العرب التراجع منقصة تلاحق مرتكبها الى احفاد أحفاده وتعتبر عارا لا يمكن التخلص منه مهما فعلت، في السياسة التفاوض يعتبر أحد الحلول وعند العرب التفاوض قبول بالدنية، واقع مؤلم وقيم ورثناها عن سلفنا لا يمكننا التخلص منها كليا، ولذلك نجد الجمود يلف كل نزاع سياسي في أي بقعة عربية، الجميع لا يريد النزول عن رأيه قيد أنملة فتتكاثر التبعات والويلات وتدفع الشعوب ثمنها لا القادة.
السياسة متحركة ومتنوعة وتقبل كل شيء وعندنا الرأي لا يقبل القسمة الا على نفسه فقط وربما سنحتاج نحن العرب لسنوات أخرى من الممارسة وقبول وجود آخرين لا يعتنقون معتقداتنا وأفكارنا السياسية، ونحتاج أكثر الى آلية تحسم الخلاف وتجعل الخاسر فيه يقبل سقوط حلوله ولو مؤقتا مع ايجاد البيئة النظيفة التي تضمن له ممارسة حرية رأيه لاقناع الآخرين، مجموعة من الأسس والمبادئ الديموقراطية التي ستحرك سفننا المتجمدة والراسية في ميناء الأنا ومرسى رأيي أو الطوفان. تفاءلوا.