أقلامهم

خلود الخميس: هل من «عاصفة حزم» تنسف أوهام الفرس وتعيد أمل العرب؟!

أقيم قبل فترة في لاهاي مؤتمر لنصرة الأحواز العربية المحتلة منذ قرابة التسعين عاما، وذلك بعد أن اقتطعتها بريطانيا من العراق وضمتها إلى إيران في العام 1925 وكانت ترمي لتقليص النفوذ الروسي في إيران، ومنذ ذاك قضي على إمارة بني كعب العربية بأسر دولة فارس للشيخ خزعل الكعبي في العام ذاته.
ونبذة بسيطة عن الأحواز، فقد شُيدت على ضاف نهر قارون وسط محافظة خوزستان وتعادل مساحتها مساحة بلاد الشام (سورية- لبنان- فلسطين- الأردن). أما أهلها فقد شُيِّعوا قهرا، تماما كما شيَّع إسماعيل صفوي بلاد فارس السنية أصلا، ونشر فكرة الدولة الصفوية على أشلاء السنة بامتطاء المذهب الشيعي واستقدام العاملين من جبل لبنان (ومنه كل من يُكنى بالعاملي) لتعليمهم المذهب الاثنا عشري ومراقبة إتِّباعه تطبيقه أو القتل.
إن العاطفة الدينية والأيديولوجية دائما أكبر سبب في الحشد للرأي العام لقضية أطماع شخصية وسلطوية، الأحواز بقيت تسعين عاما تناضل للخلاص من الحكم والتحكم الفارسي بمذهبهم واحتقار إنسانيتهم، فقد كان العرب يعاملون بدونية وثأرية.
وعن ذلك كتب أمير طاهري في كتابه «حراك العرب في الأحواز»: «تكون فرصة دخول الجامعات الإيرانية للعرب أقل باثنتي عشرة مرة من نظرائهم الإيرانيين بسبب سوء التعليم في مقاطعتهم ولطبع أسئلة امتحان الدخول للجامعات التي تجرى بالفارسية وتركز على حضارتها».
واستطرد: «يعاني العرب من التمييز في فرص العمل والرتب الوظيفية والرواتب مقارنة بنظرائهم من غير العرب، كما اتبعت السلطات سياسة تفريس الإقليم لتغيير طابعه السكاني بجلب آلاف العائلات من المزارعين الفرس إلى الإقليم منذ العام 1928، وكانت سرعة تكاثر هؤلاء أعلى من سرعة تكاثر العرب، وأدى اكتشاف النفط في الإقليم في 1908 إلى جذب مئات الآلاف من الفرس إلى خوزستان ما غير التركيبة السكانية». أما المؤرخ الإيراني أحمد كسروي فيقول «إن قبائل بكر بن وائل وبني حنظلة وبني العم كانت تسيطر على الإقليم قبل الإسلام، ثم خضعت القبائل العربية للمناذرة من السنة الميلادية 368- 633، وبعد الفتح الإسلامي انحلت تلك القبائل إلى القبائل العربية الأكبر منها والتي استوطنت المنطقة في السنوات الأولى للفتح الإسلامي الذي قضى على الإمبراطورية الساسانية». الرحالة الألماني كارستن نيبور، وكان يعمل لحساب الدنمارك وجاب الجزيرة العربية في العام الميلادي 1762، أشار في مذكراته للأحواز، وقال «لا أستطيع أن أمر بصمت مماثل بالمستعمرات الأكثر أهمية التي رغم كونها منشأة خارج حدود الجزيرة العربية هي أقرب إليها، أعني العرب القاطنين الساحل الجنوبي من بلاد الفرس، المتحالفين على الغالب مع الشيوخ المجاورين، أو الخاضعين لهم. وتتفق ظروف مختلفة لتدل على أن «هذه القبائل استقرت على الخليج (العربي- الفارسي)» في كتاب نيبور «قبل فتوحات الخلفاء» وقد حافظت دوما على استقلالها.
يقول نيبور: «ومن المضحك أن يصور جغرافيونا جزءا من بلاد العرب كأنه خاضع لحكم ملوك الفرس في حين أن هؤلاء الملوك لم يتمكنوا من أن يكونوا أسياد ساحل البحر في بلادهم الخاصة، لكنهم تحملوا صابرين على مضض أن يبقى هذا الساحل ملكا للعرب». وكرر قوله تأكيدا لفكرته: «أخطأ جغرافيونا حين صوروا لنا جزءا من الجزيرة العربية خاضعا لحكم الفرس، لأن العرب هم الذين يمتلكون جميع السواحل الإمبراطورية الفارسية من مصب الفرات إلى مصب الإندوس في الهند، وصحيح أن المستعمرات الواقعة على السواحل الفارسية لا تخص الجزيرة العربية ذاتها ولكن بالنظر إلى أنها مستقلة عن بلاد فارس ولأن لأهلها لسان العرب وعاداتهم فقد عنيتُ بإيراد نبذة موجزة عنهم»، انتهى كلامه.
الذي يجهله أو تجاهله كثير من المثقفين العروبيين أن الأحواز الإيرانية التي شُيعت وفُرست، منطقة يقطنها إخوة لهم في العروبة، تلك الأحواز المنسية عربيا وسنيا.
عشرة ملايين من الأحوازيين فتنوا في عقيدتهم، ويقفون في صف «مفرمة فارس» الأبشع من تلك التي نصبها شاههم من قبل لمعارضيه، وكل هذا ليعود مُلك كِسرى، «ونحن نؤمن بما أخبرنا به الذي لا ينطق عن الهوى في الحديث الشريف إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله».
فهل من «عاصفة حزم» تنسف أوهام الفرس وتعيد أمل العرب؟!
twitter @kholoudalkames